ياسر رشاد - القاهرة - على الرغم من رحيل الكاتب الكبير محمد أبوالعلا السلامونى قبل انطلاق الدورة الـ16 من المهرجان القومى للمسرح المصرى. فإنه حاضر وبشدة ضمن فعاليات المهرجان، سواء من خلال إطلاق اسمه على مسابقة التأليف أو وجوده ضمن أعضاء لجنة تحكيم إحدى المسابقات، وكتابته لأحد الأبحاث، حيث خصص المهرجان ندوة بعنوان «التوثيق والسيرة الذاتية» بالمجلس الأعلى للثقافة وشارك فى الندوة الفنان حلمى فودة الذى كلف بإلقاء وقراءة بحث الناقد والكاتب الكبير الراحل محمد أبوالعلا السلامونى الذى كتبه قبل الرحيل وكان مقرراً تقديمه فى الندوة، كما شاركت الناقدة د. وفاء كمالو بدراسة، وأدار الجلسة الدكتور عمرو دوارة، رئيس لجنة الندوات والمحاور الفكرية. طالب الدكتور عمرو دوارة كل الحضور قبل بداية الندوة بالوقوف دقيقة حداد على روح الكاتب الكبير الراحل محمد أبوالعلا السلامونى، ثم استهل دوارة حديثه حول دور الكاتب الكبير الراحل محمد أبوالعلا السلامونى الذى كرس حياته لخدمة المسرح وقضاياه، مؤكداً أهمية الدراسات المقدمة التى ترتكز على منهج علمى وتوضح العديد من الفروقات حول ميتافيزيقا التمثيل عبر التاريخ المصرى، وكذلك الفرق بين السيرة الذاتية ومفاهيم التراجم. وتحدث الفنان حلمى فودة عن العلاقة التى جمعته بالسلامونى منذ سنوات عايش خلالها كونه شهيد الكلمة والمبدأ، ثم قرأ دراسة السلامونى التى حملت عنوان: «ميتافيزيقا التمثيل فى تراثنا المسرحى» التى كانت مقدمتها: علينا أن نعترف بأن هناك مفارقات غريبة حدثت فى تراثنا الثقافى عبر التاريخ فيما يتعلق بمعضلة فن المسرح بشكل عام وفن التمثيل بشكل خاص. على الرغم من أن الثقافة العربية استطاعت استيعاب ثقافة الحضارات المجاورة لها مثل الحضارات اليونانية والرومانية والفارسية والهندية - وربما الصينية - بل وأضافت إليها العديد من ابتكاراتها فى مجالات الفلسفة والطب، علم الفلك والكيمياء والفيزياء والميتافيزيقا والرياضيات وغيرها، كان للأسف غير قادر على فهم استيعاب فن المسرح. وظاهرة التمثيل وأداء الممثل والمحاكاة. على الرغم من أن تراث الفكر اليونانى والفلسفة والعلم كان مفهوماً بالكامل من قبل اللاما والحكماء والفلاسفة العرب، إلا أنهم جميعاً لم يفهموا أحداً من هذا، وهو كتاب «فن الشعر» لأرسطو، والذى يعتبر قطرة فى بحر التراث الاغريقى. بينما حملت دراسة د. وفاء كمالو عنوان: «إسهامات الممثل بين السيرة الذاتية والتراجم» والتى قرأت مقدمتها قائلة: فى حضرة المسرح، يصبح البوح وصلاً وجموحاً ومساءلة. الإبداع يعانق الحياة ويشاغب الأحلام، فتتحول الغيوم إلى مطر، ويصبح العشق زلزلة، والجمال بعثاً وقبضاً على جمرات الروح والجسد. نحن نعيش الآن حياة تشبه إعصار النار. الواقع هو أكثر وحشية من الخيال. لمواجهتنا بتهميش المعنى والقيم، إنها مأساة السقوط العبثى الذى يفرض علينا ضرورة التمرد والعصيان والتغلب على الهزائم والانكسارات بحثًا عن الذات وامتلاك الكيان، وفى هذا السياق الفن. يجب أن يتجاوز أزمة غياب العقل النقدى وموت الوعى، وامتلاك حرارة وجوده وأهمية خطاباته، وإدراك طبيعة دوره فى هذه اللحظات الفارقة بعيدًا عن الأقنعة، وعن اللحظات المخزية التى تبيع المعنى وتغتصب الفكر، لتأكيد أن القيمة الإنسانية لم تعد لها أهمية. نحن نعيش فى ثقافة الجهل والتخلف. لم يحاسب الناس الظلم على رفضه، ولم يدركوا أن الفقراء والجاهلين ليس لهم اسم ولا عنوان. وليس لديهم تاريخ فى التاريخ. إن فلسفة المسرح تتلخص ببساطة فى أنها وعى وحرية، وهى ممارسة فعلية للرفض والقبول والديمقراطية، فهو الفن الذى نرى فيه أعماقنا، نضحك معه وليس عليه، لندرك أن الواقع يمكن تغييره وليس تفسيره. وتابعت: وأريد أن أختتم بأن المهرجان القومى للمسرح المصرى هو تيارات الوعى والثورة والوهج، وهو الحراك الثقافى العارم بحثاً عن الحضور والاكتمال، ومن المؤكد أن التوثيق العلمى الموضوعى لتاريخ الفن هو امتلاك للوعى واحتفال بشخصية مصر.
مشاركة :