كشف الباحث في الشأن الثقافي عبدالله محمد الشهيل عن بعض كواليس وخفايا المؤسسات الثقافية في المملكة في بداياتها، حيث أكد في هذا الجزء من مراجعاته للمشهد الثقافي والتي بدأها في عدد "الوطن" ( 5619 ) الصادر 17 فبراير المنصرم، أن هناك من تسبب في تعطيل صندوق الأديب، وأن الازدواجية بين مهام الأندية الأدبية وجمعيات الثقافة والفنون أدت إلى ما وصفه ب"شخصنة" العمل الثقافي ومحاولة كل طرف توسيع صلاحياته على حساب الآخر. كذلك يكشف بصفته أحد القريبين من هموم هذه الأندية (عمل مديرا لإدارة الأندية الأدبية حتى 2000 )، عدة أمور من أهمها أن التوصيات التي كان تخرج عن اجتماعات رؤساء الأندية على مدى 20 عاما، بقيت حبرا على ورق، لأسباب عديدة يتحدث عنها الشهيل هنا. فماذا قال الشهيل؟ تكرار ممل ليست للأندية الأدبية اجتماعات ثابتة سوى اجتماع سنوي ظل يعقد على مدى عشرين عاما، حتى قبيل انتقال مسؤولية الثقافة إلى وزارة الإعلام حضرت منها ثمانية عشر اجتماعا، إذ درجت العادة على عقد اجتماع بينها بدعوة من أحدها برعاية وحضور أمير المنطقة التي يقع فيها النادي المضيف. كانت مدة الاجتماع بين يومين وثلاثة أيام، وتوصيات هذا الاجتماع طوال عشرين عاما لم يوافق إلا على القليل منها، والتوصيات كثيرة، ولكن أكثرها، مكررة ومنها: توسيع الصلاحيات، وزيادة الدعم المالي، ومساواتها، وإن ليس بمستوى تكاليف مباني النوادي الرياضية التي قامت على نفقة الدولة، بتحمل تكاليف بناء مباني الأندية الأدبية بأقل كثير جدا من الأندية الرياضية، المطالبة بتكوين مجلس عام للأندية الأدبية. وذلك لتسهيل انضمامها للاتحادات العربية والقارية والعالمية، وفي كل الأحوال فهذه الاجتماعات مفيدة للتعرف على مناطق الوطن، وبناء صداقات، وتوثيق علاقات، والتجديد والتعاون. ازدواجية ومصالح كان القطاع الثقافي بالرئاسة العامة لرعاية الشباب يتكون من: الإدارة العامة للأندية الأدبية، جمعية الثقافة والفنون، الإدارة العامة للنشاطات الثقافية، بيوت الشباب، إدارة التراث والفنون الشعبية. وبرغم أن هذه المكونات ليست كافية لبلد بحجم المملكة الجغرافي والديموجرافي ومكانتها، لم تسلم الثقافة من النقص والتشتيت، والازدواجية والشخصنة، وتضارب الصلاحيات، والتدخلات والتناقضات، والتحريف، وسلسة المحاذير التي في غالبيتها اجتماعية، ومن ذلك: حتى الوقت الذي سبق انتقال مسؤولية الثقافة إلى الإعلام، لم تُضم اللجنة الخاصة بتحديد الجهات التي تشارك المملكة في معارض الكتب التي تقيمها، ودراسة نوعية المشاركة، وتعيين الجهات التي تشارك فيها من المملكة للرعاية، فقد ظلت هذه اللجنة تابعة لوزارة التعليم العالي، الإدارة العامة للمكتبات ظلت بوزارة التربية والتعليم، إضافة الثقافة إلى جمعية الفنون لم تضف سوى مزيد من التعقيد والتدخل، وإعلانات وهمية عن برامج ثقافية لم ينفذ منها غير ما قام به النادي الأدبي، وإضافة الثقافة إليها كان بوعد لرئيسها الأسبق محمد الشدي، لأنني لم أطلع على قرار بهذه الإضافة، وقد أخرجها من فعاليات المجتمع المدني بنسبة تكاد تكون فيها: شبه تامة وعلى سبيل المثال لا الحصر: عطل رئيس الجمعية الأسبق الشدي قيام صندوق للأديب كنت قد اقترحته أثناء الاجتماع السنوي للأندية، وكان بضيافة نادي المنطقة الشرقية في الدمام قبل عشرين عاما، خلاصته: اقتطاع عشرة بالمئة لصالح (صندوق الأديب) من إعانة كل ناد أدبي السنوية هدفه مساعدة الأدباء بسداد دين، أو شراء أو استئجار منزل، أو عند العجز، أو المرض بالمبلغ الذي تسمح به ميزانية الصندوق. ولهذا الغرض شكلت لجنة من ثلاثة أعضاء، وأمانة من عضوين، وجميعهم من المعروفين بخبرتهم المالية والإدارية، لكن تدخل رئيس الجمعية حينها عطل دراسة الموضوع، وبالتالي تفعيل عمل هذا الصندوق، حيث أفهمنا عكس ما اتضح، وهو أن الجمعية عقب استعانتها بخبراء قد انتهت من دراسة تأسيس صندوق للأدباء، والكُتاب والفنانين: وافق على رفعه الرئيس.. وقريبا ستصدر الموافقة عليه.. لأنه ممول بالإضافة إلى إعانة الدولة من عدة بنوك، وكبار رجال الأعمال، إلا أن كل ذلك كان غير صحيح، وإلا ما انتظرنا منذ عشرين عاما ونيف صدور الموافقة عليه. والازدواجية في مكونات القطاع الثقافي برعاية الشباب لا حصر لها، ويطول ضرب أمثلة بشأنها، فمثلا رئيس جمعية الثقافة والفنون حينها كان يحاول توسيع صلاحياته على حساب مكونات القطاع الأخرى، ووكيل الرئيس العام لشؤون الشباب لا يختلف عنه كثيرا باسم الإدارة العامة للنشاطات الثقافية حاول أيضا، لكن لحسن الحظ الأمير فيصل بن فهد، رحمه الله، كان يعرف جيدا اختصاصات كل ما يضمه الجهاز الذي يرأسه ويدرك حقيقة الدوافع والأسباب.
مشاركة :