ضحايا «السحر».. المستشفيات ترفضهم و«الرقاة المحتالون» يستغلونهم

  • 3/5/2016
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

تسبب رفض المستشفيات استقبال وعلاج ضحايا السحر والشعوذة في تفاقم معاناة المرضى الصحية والمادية، وظهور سوق سوداء لمن يدعون العلاج بالرقية الشرعية، بهدف الكسب المادي السريع، وزاد من تفاقم المشكلة غياب نظام تنظيم عمل الرقاة الشرعيين الذي من شأنه القضاء على حالات الفوضى والنصب والاحتيال والتسلط على أموال الناس وأعراضهم تحت غطاء الرقية الشرعية من قبل ضعاف النفوس وبعض مدعي الرقية الذين يستغلون حاجات الناس وبحثهم عن العلاج والتشافي من السحر بأي ثمن. إنشاء عيادات للرقية في المستشفيات يحقق التكامل ما بين العلاج الطبي والعلاج بالقرآن ويحمي المواطن من تجاوزات السوق السوداء وأكدت السجلات الأمنية عن تسجيل مراكز هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عدد من البلاغات من قبل نساء تقدمن بشكوى للهيئات ضد رقاة تحرشوا بهن جنسياً أو قاموا بابتزازهن بل وصل في بعض الحالات للاعتداء الجنسي مستغلين حالاتهن المرضية. أحد ضحايا رفض استقبال طالبي العلاج بالرقية الشرعية ذهب وأسرته المكونة من خمس بنات وولدين وزوجته ضحية لعمل سحري من قبل خادمتهم الإندونيسية روى ل»الرياض» معاناته في البحث عن علاج لأبنائه في أروقه المستشفيات ولم يجد، وامتدت معاناته للبحث في أماكن أخرى مما تسبب له في خسائر مادية وصحية، بل ودفعته الحاجة للبحث عن العلاج خارج المستشفيات فاتجه إلى الجهات المختصة المفترض أن تكون معنية بهذه الحالات وكانت دون اي نتيجه ليبقى امام معاناته المريرة لوحده منتظراً حلولاً عاجلة حيث يمثل نموذجاً وحالة واحدة من كثير من الحالات المشابهة التي تنتظر العلاج.. سوق سوداء للرقية الشرعية في البداية كشف المواطن أبو عبدالله عن معاناته وحكايته مع خادمتهم الأندونيسية وكيف قادتهم الصدفة ليكتشف أن ما يعانيه وزوجته وأبناءه وبناته من أعراض صحية طوال السنوات الماضية بسبب «عمل سحري» قامت به الخادمة لهم، لتمتد معاناته الصحية في البحث عن علاج بالرقية الشرعية ويكتشف أن جميع المستشفيات ترفض تقديم هذا النوع من العلاج للمرضى المصابين بأمراض بسبب الأعمال السحرية، وتستمر معاناة المواطن أبو عبدالله في البحث عن علاج ليكتشف سوقا سوداء للعلاج بالرقية الشرعية يفتقد الرقابة والتنظيم ويثقل عاتق المرضى وأسرهم، حيث تصل جلسات بعض الرقاة إلى مبالغ خيالية. المعاناة من سحر الخادمة يقول أبو عبدالله: بدأنا نكتشف أن سبب معاناتنا الصحية بسبب الخادمة التي تسكن معنا من سنوات طويلة بالمنزل ولا نستطيع الاستغناء عنها، فبعد عودتها من الإجازة في إحدى المرات لا حظت عوارض غير عادية على ربة المنزل، ولم نجد لها علاجا في الطب الحديث، وبعد أن نصحنا البعض أن نجرب العلاج بالرقية الشرعية وبدأنا نبحث عن بعض من يقدمون هذه الخدمة تفاقمت مشكلة الزوجة وبناتها وأبناءها الصحية، وتدهورت حالتهم، ومع الاستمرار في العلاج بالرقية اتضح لنا أن سبب المشكلة من الخادمة وأعمالها السحرية ومنها أنها كانت تضع مشروبا فيه أنواع السحر في «رضاعة» الطفلة التي كان عمرها ثلاثة أشهر في ذلك الحين، وقد تسبب لها مشكلة في الدم ما تسبب إدخالها المستشفى وأصبحت بين الحياة والموت، واستمرت معها المشاكل الصحية حتى هذا الوقت، حيث كانت هذه الخادمة مستمرة بفعلها المشؤوم في بقية أفراد الأسرة، وامتد عملها إلى رب الأسرة حيث كانت تضع السحر في الطعام والشراب بحكم عملها في المنزل، مبيناً أنهم منحوها الثقة والأمانة ثم استمرت