قدم الدكتور صائب عريقات، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح والتنفيذية لمنظمة التحرير، دراسة جديدة أمس تكشف بعض تفاصيل المواقف الدولية، وخصوصا الأميركية من القضية الفلسطينية وطبيعة العلاقة المعقدة مع إسرائيل، وسبل قطع العلاقات معها في المستقبل، وتشمل توصيات سياسية فلسطينية، واستراتيجية عمل، بما فيها إمكانية سحب الاعتراف بإسرائيل. وقال عريقات في دراسته الطويلة والمفصلة إن آخر لقاء بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس ووزير الخارجية الأميركي جون كيري في عمان في 21 من الشهر الماضي، لخص الموقف الأميركي «المنحاز» لإسرائيل، «حيث أدانت الإدارة الأميركية ما سمته العُنف الفلسطيني وعمليات الطعن والدهس، لكنها لم تقم بإدانة جرائم الحرب الإسرائيلية المُرتكبة بحق أبناء الشعب الفلسطيني». وجاء في الدراسة، التي تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منها، أن الرفض الأميركي استمر في هذا اللقاء «لسعي فلسطين للانضمام إلى المؤسسات والمواثيق الدولية، كما هددت باستخدام الفيتو ضد أي مشروع قرار يقدم لمجلس الأمن حول مبادئ وأسس الحل النهائي، أو أي مشروع قرار آخر حول الاستيطان، أو العضوية الكاملة لدولة فلسطين، أو إنشاء نظام خاص للحماية الدولية للشعب الفلسطيني». وقال عريقات إن الإدارة الأميركية طلبت من الرئيس عباس التريث والانتظار، وعدم تنفيذ قرارات المجلس المركزي الفلسطيني بتحديد العلاقات الفلسطينية - الإسرائيلية، ووعدت بالعمل على تغيير الأوضاع على الأرض، وذلك من خلال تقديم رزمة أو صفقة، إلا أن الحكومة الإسرائيلية رفضت ذلك. وعدد عريقات بعض النقاط الأخرى التي تدلل على «انحياز» الأميركيين إلى إسرائيل، ومنها طلب من عدد من أعضاء الكونغرس الأميركي إغلاق مكتب مُنظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، واحتجاز الكونغرس مبلغ 290 مليون دولار من المساعدات المخصصة للسلطة الفلسطينية، وذلك ردًا على انضمام دولة فلسطين للمحكمة الجنائية الدولية، والمصادقة على قانون مُعدل بإغلاق مكتب مُنظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، في حال فتح قضائي من قبل المحكمة الجنائية الدولية بحق أي مسؤول إسرائيلي. ولخصت الدراسة الموقف الفلسطيني الحالي، على لسان عباس إلى كيري، بأنه لا يمكن قبول استمرار الوضع على الأرض على ما هو عليه. وطلب عباس وجوب إلزام إسرائيل بمبدأ الدولتين على حدود 1967، ووقف النشاطات الاستيطانية كافة، وتنفيذ مُتبادل للاتفاقات الموقعة بين الجانبين، والإفراج عن الدفعة الرابعة من أسرى ما قبل أوسلو، ووقف محاولات تغيير الأوضاع في المسجد الأقصى المبارك. وهذه الطلبات، كما يوضح عريقات، هي شروط الذهاب إلى المفاوضات. وشدد عباس على حق دولة فلسطين الكامل بالانضمام للمؤسسات والمواثيق والبروتوكولات الدولية، وتسريع إجراءاتها في المحكمة الجنائية الدولية لإصدار قرار من المجلس القضائي بفتح تحقيق قضائي. كما أبلغ عباس كيري أنه يدعم الأفكار الفرنسية الهادفة إلى عقد مؤتمر دولي للسلام، بمشاركة الرباعية الدولية، وعدد من الدول العربية، ودول البريكس (الصين، الهند، جنوب أفريقيا، والبرازيل)، واليابان وتحديد جدول زمني للمفاوضات، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وإقامة دولة فلسطين بعاصمتها القدس الشرقية على حدود 1967، وحل قضايا الوضع النهائي كافة، استنادًا لقرارات الشرعية الدولية ذات العلاقة». وذكرت الدراسة الملفات التي تقدم بها الفلسطينيون للجنائية الدولية، وهي ملف الاستيطان، وملف العدوان على الأرض الفلسطينية بما فيها الحرب على قطاع غزة والقدس، وملف الأسرى. ورسم عريقات في الدراسة خريطة طريق للفلسطينيين عبر سؤال: هل ستكون دولة فلسطين على حدود الرابع من عام 1967 وبعاصمتها القدس الشرقية ضمن الخارطة الجديدة أم لا؟ وقال عريقات في هذا الشأن إن «أردنا ضمان أن تكون دولة فلسطين على حدود الرابع من عام 1967، وبعاصمتها القدس الشرقية، فعلينا أن نبدأ بتنفيذ برنامج تحديد العلاقات مع سلطة الاحتلال (إسرائيل) بشكل فوري، وذلك إن أردنا فلسطين على حدود 1967 وبعاصمتها القدس الشرقية أن تكون جزءًا من الخريطة الجديدة لمنطقة الشرق الأوسط. فالتكلفة قد تكون عالية وباهظة، ولكن مهما كانت تكلفة تنفيذ قرارات المجلس المركزي، فإنها ستكون أقل تكلفة من إبقاء الأوضاع على ما هي عليه»، وأضاف موضحا «قد يكون من المناسب أن يطرح على جدول أعمال اجتماع المجلس الوطني القادم دراسة إمكانية ربط اعتراف منظمة التحرير الفلسطينية بإسرائيل، باعتراف إسرائيل بدولة فلسطين على حدود1967». وأورد عريقات توصيات اللجنة السياسية، التي أقرتها اللجنة التنفيذية لمُنظمة التحرير الفلسطينية والمركزي، وهي تحديد الحدود الجغرافية لدولة فلسطين بحدود 1967 (الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة)، وقال إنه «لتحقيق ذلك نبدأ بوقف التنسيق الأمني، إذا ما رفضت سلطة الاحتلال الإسرائيلي إعادة المكانة الأمنية في المنطقة (أ ب)، حسب الاتفاقيات، ومنع قوات سلطة الاحتلال إسرائيل من دخول مناطق (أ)، وطرح مسألة تعليق الاعتراف بإسرائيل لحين اعتراف إسرائيل بدولة فلسطين، والبدء في التخلي عن اتفاق باريس الاقتصادي بإعادة تحديد العلاقة مع إسرائيل، وفك الارتباط الاقتصادي مع الاحتلال}.
مشاركة :