يستضيف مركز سعد زغلول للفنون في القاهرة، معرضاً عنوانه «أقل من مهم»، وهو من تنسيق مؤسسة إستوديو خانة للفنون المعاصرة، بدعم من المركز الثقافي الفرنسي في القاهرة. يقدم المعرض ست تجارب بصرية تحت مفهوم «الهامشي». ويقول منسقو المعرض إن الأعمال تسعى إلى ما يمكن أن نسميه عملية رصد أو توثيق أو عرض لتجارب هامشية، لا تعدو أن تكون نصوصاً ثانوية على حافة السياق العام لمجرى الأحداث. وتشكل هذه النصوص وعينا الشخصي بالحياة من دون أن ندري، فهي تجاربنا الذاتية التي قد لا تلفت انتباه أحد غيرنا. «يبحث الفنانون في النصوص المنسية والأحاديث المتداولة، وما يتم فقده بالتدريج من معالم، عما يتم تجاهله عادة بقصد وأحياناً من دون وعي... دعونا قليلاً نبحث في النصوص المهمشة بالفعل، ونخوض معاً رحلة مسخها، فقد نقف بذلك أمام أنفسنا عراة، ونكتشف أننا لسنا في حاجة لارتداء الملابس الرسمية». يوضح هذا النص المأخوذ من البيان المرافق للعرض الإطار العام لما نحن مقدمون على رؤيته داخل الصالات. علينا أن نجهز قريحتنا للرؤية وأعيننا للفهم، كون الأعمال تمس طريقتنا جميعاً في فهم العالم من حولنا، والأشياء الهامشية والصغيرة ما هي إلا لبنات لبناء الوعي المدرب على ملاحظة العموميات وتهميش التفاصيل. داخل الصالات، تطالعنا أماندا قرداحي - وهي فنانة مصرية أميركية - بعمل فيديو وتجهيز لما يبدو أنه جلسة نميمة حميمة بين أصدقاء. يعرض الفيديو تحت عنوان «حوارات مفلترة على ترابيزة مدورة». في هذا العمل اختارت قرداحي أن تتجه عين المشاهد إلى الأسفل، فآلة العرض المثبتة في سقف الغرفة تعرض ما لديها على سطح دائري على الأرض، يظهر الفيديو طاولة مستديرة حولها بعض الأشخاص الذين لا نتبين ملامحهم. لا نلمح سوى الأيدي التي تشي حركتها بحوار ما، وبينما ننظر إلى ما يحدث كمتلصصين يستمر النقاش الحميم. على الطاولة تبعثرت بعض التفاصيل الصغيرة، علب سجائر وقنينة، وأكواب فارغة، بعض المسليات لتمضية الوقت في نهم الحديث المتواصل. الفنان محمد عز الدين، فنان مصري يتعامل مع الفوتوغرافيا كوسيط للتعبير، هو لا يصوّر بقدر ما يستكشف فعل التصوير، يختبر أثر الآلة أحياناً في تجارب ملهمة. في عمله الذي يعرضه تحت عنوان «ليس خطئي» يقدم عز الدين مجموعة من الصور الفوتوغرافية التي حفظت على شريحة ذاكرة فيها خلل. ويستثمر هو هذا الخلل الذي أصاب الشريحة، فيمعن في رصد ما حوله، بينما تتخذ الذاكرة للصور مساراً آخر، هي توفق بعضها إلى بعض، تحذف وتضيف، تمعن في التشويه وتسترسل في فرض قانونها الخاص بفعل آلية العطب التي أصابتها، لكنها من دون أن تدري تبعث لنا برسالة ما. هي تعمل عمل الدماغ البشري في تلاعبه بالصور المخزنة في داخله، وتوليفه بين الأحداث. الحقيقة افتراضية وتائهة أحياناً في زحمة هذه الصور المتوالية من حولنا. الصور الفوتوغرافية التي يعرضها عز الدين مرفقة بنصوص شوهت عن عمد من طريق برنامج التحويل النصي على الهاتف. ساندرين بلتير فنانة سويسرية شاركت من قبل في نشاطات نظمتها مؤسسة إستوديو خانة. وهي تعتمد في جزء من أعمالها على الإيحاءات التي تثيرها الأشكال المألوفة، فتعمد إلى نظم عناصرها في سياقات بصرية خادشة للفراغ. في عملها المشارك تحت عنوان «لا يوجد طريق» تطعّم الفنانة السويسرية عناصرها المعلقة على حائط القاعة بكلمات مكتوبة بالإنكليزية. «infinite» (لا نهاية) كلمة محفورة على مرآة عتيقة تستقبلك عند الدخول إلى قاعة العرض، صورتك المشوشة داخل المرآة تمتزج على نحو ما مع الكلمة المحفورة على سطحها. على الحائط المجاور، تشكيل من الخشب يبدو عليه أثر الزمن، تستوعب قتامته جملة وحيدة ذات إيحاء «لا يوجد طريق يجمعنا معاً». وفي العمل ثمة ما يثير إحساسا بتوقف الزمن أو تجمده عند لحظة ما، والحضور هنا له لون باهت، يشبه الغياب. أنا كاترينا شيدغير فنانة سويسرية تعتمد في أعمالها على العديد من الوسائط. وهنا تعرض فيديو بعنوان «منقوش ومحفور» يتضمن صوراً متتابعة لعلامات الجسد، وُشُوم وحروق وندوب بعضها يبدو متعمداً يرسم أشكالاً وكتابات. أما المشاركة الأخيرة، فهي عرض حكي للفنان محمد صعيدي وهو فنان وممثل شاب، شارك في عدد من الأعمال المسرحية والتلفزيونية والسينمائية، وقدم عدداً من عروض الحكي منها «هايدي» و«حسن ونعيمة». في العرض الذي يقدمه صعيدي تحت عنوان «حكاية من العالم الثالث»، وهي عن رجل يبحث عن حلول لمـــشكلاته المادية، فيقوده البحث إلى التــورط في كارثة دولية يكون فيها كبش فداء لكيانات أكبر وأكثر تأثيراً. الحكاية مستوحاة من نص «حكايات من أزقة وحواري العالم الثالث» للكاتب الأرجنتيني أوزفالدو دراكون.
مشاركة :