بغيها في الابن الأكبر حيث كان مبتعثا خارج المملكة وتسببت الأعمال السحرية التي كانت تقوم فيها الخادمة إلى عودته للمملكة وترك البعثة حيث فوجئنا به يطرق باب المنزل على عكازات؛ بسبب سحر الخادمة له، ذاكراً أن الخادمة عطلت زواج بناته وذلك حسب أقوال المشايخ وأتضح لنا بأن الأسحار متعددة منها تعطيل الزواج عن بناتي وأمراض متنوعة تظهر على جميع أفراد الأسرة بين حين وآخر! رحلة البحث عن علاج وأضاف أبو عبدالله عن معاناته: لجأت لله عز وجل ثم إلى القرّاء ممن يعالجون بالرقية الشرعية ووجدت صعوبة في استمرارهم في مراحل الرقية الشرعية معي ومع أفراد أسرتي؛ بسبب المتطلبات المالية الكبيرة التي يطلبها القراء، كما تضاعفت معاناتنا مع الجهات الأخرى في البحث عن الجهة التي تقوم بتقديم هذه النوع من العلاج ولم نجد في جميع مستشفيات وزارة الصحة أي علاج لما نعانيه من أمراض صحية، أو من يقومون بتقديم علاج الرقية الشرعية عن طريق المستشفيات، وكذلك حاولنا التواصل مع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولم نتوصل إلى علاج، وكذلك فعلوا مع وزارة الشؤون الإسلامية، مبيناً أن معاناته تضاعفت في البحث عن علاج له ولأبنائه بعد أن تعرضت الخادمة إلى غيبوبة وأدخلت مجمع الرياض الطبي بسبب سماعها للرقية الشرعية في المنزل، مشيراً إلى أن سفارتها تطالب بتسفيرها إلى بلدها في حين ان عدد من المعالجين بالرقية الشرعية نصحوه بعدم السماح لها بالسفر حتى يتم ابطال السحر، مبدين مخاوفهم من استمرار معاناتهم مع السحر في حال تم تسفيرها إلى بلادها. وناشد الضحية من يمتلك القرار مساعدته في علاجه وعلاج أبنائه وحل معاناتهم وتقديم العلاج لهم، متمنيا منع سفر الخادمة حتى يتم شفاؤه وأبناؤه واستخراج السحر منهم. عيادات خاصة للرقية من جهته طالب محمد بن سعود العمر -مدير إدارة التوعية الدينية بصحة الرياض سابقاً والأمين العام للجمعية السعودية للدراسات الطبية الفقهية- بضرورة افتتاح عيادات بالمستشفيات والمراكز الطبية للعلاج بالرقية الشرعية لحماية المواطنين والمواطنات المتضررين من السحرة والمشعوذين، مضيفاً أن افتتاح العيادات القرآنية في المستشفيات والمراكز الطبية سيكون بإذن الله حماية للمواطنين والمواطنات والمتضررين من السحرة والمشعوذين والدجالين من الناحية الشرعية العقدية والأمنية والاجتماعية والصحية، بحيث تكون تحت رقابة الجهات المسؤولة في الدولة ويعمل فيها رقاة شرعيين ثقاة مرشحين ومكلفين من قبل جهات حكومية مختصة، خاصةً أن القرآن ليس له أي ضرر نفسي أو عضوي على المرضى بل هو كله شفاء وليس علاج أو دواء فقط، وبهذا يحصل التكامل بين العلاج الطبي والعلاج بالقرآن الكريم في علاج المرضى، مقترحاً على الجهات البحثية والأكاديمية المختصة بالقرآن الكريم والاعجاز العلمي بوضع منهج وآلية مناسبة لعلاج المرضى بالقرآن الكريم ودراسة أوجه الشفاء به وكيفيته. العلاج بالقرآن وعن أهمية العلاج بالقرآن الكريم في المستشفيات والمراكز الطبية أكد العمر على أنه تكمن أسباب الدعوة إلى تقنين العلاج بالقرآن في الخدمات الصحية في جملة من الأمور من أهمها أولاً: الأثر الكبير للقرآن الكريم في علاج الأمراض وشفائها، وحاجة المرضى للتداوي به، ثانياً: إيمان الناس بحمد الله بقول الله تعالى: «وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين»، ثالثاً: إقبال كثير من الناس على الرقاة لرقيتهم من أمراض السحر والعين وكذلك من الأمراض العضوية، مبيناً أن هناك مقترحات لتقنين العلاج بالقرآن في المستشفيات حيث يوجد مقترح بعيد المدى ويتمثل في تشكيل لجنة من الرئاسة