تونس/طرابلس - اتفقت تونس وليبيا على إيواء مهاجرين تقطعت بهم السبل على الحدود بين البلدين في تطور لافت في توقيته إذ يأتي على اثر تعرضهما لموجة انتقادات دولية من حكومات غربية ومنظمات غير حكومية ووُجه أكثرها للجانب التونسي بعد حملة شنتها السلطات على المهاجرين الأفارقة الموجودين على أراضيها دون تصاريح إقامة. كما يأتي الاتفاق الذي لم تتضح تفاصيله لكنه يؤكد التفاتة من الجانبين المعنيين بالأزمة الإنسانية المثيرة للجدل، بينما تقود ايطاليا جهودا كبيرة لدفع الاتحاد الأوروبي لتقديم دعم لتونس على ضوء أزمة مالية طاحنة قد تؤثر على جهودها في مكافحة الهجرة غير الشرعية. وتعتبر تونس وليبيا بوابتي عبور للمتسللين بحرا إلى ايطاليا ومنها إلى دول الاتحاد الأوروبي، في حين سيخفف الاتفاق الليبي التونسي على إيواء المهاجرين ممن تقطعت بهم السبل على الحدود بين البلدين، من حملة الانتقادات الغربية ويظهر للمجتمع الدولي أنهما يفعلان ما بوسعهما لمساعدة المهاجرين. وأجرى وزير الداخلية التونسي كمال الفقي ونظيره الليبي عماد الطرابلسي مباحثات تناولت ملفات بينها مكافحة الهجرة غير النظامية وتسهيل العمل على معبر رأس جدير الحدودي بين البلدين حيث شهدت العلاقات بين البلدين في الفترة الأخيرة بعض التوتر بسبب ملف الأفارقة غير النظاميين مع وصول عدد منهم الى الحدود مع ليبيا في ظروف وصفت بانها سيئة فيما اعتبرت تونس الصور التي نشرتها الجهات الرسمية الليبية واتهام تونس بالإساءة للمهاجرين بانها مضرة بالعلاقات بين البلدين. وقالت وزارة الداخلية التونسية في بيان إن الوزيرين بحثا، خلال لقاء في تونس مساء الأربعاء، "جملة من الملفات الأمنية المشتركة، أبرزها مكافحة الهجرة غير النظامية، وسبل تذليل الصعوبات لتسهيل الخدمات على المعبر الحدودي رأس جدير، والتحديات الأمنية المشتركة". وتم خلال الجلسة "الإشارة إلى أهمية ملف المهاجرين الأفارقة من دول الساحل (غرب أفريقيا) وجنوب الصحراء، وما له من تداعيات على البلدين والحدّ من تدفقهم على الحدود"، وفقا للبيان. ومنذ أسبوعين، يعانى مهاجرون أفارقة غير نظاميين أوضاعا إنسانية صعبة للغاية على الحدود التونسية الليبية، بعد طردهم من منازلهم إثر اشتباكهم مع تونسيين في محافظة صفاقس (جنوب) على خلفية مقتل شاب تونسي. وتعرضت تونس لانتقادات حقوقية على خلفية أسلوب تعاملها مع هؤلاء المهاجرين. في المقابل اعتبرت تونس ان الصور والتسجيلات التي نشرتها مجموعة تابعة لوزارة الداخلية الليبية بشان وصول المهاجرين للحدود الليبية وقد انهكهم التعب والعطش مسيئة لصورة تونس وللعلاقات بين البلدين. ودعا الوزيران المنظمات الدولية إلى المساعدة في "تقديم الدعم الإنساني وعدم التردّد في القيام بواجبها تجاه المهاجرين". كما اتفقا على "مزيد من التنسيق والتعاون الثنائي في المجال الأمني، خاصة في مجال تبادل المعلومات والتكوين ومكافحة الجريمة المنظمة". وقَّدر الفقي، في وقت سابق، عدد المهاجرين غير النظاميين في بلاده بحوالي 80 ألفا، بينهم نحو 17 ألف في صفاقس. ومنذ فترة، تشهد تونس تصاعدا لافتا في وتيرة الهجرة غير النظامية إلى أوروبا عبر البحر المتوسط، خصوصا باتجاه سواحل إيطاليا، على وقع تداعيات أزمات اقتصادية وسياسية في تونس ودول أفريقية أخرى، لا سيما جنوب الصحراء. وقد أكّدت مساعدة وزيرة الخارجية الألمانية كاتيا كويل، الأربعاء أن التعاون الثنائي بين بلادها وتونس، "مرتبط باحترام المعايير الإنسانية وحقوق الإنسان" فيما يتعلق باللاجئين والمهاجرين. وقالت وزارة الخارجية الألمانية في بيان نشر على موقعها الرسمي، إن كويل لفتت إلى أن "التقارير الحالية عن مصير اللاجئين والمهاجرين في تونس مروعة" خلال لقائها بكاتب الدولة للشؤون الخارجية التونسي منير بن رجيبة بالعاصمة تونس. وشدد الرئيس التونسي قيس سعيد، في وقت سابق، على رفضه أن تكون بلاده أرض عبور أو توطين للمهاجرين غير النظاميين من جنسيات إفريقيا جنوب الصحراء، مع تأكيد الاعتزاز بالانتماء الإفريقي. ووقعت تونس الشهر الماضي مذكرة تفاهم مع الاتحاد الاوروبي بشان مواجهة مشكلة الهجرة غير النظامية مقابل مساعدات مالية لكن الرئيس سعيد رفض ان تكون بلاده حرس حدود لاوروبا داعيا الى مواجهة ظاهرة الهجرة من خلال دعم مشاريع التنمية.
مشاركة :