(ملح وسمرة) دراما خليجية فائقة الجودة

  • 8/7/2023
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

الدراما الخليجية وبالتحديد الكويتية هي الأقدم في المنطقة وللفن الخليجي رموز فنية حفرت اسمها في ذاكرة المشاهدين ومتابعي المسلسلات الخليجية، منذ زمن طويل عزفت عن متابعة هذه الدراما لتكرار موضوعاتها وطريقة الطرح والأداء الذي أتحفظ عليه كثيرا، فأنا لست ناقدة فنية ولكنني متذوقة للفن بكل أنواعه وتخصصاته، أتابع بشغف كبير كل ما تطرحه الفنانة القديرة (هدى حسين) التي أطلق عليها (ملكة مسرح الطفل) وللخبرة دورها وكذلك الشغف والحرص الكبير من هذه الفنانة في احترام تاريخها الطويل وما تقدمه للمشاهد الذي يختارها ليتابع أعمالها لعلمنا الأكيد بأنها تحسن اختيار ما تقدمه لعقولنا ولبيوتنا ولأسرنا. أحسنت كثيرًا في اختيار توقيت مسلسل (ملح وسمرة) بعد موسم رمضان وحقق هذا المسلسل نسبة مشاهدة عالية جدًا عبر منصات التواصل الاجتماعي والمنصات الرقمية التي عرضت هذا المسلسل.. الموضوعات التي تم التطرق اليها في المسلسل كانت تطرح لأول مرة بهذه الجرأة والحرفية العالية بدون خدش للحياء وعدم تجاوز الخطوط الحمراء. بحثت عن مؤلف القصة فكان الدكتور حمد الرومي الطبيب الذي لم تمنعه مهنته في ممارسة الكتابة والذي أبدع في رسم الشخصيات على الورق للتحول إلى واقع عشناه عبر ثلاثين حلقة لم يكن هناك مجال للملل أو إطالة الأحداث فالقصص المطروحة كانت متلاحقة، فالممرضة هند وعائلتها لهم مع المشاهد حكايات تروى وتحتاج للتأمل والبحث عن مثيلها في حياتنا الاجتماعية، قصص سكت عنها كثيرا في مجتمعاتنا، فالتنمر والتعصب للون والقبيلة والعرق ثم التحرش بالأطفال من أقرب الناس لهم والسكوت المخيف الذي يولد عقدا نفسية تؤثر على حياة الإنسان ويدمرها ويعاني طوال حياته بدون أن يتكلم وتتفاقم المشاكل النفسية والمجتمع يعزز من هذا السكوت في ثقافة العيب الممقوتة التي تضر بحياة الإنسان التي لن يعيشها إلا مرة واحدة.. حكاية المطر والخوف منه طرحت في المسلسل بشكل يلامس أعماق النفس البشرية ولماذا نخاف من بعض الظواهر الطبيعية في معالجة لروح الإنسان ونفسه وذكرياته التي ترتبط بأحداث مؤلمة فيكون التعبير هو بالخوف والبعد والصمت الرهيب. لم تكن هدى حسين فقط هي البطلة في المسلسل، كل فريق العمل كانوا ابطالاً أدوا أدوارًا تعد نقطة تحول في مسيرتهم الفنية وهناك وجوه جديدة تتبناهم هذه الفنانة القديرة في كل عمل تقدمه للدراما الخليجية، توقفت عند شخصية الجار من ذوي الاحتياجات الخاصة المفكر المثقف الذي يؤمن بقدراته وبما يمتلكه من مواهب وكيف تغلب على اعاقته بالعلم والمعرفة والثقافة وكيف حول اعاقته لتكون مصدر الهام للآخرين كيف يواجهون الحياة بقوة الايمان بأننا قادرون على ان نترك لنا بصمة في هذه الحياة، حتى الأخت التي تعاني من مرض جلدي (البهاق) كم هو رائع المؤلف الذي تطرق لهذا الموضوع لأنني أعلم يقينا كم يعاني من يصاب بهذا المرض من مشاكل نفسية ونظرة المجتمع لهم وتحسسهم من نظرات الشفقة والخوف أحيانا من الاقتراب منهم وكأن حالتهم هذه قد تصيبهم بالعدوى وفي ذلك جهل مجتمعي كبير لمسببات المرض.. حتى مريضة السرطان كم كانت رسالتها قوية في أن نعيش الأيام التي قدر لنا أن نعيشها في هذه الدنيا بدون تذمر من الأقدار فنحن مؤمنون بأن ما كتب لنا سنراه ولن يضيعنا الله، الإيمان مصدر قوة عجيبة نستطيع به مواجهة كل التحديات والصعوبات والآلام والأحزان والهموم مهما بلغ مداها وضراوتها.. وللمخرج العبقري علي العلي كلمته في ختام المسلسل مع رقصة المطر، شكرا لك لأنك ختمت المسلسل بأغنية الفنان القدير عبدالكريم عبدالقادر -رحمه الله- وأهديت هذا الختام لروحه الطيبة وكم هي رقصة مبهرة وجميلة ومبدعة وأداء عالي الجودة وتعبيرات ولغة جسد حققت فيها القديرة هدى حسين كل معاني الحرفية في العمل بحب وشغف وتقمص للشخصية فكانت هند التي عرفت طريقها لشط الأمان. ختامًا كم أتمنى بأن ينال هذا المسلسل ونجومه وفي مقدمتهم البطلة حقهم من التقدير في كل المحافل الفنية فهم يستحقون كل الإشادة والتكريم.

مشاركة :