العامة للبحوث العلمية والافتاء ووزارة الشؤون الإسلامية والمختصين من الكليات الشرعية من جامعة الإمام والملك سعود ووزارة الصحة حيث يمثلها إدارة التوعية الدينية وبعض الأطباء، مع مشاركة بعض القطاعات الصحية الأخرى لوضع آلية مناسبة لفتح هذه العيادات ولتقنين العلاج بالقرآن وفق ما جاء بالكتاب والسنة وبشكل مؤسسي ووضع منهج علمي علاجي في هذه العيادات، وكذلك منع أي علاج بالقرآن إلاّ من خلال هذه الآليات، والعمل على دبلوم شرعي صحي بالتنسيق مع إحدى الجامعات لتخريج الرقاة الشرعيين. تشكيل لجنة لترشيح الرقاة الثقات وذكر العمر أن المقترح الثاني مقترح للبدء في العلاج بالقرآن في الوقت الحالي ويتمثل في تشكيل لجنة لترشيح الرقاة الثقات، تتكون من قبل دار الإفتاء ووزارة الشؤون الإسلامية وأعضاء من الكليات الشرعية ووزارة الصحة والقطاعات الصحية الأخرى، وتتولى مكاتب التوعية الدينية بالمستشفيات الإشراف على الرقاة، وكذلك التعاون مع الرقاة الذين تم ترشيحهم من قبل اللجنة المذكورة أعلاه، وكتابة استمارة يوضح فيها الشروط والضوابط والمهام الخاصة بالرقاة بحيث يتم توقيعه عليها بالعلم والتقيد بها وعدم تجاوزها، ويعطى بطاقة متعاون من قبل المستشفى يحق له الدخول إلى المستشفى، إضافةً إلى التأكيد على الرقاة مراعاة عدم رقية الرجل للمرأة إطلاقاً إلاّ مع محرمها مع عدم لمس الراقي لجسد المرأة سواء كان ذلك بحائل أو بغير حائل إلاّ في حالة الضرورة القصوى إن وجدت، والتنسيق مع بعض الأخوات والتعاون معهن لرقية النساء، وعدم تدخل الراقي في العلاج والأدوية التي قررها الطبيب للمريض إذا كانت لا تخالف الكتاب والسنة، وكذلك التأكيد على الرقاة عدم إيهام المرضى بإصابتهم بالعين أو المس أو السحر والاكتفاء بالقراءة فقط، وتحديد أوقات مناسبة للرقاة بحيث لا تعارض أوقات النوم للمريض ولا أوقات مرور الأطباء، إضافةً إلى التأكيد على العاملين في مكاتب التوعية الدينية وعلى الرقاة بيان أن أفضلية رقية المريض على نفسه، وتزويد المرضى بالمطويات والأشرطة التي توضح كيفية الرقية الشرعية مع إقامة حملة في ذلك. وبيّن أن افتتاح عيادات بالمستشفيات والمراكز الطبية للعلاج بالرقية الشرعية سوف يسهم بإذن الله تعالى في علاج كثير من الأمراض والحد من أعمال السحر والشعوذة، ومن أخذ البعض للرقية مهنة وعمل للرزق والمبالغة في أخذ أجرة عالية الثمن من المرضى وتصنيف القراءة إلى عامة وخاصة ومركزة وغيرها، والتساهل في رقية النساء بدون محرم واللمس المباشر أو بحائل أثناء الرقية. هيئة الأمر بالمعروف: دورنا «وقائي» فقط ولا نقدم الرقية الشرعية أكد د. تركي الشليل -رئيس هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمنطقة الرياض - إن الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تقوم بدور وقائي فقط وليس علاجياً، ولا تقدم خدمات للرقية الشرعية، مضيفاً أنه تم إنشاء وحدة خاصة بمكافحة السحر والشعوذة في الرئاسة العامة لتتولى تأهيل العاملين في الميدان للتعامل مع قضايا السحر والشعوذة، كما تتولى حماية المجتمع من ممارسي السحر والشعوذة بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة، مبيناً أنه حُدد للوحدة عدة مهام واختصاصات أبرزها: الوقاية من الوقوع في أعمال السحر والشعوذة والممارسات الخاطئة من الرقاة، وممارسي الطب الشعبي، وكذلك من يقوم بجريمة السحر والشعوذة، إضافةً إلى الحد من أخطارهم وآثارهم، ووضع الاستراتيجيات والسياسات والضوابط التي تعين المباشرين للعمل على أداء الأدوار المنوطة بهم وتمكنهم من التصدي لهذه المنكرات بصورة مُثلى، وفق