القاهرة 7 أغسطس 2023 (شينخوا) سجلت أسعار السجائر في مصر ارتفاعات متسارعة وكبيرة خلال الأسابيع الأخيرة بشكل يفوق القدرات المالية لغالبية المدخنين الذين يبلغ عددهم 18 مليون شخص، بحسب آخر إحصاء رسمي. وطال الارتفاع القياسي الذي لا يتوقف في الأسعار جميع أنواع السجائر الأجنبية والشعبية، بشكل يكدر المزاج العام للمدخنين. وتنتج مصر في العادة 85 مليار سيجارة سنويا وهو نفس معدل استهلاك المصريين، ما يعني أن هناك اكتفاء ذاتيا من السجائر في السوق المصرية، حسبما قال إبراهيم إمبابي رئيس الشعبة العامة للدخان والسجائر باتحاد الصناعات لوكالة أنباء ((شينخوا)). ومع ذلك، أقر إمبابي بوجود أزمة في سوق السجائر حاليا أرجعها إلى عدة أسباب من بينها أزمة شح الدولار التي تعاني منها مصر. وتستورد شركات صناعة السجائر في مصر احتياجاتها من التبغ، وهو المادة الخام التي يصنع منها السجائر، من الخارج من دول مثل الهند وفرنسا وإيطاليا وغيرها. وتضم قائمة الشركات التي تقوم بصناعة السجائر في مصر كلا من شركة (الشرقية للدخان) و (المتحدة للتبغ) واليابان الدولية للتبغ (JTI) التي تصنع السجائر في خطوط الإنتاج الخاصة بالشرقية للدخان. وأضاف إمبابي أن كميات السجائر التي يتم ضخها حاليا في السوق في مصر انخفضت 20 %. ومن بين أسباب ارتفاع الأسعار أيضا، وفقا لرئيس الشعبة العامة للدخان والسجائر باتحاد الصناعات، جشع التجار الذين لجأوا إلى تخزين السجائر ما سبب حالة من الشح في المعروض في السوق. وأضاف إمبابي أن كل تاجر أصبح يحدد السعر الذي يريده عند بيع السجائر حتى وصل سعر علبة السجائر كليوباترا إلى 55 جنيها بينما سعرها الرسمي 24 جنيها فقط (الدولار الأمريكي الواحد يعادل نحو 30.90 جنيه). ودعا رئيس الشعبة العامة للدخان والسجائر باتحاد الصناعات إلى تدخل الجهات الرقابية للحد من ارتفاع أسعار السجائر في السوق. وأدى ارتفاع الأسعار إلى اختفاء بعض أنواع السجائر من السوق، بحسب رضا إبراهيم صاحب محل لبيع السجائر. وقال إبراهيم لـ ((شينخوا)) إن هناك أزمة كبيرة في توفير السجائر بسبب جشع التجار المتحكمين في السوق، وهناك أنواع ناقصة لا أستطيع الحصول عليها منذ أكثر من أسبوعين مثل سجائر (كليوباترا بوكس) التي اختفت من السوق. وأردف "أن هناك سجائر متاحة مثل (تارجت وسيلكت وإل إم وميريت ومارلبورو أحمر) لكن أسعارها مرتفعة والكمية التي كنت أحصل عليها قلت بشكل كبير وهذا أدى إلى انخفاض المبيعات بنسبة تزيد عن 60 %، والزبائن يعتقدون أننا نخفي السجائر عنهم وهذا غير حقيقي، فنحن متضررون مما يحدث وأتمنى أن تحل هذه الأزمة سريعا ". بينما دفع ارتفاع الأسعار أحمد هشام صاحب سوبر ماركت بمحافظة الجيزة جنوب غرب القاهرة إلى التوقف عن بيع السجائر لحين استقرار الوضع والعودة إلى السعر الحقيقي. وقال هشام لـ ((شينخوا)) "لقد توقفت عن بيع السجائر في المحل بسبب الارتفاع غير المنطقي للأسعار، فقد كنت أبيع علبة سجائر كليوباترا قبل الزيادة بـ 17 جنيها وأصبحت تباع حاليا بـ 55 جنيها، وسجائر (إل إم) كنت أبيعها بـ 30 جنيها ووصل سعرها إلى 70 جنيها، هذا جنون". وأرجع هشام هذا الارتفاع في الأسعار إلى كبار التجار الذين يتلاعبون بالسوق ويستغلون الظروف الحالية. وأشار إلى أن المدخنين في مصر يعتبرون السجائر وسيلة لتحسين حالتهم المزاجية، لكن اعتقد أن الارتفاع الكبير في الأسعار سيخفض مبيعات السجائر خلال الفترة المقبلة. وبالفعل دفع ارتفاع أسعار السجائر المدخنين إلى تقليل استهلاكهم، وقال وحيد أبو بكر (55 عاما) وهو موظف بإحدى الجامعات الحكومية "كنت أشتري علبتين سجائر في الأسبوع لكن حاليا استهلك علبة واحدة فقط". وقال أبو بكر لـ((شينخوا)) إن "موجة الارتفاعات في أسعار السجائر مستمرة وهذا فوق طاقتنا، فقد كنت أشتري علبة (إل إم أحمر) بـ 32 جنيها وحاليا وصل سعرها إلى 70 جنيها". أما محمد فتحي (31 عاما) وهو عامل في أحد المطاعم فقد لجأ إلى تغيير نوع السجائر التي يستهلكها بسبب ارتفاع السعر. وقال الشاب الثلاثيني "استهلك علبتين من السجائر يوميا بسبب ضغط الشغل لكن بسبب ارتفاع الأسعار قمت باستبدال نوع السجائر، فقد كنت أشتري علبة السجائر بـ 33 جنيها لكن حاليا من الصعب أن أجدها في المحلات، ولو وجدتها تكون بـ 80 جنيها لذلك اتجهت إلى نوع آخر بـ 40 جنيها". وتعد صناعة السجائر من أهم مصادر الإيرادات الضريبية للموازنة العامة في مصر، واستهدفت الحكومة خلال العام المالي 2022 - 2023 تحصيل إيرادات ضريبية على السجائر والتبغ بنحو 86.7 مليار جنيه، مقابل 79 مليار جنيه خلال العام المالي السابق عليه بنسبة نمو نحو 9.7 %، بحسب وسائل إعلام محلية. كما تعد السجائر أحد مصادر تمويل التأمين الصحي الشامل في البلاد، حيث فرض قانون التأمين الصحي الشامل الذي صدق عليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في العام 2018 رسوما تبلغ 75 قرشا من قيمة كل عبوة سجائر مباعة في السوق المحلية، وزيادتها كل 3 سنوات بقيمة 25 قرشا، لصالح الهيئة العامة للتأمين.