سفر جميل ورشيق في ثنايا رحاب الحرف الذي لا يخفت بريقه، يأتي بوجهه المشرق ليسعد القلوب بالجمال، فهناك العديد من الكُتُب ترى وأنت تغرق في بحر قراءتها ما بين المدِّ والجزر أن عنوان الكتاب كان معبراً تماماً عن مضمونه، يشعل جذوة الفكر، مبلوراً ما احتوت صفحاته وهذا الوصف ينطبق على كتاب: «فضاءات نقدية.. بين النص الأدبي واللوحة التشكيلية»، للأستاذة أفراح بنت أحمد موذنة؛ والذي شارك فيه: (30) ناقداً وناقدة، و(29) فناناً وفنانة، و(26) شاعراً وشاعرة، وثلاثة قاصين. فكرة الكتاب لكل كتاب قصة، تبدأ من فكرة في مخيلة المؤلف حتى تنتهي، وعن فكرة الإصدار تقول المؤلفة أفراح مؤذنة: «من يجيد زراعة الأمل لن يتسلل المستحيل إلى نفسه، ومن يعرف طريق الإنجاز لن يسمح لليأس أن يكسر إرادته، لقد كانت العزيمة والإرادة الصادقة هي الحاضرة، المحفزة، الطاوية لعامين اثنين من العمل والسير قدما نحو تحقيق الهدف، ابتداء من فكرة خارج الصندوق، حاولت عبرها أن أكسر الرتابة، وأن ألغي بعض الحدود الفاصلة بين الفنون والآداب؛ لإيماني التام أنَّ ثمة الكثير من المشتركات الجامعة، التي يمكن أن تأتي في سياق النظرة الأوسع للفنون والآداب. عطفاً على ما سبق، ينهض هذا الكتاب على الجمع بين المقاربة النقدية للنص الأدبي واللوحة التشكيلية في آن واحد، فقد تتأسس فكرة المقاربة للنص والصورة من منطلق المفارقة، وقد تكون المقاربة من مبدأ التوازي على اعتبار أن الصورة قد تأتي نصاً موازياً للنص الأدبي، بمعنى أن كلا من الصورة أو النص الأدبي امتداد للآخر، أو سبيل مغاير لتعميق الدلالة أو توجيه مختلفٌ للمعنى، أو شكلاً من أشكال التجسيد الدلالي، يحدث ذلك حين تراعي حالة الجمع بين النص والصورة اختلاف أشكال التذوق والتلقي في سيرورة صناعة الدلالة. كما أن هذا النهج هو اعتراف بأوجه التآزر بين البياني والتشكيلي، بما تحدثه الصورة من دفقات شعورية إضافية في صناعة الدلالة بالنظر إلى النص والعكس، وهي بذلك تنهض في أفق بناء وحدة تكاملية تهدف إلى تجسيد الفكرة الواحدة إلى عدة فنون مختلفة لكل منهما قالبه الخاص، ولعل هذه الفكرة تنتج لنا في المستقبل القريب النظرية التكاملية للفكرة الواحدة بأنواع مختلفة للفنون المكملة لنظرية التعددية في وحدة البناء الأدبي والفني. في هذا العمل نعيد ازدهار النقد الأدبي في الساحة الأدبية والفنية؛ لنثبت أن النقد الأدبي مازال في أبهى حلّة يحمل من الجماليات والإيحائيات والأحجيات والتماثليات الغائبة عن المتلقي. قال الناقد الروسي بلينسكي: (الشاعر يفكر بواسطة الصورة والفن تفكير بالصورة) والناقد يجسد الصورة الشِّعرية والفنية من خلال ربطهما بالمحك الذي وضع ليحافظ على هوية كل من النص الأدبي واللوحة التشكيلية رغم وجود البعد الزمني والمكاني للشاعر والفنان وفق المدارس النقدية الحديثة ببراعة عالية ليصل إلى ذائقة المتلقي. هذا العمل يمثل التكاملية في العلاقات المجتمعية والإنسانية والثقافية والأدبية والفنية لتصل الرسالة السامية أن الأدب فكر وسلوك وإنتاج».
مشاركة :