الإمكانات المتاحة، وحسب الأنظمة واللوائح، إلى جانب الإشراف على الأعمال الميدانية في الرئاسة وفروعها لمكافحة السحر والشعوذة. وعن موضوع العلاج بالرقية الشرعية أوضح أنه فيما يتعلق بالرقية فقد شُكلت لجان في جميع مناطق المملكة من عدة جهات من ضمنها الرئاسة العامة لمتابعة مزاولي الرقية، والتأكد من التزامهم بالمنهج الشرعي في مزاولتهم لها، وعدم وجود مخالفات سواء كانت عقدية أو أخلاقية أو مالية، وفي حال ثبوت شيء من ذلك يتم معالجتها حسب التعليمات. «رقاة الاستراحات» ومحلات العطارة يدعون علاج الأمراض المستعصية! اسهم عدم وجود نظام للعلاج بالرقية الشرعية في المستشفيات في فتح الباب واسعاً لمحلات العطارة وبيع الأعشاب ومن لامهنة لهم لممارسة هذا الدور حيث أصبحت هذه المحلات تقدم خدمة بيع القراءات في قوارير المياه أو الزيوت أوالعسل وبعض الخلطات العشبية وتصنيفها لعلاج العديد من الأمراض المتنوعة ومنها الأمراض المستعصية مثل مرض السرطان وغيره وتطور الأمر عند بعض مدعي الرقية الشرعية للقيام بفتح استراحات لاستقبال المرضى طالبي العلاج ممن يتعثر علاجهم بالمستشفيات وتتفاوت الأسعار من موقع لآخر ومن شيخ لآخر. وتمتد القراءات التي يقوم بها هؤلاء للقراءة على بعض الكريمات والدهانات وتصنيفها لعلاج مرض معين لا يتم علاجه إلا عن طريق الدهان حيث تصل أسعارها في بعض محلات العطارة إلى مبالغ عالية في الوقت الذي لايتجاوز فيه سعر العلاج في الصيدليات عشرة ريالات، أما أسعار المياه المقروء عليها وحسب جولة قامت فيها "الرياض" على عدد من محلات العطارة فتبدأ من خمسة ريالات وتصل للعشرين ريالاً. ويؤكد عدد ممن يلجؤون للبحث عن العلاج بالرقية في محلات العطارة والاستراحات إلى أن عدداً من المستشفيات ترفض تقديم هذا النوع من العلاج ونظراً لحاجة المريض للعلاج والبحث عن مسببات الشفاء ومنها العلاج بالقرآن فإنهم يلجؤون إلى هذه المواقع مؤكدين أن التداوي بالقرآن الكريم جائز كما جاء في كثير من الأحاديث. وعن الصعوبة التي تواجههم في الحصول على العلاج بالقرآن عند البحث عنه أكد عدد من مرتادي تلك المواقع أن أصعب ما يواجههم هو الوصول إلى أشخاص ثقات ومشهود لهم ووجود قارئ مشهود له بالعدالة في دينه وخلقه وأتباعه للنهج المستقيم وأن يكون من الحاصلين على مؤهلات في العلوم الشرعية وممن يجيدون سلامة نطق الآيات. وعن المخاوف التي تواجه الباحثين عن العلاج بالرقية الشرعية يؤكد عدد من مرتادي محلات العطارة أن كثيراً من المخاوف تراودهم في بعض الأحيان من استعمال تلك الزيوت أو الدهانات أو المياه المعروضة في محلات العطارة أن تكون مغشوشة ولم يتم القراءة عليها نهائيا أو تكون القراءة بطريقة غير صحيحة حيث نسمع أن عدداً من المشايخ يمارسون القراءة على المرضى فقط لكسب المال والكسب السريع ولا يقصد به مرضاة الله ومنهم من ينفث بالقراءة بشكل جماعي على جميع المياه الموجودة بالمحل أو على الأشخاص الموجودين بالاستراحة أو يستخدم مكبرات الصوت ليسمع الجميع فقط دون معرفة المريض والمرافق له، كما يذكر بعض ممن التقتهم "الرياض" أنهم لا يثقون في العمالة التي تبيع تلك المياه وتلك الزيوت أو العسل لأن أغلب تلك العمالة من العمالة الآسيوية ولا تعرف نوع العلاج وكيف يستخدم، ومن المشكلات التي تواجه المرضى مرتادي محلات العطارة "جنس المريض" حيث إن كثيراً من النساء ممن يطلبن الرقية الشرعية قد يتعرضن للتحرشات الجنسية أو الخلوة غير الشرعية أثناء القراءة وقد سجلت مراكز الشرط والهيئات كثيراً من البلاغات ضد عدد ممن يمارسون عمل الرقية الشرعية على النساء.

مشاركة :