زعماء فرنسا وبريطانيا وألمانيا يبحثون التطورات في سوريا

  • 3/4/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تشهد باريس يوما استثنائيا بالنسبة للملف السوري الذي سيحتل واجهة الأحداث الفرنسية بفضل مجموعة من اللقاءات والاتصالات التي ستجري اليوم في العاصمة الفرنسية، وعلى رأسها اللقاء الذي سيجمع بعد الظهر الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند وولي العهد السعودي وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز، حيث سيكون الملف السوري على رأس جدول مباحثاتهما الخاصة بالقضايا الإقليمية. والواضح من مجمل ما وصل أمس إلى الإعلام وما سربته المصادر الغربية، أن العواصم الأوروبية عازمة على التوصل إلى موقف قوي ومشترك إزاء التطورات التي تعرفها الساحة السورية بشأن اتفاق وقف الأعمال العدائية التي ترى، أن روسيا، ومعها قوات النظام السوري، لا تحترمها حقيقة رغم تراجع مستوى العنف ووصول المساعدات الإنسانية إلى عدد من المدن والبلدات المحاصرة أو المعزولة. والأهم من ذلك، وفق مصادر فرنسية، أن العواصم الغربية الثلاث «باريس ولندن وبرلين» تريد أن «تضع النقاط على الحروف مع الرئيس بوتين»، وذلك خلال المحادثة الهاتفية الجماعية التي ستجرى اليوم والتي ستضم الرئيس فرنسوا هولاند والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون. وأعلنت متحدثة باسم كاميرون، أمس، أن الزعماء الثلاثة ستكون لديهم الفرصة «ليقولوا معا وبوضوح للرئيس بوتين إننا نريد لوقف إطلاق النار هذا أن يصمد وأن يكون مديدا وأن يمهد لانتقال سياسي حقيقي». الأمر اللافت في هذا الاتصال أنه لا يشمل الرئيس الأميركي باراك أوباما فيما كانت الأطراف الغربية الثلاثة تحرص دوما في السابق على تنسيق المواقف مع واشنطن. وبحسب مصادر فرنسية رسمية تحدثت إليها «الشرق الأوسط» في وقت سابق، فإن الأوروبيين الذين يكتوون أكثر من غيرهم من تداعيات الأزمة السورية على بلادهم، إن بسبب الأعمال الإرهابية أو بسبب تدفق اللاجئين إلى أراضي الاتحاد الأوروبي «قلقون» من التساهل الأميركي بشأن انتهاكات وقف الأعمال العدائية للاتفاق الذي توصلت إليه واشنطن وموسكو. وتريد العواصم الثلاث بلورة موقف موحد، الأمر الذي أوكل العمل عليه لوزراء خارجية البلدان الثلاثة. ولأجل هذا الغرض، سيجتمع صباح اليوم في مقر وزارة الخارجية في باريس وزراء خارجية فرنسا وألمانيا وبريطانيا «جان مارك أيرولت وشتاينماير وفيليب هاموند» بدعوة من الأول للنظر فيما آلت إليه عملية وقف الأعمال العدائية، وذلك بعد أسبوع على بدء العمل بها وقبل أسبوع من انتهاء مرحلتها الأولى والمفترض أن تدوم أسبوعين وفق ما تريده المعارضة السورية. ويأتي الاجتماع الثلاثي مباشرة عقب اجتماع سيضم أيرولت ووزير الخارجية السعودي عادل الجبير، وسيخصص هو الآخر في قسمه الأكبر للملف السوري. ويرافق الجبير ولي العهد في زيارته إلى باريس. وقالت الخارجية الفرنسية في بيان لها أمس، في معرض تقديمها للاجتماع الثلاثي الذي ستنضم إليه هيلغا شميت، مساعدة «وزيرة» الخارجية الأوروبية فدريكا موغيريني، إنه سيتيح للمجتمعين «تقويم» مدى الالتزام بوقف الأعمال العدائية التي