أحد الأمثلة السياحية الناجحة، وما أكثر الأمثلة الناجحة في المسار السياحي ببلدنا، خاصة بعد أن أصبحت لدينا وزارة مستقلة للسياحة، قرية الأطاولة التراثية في منطقة الباحة ببلاد زهران محافظة القرى، كيف تحوَّلت تلك القرية من مبانٍ قديمة مهجورة إلى قرية تنبض بالحب والحياة، زرتُ القرية برفقة العائلة، وعند مدخل القرية شاهدنا شبابًا من الحراسات الأمنية يقومون بالتنظيم وتوجيه الزوار إلى حيث المواقف التي أُُعدّت خصيصًا لزوار القرية حتى لا يكون هناك ازدحام قد يُفسد على الزوار متعتهم، وكان ذلك المشهد مؤشرًا أوليًّا بأننا قادمون إلى مكان حرص القائمون عليه على أدق التفاصيل، وما أن تقف حتى تجد حافلة صغيرة (ميكرو باص) بانتظار ضيوف القرية لتنقلهم إلى حيث الفعاليات، وهناك شاهدنا ما يسرّ الخاطر من جمال المباني والمتاحف والفعاليات، كانت في بداية القرية الفعالية الزراعية عن كيفية الحراثة باستخدام الثيران التي تجر المحراث (اللومة) عن طريق (المقرنة) قطعة خشبية تقرن بين الثورين لجر المحراث، وبجوار عملية الحراثة يشاهد الزوار البنّائين وهم يقومون ببناء (المدماك) الجدار الحجري للمنازل، كما كان يُبنى في الماضي، وبنفس الطريقة مع ترديد الأهازيج لخلق نوعٍ من الحماس عند مَن يبني، ومن يحمل الحجارة، كقولهم (أربعة شالوا جمل.. والجمل ما شالهم!)، وأثناء المشاهدة تشتم رائحة الخبزة المعروفة في بلاد زهران (الخبزة المقناة) التي انتشرت رائحتها في المكان؛ حيث يتم إعدادها خطوة بخطوة على الجمر، بعد ذلك انطلقنا إلى المتاحف التي اختصرت لزوار القرية عامة، والأحفاد خاصة، صورًا من حياة الأجداد. التقيتُ بزوار من دول الخليج، ومن خارج المنطقة بالقرية، كان حديثهم عن روعة أجواء المنطقة، وجمال تضاريسها، لقد استمتعوا بكل التفاصيل في القرية من شيلات وعرضة، وكان لصوت خرير المياه الذي أحدث صدى متوافقًا مع منظر نبات (الدجر) المتدلي على أطراف المدرجات الزراعية، إمتاع لحاستَي السمع والبصر!، وقبل أذان المغرب عمّ الهدوء والسكينة؛ ليرفع أذان المغرب، وبعد الصلاة. كان ختام الزيارة مع المسرح الذي أُعدّ خصيصًا لزوار القرية وأبنائهم، فقد احتوى على فعاليات متنوعة جمعت بين المرح والفائدة، وهناك أمسيات أدبية تقام على ذات المسرح. الباحة تتمتع بكل مقوّمات السياحة والقربة، مجرد مثال واحد، ومع الإقبال المتزايد على منطقة، نحتاج لوجود الفنادق ذات الخمسة أو الأربعة نجوم، للأسف عند الحديث عن أهمية وجود الفنادق بالباحة يردد البعض بعدم الجدوى بحكم قلة زوار المنطقة، بعد انتهاء الإجازة الصيفية، فهل نجد تدخّل وزارات التجارة والسياحة وهيئة التراث وغيرها ممن له علاقة مباشرة وغير مباشرة بالسياحة؛ لإقناع أصحاب الفنادق بفتح فروع لهم مقابل تسهيلات من قِبَل الدولة ترضي الجميع. حتى لا ينسيني همّ الفنادق أن أشكر القائمين على القرية، ويمتد الشكر لإمارة منطقة الباحة وأمانتها على ما تقومان به من مجهودات ملموسة للرقي بالسياحة في المنطقة. Saleh _hunaitem@
مشاركة :