تنقضي الأحد المهلة التي منحها رؤساء أركان دول المجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا (إيكواس) لانقلابيي النيجر للتراجع والسماح بعودة الرئيس بازوم. عدم الاستجابة قد تعني تدخلا عسكريا ربما يزيد من حدة المخاطر المحدقة بالمنطقة. .شباب وأطفال يجتمعون عند دوار الفرنكوفونية في نيامي مع حلول المساء ملبّين دعوة الانقلابيين يحتشد أنصار المجموعة العسكرية التي أطاحت بالرئيس المنتخب محمد بازوم، في ظل الخشية من تدهورٍ في الأوضاع قد يصل إلى حدود التدخل العسكري الأجنبي. وتأتي هذه التحركات استجابة لدعوة المجلس العسكري الممسك بالسلطة سكانَ نيامي إلى "اليقظة" حيال "الجواسيس والقوى الأجنبية" والابلاغ عن أي تحرك "لأفراد مشبوهين". وقال أبو بكر كيمبا كولو، منسق لجنة دعم "المجلس الوطني لحماية البلاد" إنه أوعز بانتشار عدد من أفراد اللجنة عند عدد من الساحات المركزية في نيامي، مضيفا "الجميع يلتفّ عند هذه الدوارات بهدف دخول العاصمة". وشدد على أن ذلك جزء من "قتال الشعب" دعما للإنقلاب. إلى ذلك شهدت النيجر الجمعة والسبت تظاهرات دعم للإنقلابيين في مختلف أنحاء البلاد، رُفع خلالها العلمان النيجري والروسي، إضافة الى صور العسكريين الذين نفذوا الانقلاب، وفق التلفزيون الرسمي وصحافيين محليين. مهلة إيكواس يأتي ذلك بينما تنتهي الأحد (السادس من آب/ أغسطس 2023) المهلة التي منحها رؤساء أركان دول المجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا (إيكواس) للتراجع عن انقلابهم، مع صياغة خطة لتدخل عسكري في حال لم يستجب الانقلابيون لهذا المطلب وسط انغلاق نافذة المساعي والحلول السلمية للأزمة. ويرجح المراقبون عدم استجابة الانقلابيين، ما ينذر بعمل عسكري جديد على أراضي أفريقيا. وحسب صحيفة واشنطن بوسطن مستندة على مصدر لم تسميه، فإنّ المجلس العسكري في النيجر طلب مساعدة مجموعة فاغنر العسكرية الخاصة الروسية في التصدي لأي تدخل محتمل. وكان وزراء دفاع دول مجموعة إيكواس قد أعلنوا الجمعة الماضية الانتهاء من وضع اللمسات الأخيرة لخطة التدخل العسكري بانتظار ساعة الصفر التي يحددها زعماء الدول الأعضاء. وكان ذلك عقب فشل مهمة فريق وساطة أرسل إلى النيجر يوم الخميس، حيث لم يسمح له بدخول العاصمة نيامي للقاء قائد المجلس العسكري عبد الرحمن تياني. يذكر أن قرارات إيكواس تتخذ بإجماع الدول الأعضاء. انقسامات واضحة وبينما أبدت دول كنيجيريا والسنغال الاستعداد لإرسال قوات تحت مظلة إيكواس، اعتبرت دول أخرى، كمالي وبوركينافاسو، تدخل المجموعة في النيجر بمثابة "إعلان حرب" عليها، متوعدة بالرد. الجزائر هي الأخرى، والتي تربطها حدود مشتركة مع النيجر، أبلغت وفدا زائراً من إيكواس معارضتها للتدخل العسكري، رغم "رغبتها في استعادة النظام الدستوري". وقال الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في مقابلة تلفزيونية مساء السبت "نرفض رفضا تاما وقطعيا التدخل العسكري في النيجر"، مضيفا أنه "لن يحل أية مشكلة بل سيؤزم الأمور"، متسائلا "ما هو الوضع اليوم في الدول التي شهدت تدخلا عسكريا؟"، في إشارة إلى ليبيا وسوريا. المخاطر والتحديات من جهتها حذرت مجلة فورين بوليسي الأمريكية من أن "إعادة فرض رئيس النيجر (بازوم) يمكنه أن يشكّل طلقة بداية الحرب في أنحاء غرب أفريقيا". وأحصت المجلة عددا من المخاطر التي تواجه مهمة إيكواس العسكرية المحتملة، مشيرة إلى تاريخ التكتل المكون من 15 دولة والذي أنشئ عام 1975 بهدف تعزيز التكامل الاقتصادي عبر المنطقة. وأشارت إلى أنه على الرغم من تمحور مبادئ إيكواس حول إنشاء وحدة تجارية واحدة، على غرار سياسات الاتحاد الأوروبي، لتكون كيانا اقتصاديا وليس كيانا عسكريا أو سياسيا، فإن لها بروتوكولات دفاعية تنص على أن أي تهديد يواجه أي دولة عضو يعد تهديدا ضد الكيان ككل. ونقلت المجلة عن كاميرون هادسون، من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، أن إيكواس لم تفعل ذلك خلال الخمسة عشر عاما الأولى من تشكيلها، وهي اليوم تواجه انقساما بين دولها الأعضاء، ما سيفرض تحديا كبيرا لسلطتها الإقليمية. وقال إن النيجر لديها جيش كبير "ولا سبيل لحدوث ذلك (التدخل العسكري) دون خسائر مدنية هائلة ودون مخاوف من صراع إقليمي متنامٍ". النفوذ الروسي المخاوف شديدة من أن يتحول غرب القارة الأفريقية في حال اندلاع مواجهة عسكرية إلى بؤرة صراع جديدة تضاف إلى نزاعات تثقل كاهل القارة المنهكة بالفعل جراء أزمات عدة ليس أولها الإرهاب ولا آخرها أزمات غذاء. وهذه التحركات والانقسامات لا يمكن النظر إليها بمعزل عمّا يشهده العالم من صراع أشمل بين القوى الكبرى، خاصة في ظل المواجهات الدائرة بين روسيا وحلفائها من جهة والولايات المتحدة ومعسكرها من جهة أخرى، ما سيضيف هذه المنطقة من العالم إلى أوكرانيا كساحة جديدة للنزال. النفوذ الروسي يتعاظم في أفريقيا مع تراجع ملحوظ للدور الفرنسي الذي طالما كان حاضرا في هذا الجزء من القارة. ومن الملاحظ أن المجالس العسكرية التي تولت مقاليد الحكم في عدد من الدول لفظت وجود المستعمر السابق وعززت علاقاتها مع روسيا، حيث تعمل مجموعة فاغنر في عدد من تلك الدول، ومن بينها مالي، وكان لها دور كبير في تثبيت أركان الحكم فيها. بيد أن دولا غربية، من بينها ألمانيا وفرنسا، تقول إنه لا دلائل ملموسة على تدخل روسي مباشر في انقلاب النيجر، لكن هناك "توجه انتهازي بوضوح" من جانب موسكو التي "تحاول دعم مساعي زعزعة الاستقرار أينما وجدتها"، حسب المتحدثة باسم وزارة الشؤون الخارجية الفرنسية آن كلير لوجندر لمحطة "بي إف إم" الإذاعية، واصفة مجموعة فاغنر بأنها "وصفة الفوضى". و باريس التي تدعم جهود إيكواس ، حذرت من أن التهديد باستخدام القوة "جدّي". و.ب/م.س (أ ف ب، د ب أ، رويترز)
مشاركة :