يفترض أن «تحترم تماما»، كما سيوفر الفرصة للنظر في الوضع الإنساني وضرورة أن تصل المساعدات من غير عائق إلى كل أنحاء سوريا، عملا بمقتضيات القانون الدولي وبقرارات مجلس الأمن. كذلك أشار بيان الخارجية إلى أن المجتمعين سينظرون في المحادثات المنتظرة في جنيف بوساطة المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا من أجل التذكير بأن الهدف هو «التوصل إلى عملية انتقال سياسية وفقا للقرار الدولي رقم 2254». واستبق الرئيس هولاند ورئيس الوزراء كاميرون الاتصال الجماعي مع الرئيس بوتين بدعوة روسيا والنظام السوري «لوقف فوري للهجمات على المعارضة السورية المعتدلة»، واعتبرا أن الزحف على حلب «يقوض فرص السلام ويهدد بتعميق أزمة اللاجئين ويخدم تنظيم داعش». وجاءت هذه الدعوة في بيان صدر عن المسؤولين عقب لقاء القمة الذي جمعهما أمس في مدينة أميان (شمال باريس)، والتي شارك فيها وزراء الخارجية والدفاع من البلدين. كذلك دعا البيان روسيا ونظام بشار الأسد إلى وقف الهجمات على العيادات والمستشفيات وانتهاكات حقوق الإنسان. وترى باريس أن انتهاك اتفاق وقف الأعمال العدائية يبين أن «الطرف الآخر» غير راغب بالتطبيق الأمين للاتفاق، وترجح أن يكون غرضه «نسف إمكانية العودة إلى جنيف 4، وبالتالي الاستمرار في العمليات الحربية التي يرى الطرفان الروسي والسوري (النظام)، أنها تخدم مصالحهما وتقوي مواقع دمشق التفاوضية». وتلاحظ المصادر الأوروبية أن عملية وقف الأعمال العدائية وإعداد نص القرار الدولي رقم 2268 الأخير الذي وفر الغطاء الشرعي للهدنة الحالية تمت عن طريق التوافق بين الوزيرين كيري ولافروف. والحال، وفق هذه المصادر، فإن كيري يبدو أكثر فأكثر «متساهلا» في التعاطي مع نظيره الروسي، والدليل على ذلك أن القرار الدولي الأخير لم يشر إلى الهيئة العليا للمفاوضات المنبثقة عن مؤتمر المعارضة السورية في الرياض في شهر ديسمبر (كانون الأول)، واكتفى بالإشارة إلى «المعارضة السورية» للتفاوض مع وفد النظام. وخلاصة هذه المصادر أنه يتعين على الجانب الأوروبي أن «يسمع صوته»، لأن الغرض لا يجب أن يكون وقفا جزئيا للأعمال القتالية بل هدنة حقيقية تمكن من العودة إلى طاولة المفاوضات في جنيف التي حدد دي ميستورا موعدها في التاسع من الشهر الحالي والانطلاق مكنها من أجل تحقيق عملية الانتقال السياسي. هل سيسمع صوت القادة الأوروبيين؟ وهل لديهم القدرة للضغط على الرئيس بوتين؟ تعترف المصادر الأوروبية بأن الإمساك بزمام المبادرات السياسية والدبلوماسية والعسكرية يعود اليوم للعاصمة الروسية التي فرضت نسقا معينا منذ أن دخلت بقوة نهاية سبتمبر (أيلول) في الحرب السورية. كذلك فإنها ترى أن وسائل الضغط المتوافرة اليوم على الرئيس بوتين «ليست كثيرة، وهي سياسية بالدرجة الأولى». والحال أن قناعتها أن التحولات الميدانية هي التي ستفرض شكل الحل على طاولة المفاوضات. لكن الصعوبة الأولى التي تعاني منها هي محدودية قدرتها على التأثير الميداني وحاجتها إلى ريادة عسكرية أميركية، الأمر الذي لا تتوقعه في الوقت الحاضر ما دامت واشنطن تراهن على العمل الدبلوماسي والسياسي الذي لا يبدو قوي الأثر على الطرف الروسي.

مشاركة :