حكومة السراج بين مطرقة الفوضى وسندان التدخّل

  • 3/4/2016
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

بعد أن توافق الليبيون على حكومتهم الجديدة، زالت العقبة الرئيسية أمام التدخل العسكري الغربي ضد تنظيم داعش، ولكن المعضلة باتت تكمن في رفض حكومة فائز السراج، التي يكبّلها غياب مؤسسات الدولة وضعف الجيش وانتشار الفوضى وتنازع السلطة. فلم يعد التدخل الدولي ضد التنظيم، الذي يسيطر على مساحات واسعة من ساحل ليبيا يستهدف المنشآت النفطية في البلاد، رهن وجود حكومة وفاق وطني ليبية، بل يتطلب الأمر أيضا الاستناد إلى قواعد قانونية، كما يصعب الحصول على قرار في الأمم المتحدة نظرا للحاجة إلى موافقة روسيا. لكن يبدو أن القلق الدولي من توغل داعش في ليبيا، الذي تقدر قواته بنحو سبعة آلاف مقاتل والذي يؤسس قاعدة لشن مزيد من الهجمات ضد أوروبا وشمال أفريقيا، جعل مسألة الحصول على تفويض قانوني للتدخل ليست ذات أهمية. تحديات ليبية وفيما أكد الناطق باسم الحكومة الليبية المعترف بها دوليا حاتم العريبي أن حكومته لم ولن تسمح بدخول أية قوات أجنبية إلى الأراضي الليبية، تواجه حكومة السراج تحديات كبيرة تجعل مهمتها في القضاء على التنظيمات الإرهابية شبه مستحيلة. وإلى جانب الفوضى وغياب مؤسسات الدولة، فإن الأراضي الليبية منقسمة بين حكومتين وبرلمانين يتنازعان السلطة، ما خلق فراغا استغله داعش لبسط نفوذه في أكثر من منطقة، لاسيما تلك الغنية بالنفط. كما يشهد برلمان طبرق المعترف به دوليا خلافات حادة بين النواب بشأن منح الثقة لحكومة السراج، وهو ما قد يحتم عليه نقل جلساته إلى مدينة ليبية أخرى تجنبا للاصطدام مع النواب المعارضين. كذلك، يخوض الجيش الليبي حربا معقدة ضد مسلحين وجماعات متشددة في أكثر من منطقة بإمكاناته المحدودة، وفي ظل تناحر القوى السياسية والعسكرية في البلاد، وقرار دولي بحظر تسليحه منذ العام 2011. إجماع بالرفض وبالتوازي، فإن رفض دول الجوار الليبي لأي تدخل عسكري يضع عقبة أخرى أمام التحركات الدولية المعلنة. وأكدت تونس أنها لن تشارك في أي تدخل يستهدف ليبيا، كما أنها لن تقدم أي مساعدات عسكرية في إطار التحالف الدولي. كما أعلنت المغرب رفضها لأي عمل عسكري، مشددة على ضرورة إعطاء الأولوية للحل السياسي. فيما أكدت الجزائر أنها لا تؤمن بالحل العسكري، ولا تعتقد بأن تصعيد الوضع من خلال التزويد بالسلاح قد يشجع على تحقيق التهدئة. أما إيطاليا، التي لم تخفِ السماح لطائرات أميركية بدون طيار باستخدام قاعدة في صقلية لتنفيذ ضربات ضد داعش، فقد أعلنت أن التدخل العسكري واحتلال البلاد بقوات غربية لا يمكن تصوره. غارات أميركية هذا الرفض الداخلي والخارجي لم يمنع تحركات سرية وعلنية في ليبيا، حيث كشفت التسريبات والتصريحات الرسمية وجود قوات برية أجنبية وتنفيذ ضربات عسكرية ضد أهداف إرهابية هناك. الولايات المتحدة اعترفت مؤخرا بشن غارات جوية ضد التنظيم الإرهابي، كان أبرزها قصف معسكر تدريب في صبراتة (شمال غرب)، ما أسفر عن مقتل عشرات المتشددين، ولكنها أكدت أن ذلك ليس بداية حملة جوية دولية. قوات برية فيما سرّبت صحيفة لوموند الفرنسية معلومات سرية بوجود وحدة من القوات الخاصة وخدمة العمليات السرية التابعة لوكالة المخابرات الفرنسية تشارك في المعارك البرية في ليبيا، بالتنسيق مع الولايات المتحدة وبريطانيا، إلى جانب شنّ الطيران الحربي الفرنسي سلسلة من الضربات الجوية في الأراضي الليبية، كان أبرزها في نوفمبر الماضي وأدت إلى مقتل أحد زعماء التنظيم المعروف بـ أبي نبيل العراقي. كما كشفت صحيفة تليغراف البريطانية عن وجود قوات خاصة بريطانية في مهمة سرية لدعم جماعات مسلحة ليبية تقاتل ضد التنظيم، موضحة أن لندن نشرت بصورة سرية مستشارين عسكريين، يعملون مع القوات الأميركية في مدينة مصراتة، لبناء جيش لقتال داعش. جبهة جديدة دعت صحيفة ذي غارديان البريطانية الغرب للنظر بعين الاعتبار إلى حالة الفوضى التي تشهدها ليبيا، التي تحولت إلى جبهة جديدة للحرب ضد تنظيم داعش. واعتبرت الصحيفة أن تفكك ليبيا يرجع إلى نقص الاهتمام الدولي والمتابعة الدبلوماسية بعد العام 2011، ولذا تشهد البلاد حالة من الفوضى التي لا يستطيع الغرب أن يغض الطرف عنها، ما يتطلب وضع السياسة الصحيحة لتخطي ذلك.

مشاركة :