وجد العلماء أن بقعة الحرارة على الجانب الآخر من القمر مرتبطة بمجموعة من الجرانيتات الساخنة، وهي الصخور التي تتشكل فقط في الظروف الأرضية، وهذا ليس اللغز الوحيد للبراكين القمرية التي كانت تعد منقرضة منذ زمن بعيد. اعتقد علماء الفلك في العصور الوسطى أن البقع السوداء الكبيرة على سطح القمر كانت بحارا مملوءة بالماء، وفي وقت لاحق اتضح أن هذه حقول بركانية، وهي سهول مسطحة مغطاة بحمم بازلتية صلبة. جمعت البعثات السوفياتية والأمريكية في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي كثيرا عينات من الصخور البركانية وتبين أنها كلها قديمة، وعمرها أكثر من ثلاثة مليارات عام. وبناء على هذه البيانات، اقترح العلماء أنه لمئات الملايين من الأعوام بعد ظهور القمر، كان هناك محيط من الصخور المنصهرة عليه، إذ عندما يبرد الانصهار، تترسب منه معادن أقل كثافة، وهذه هي الطريقة التي تشكلت بها البقع السوداء للقمر، وفي موازاة ذلك، تشكلت القشرة القمرية على سطح محيط الصهارة المبردة. ظلت النظرية موجودة عمليا دون تغيير لمدة نصف قرن تقريبا، حتى عام 2020، عندما سلمت محطة "تشينج" الآلية بين الكواكب عينات جديدة من الصخور القمرية إلى الأرض. وبعد التحليلات، تفاجأ العلماء عندما اكتشفوا أن عمر البازلت للجزء الهامشي من محيط العواصف، يبلغ نحو ملياري عام، أكدت العينات الصخرية أنه بعد 2.5 مليار عام، استمر النشاط البركاني النشط على سطحه. وفي الآونة الأخيرة، وجد العلماء الأمريكيون أنه رغم حقيقة أنه لا توجد براكين نشطة اليوم على القمر، فمن المحتمل أن خزانات الصهارة الساخنة لاتزال حتى الآن تحت القشرة السطحية، ومن حيث التكوين، قد لا يكون هذا ذوبان بازلتي للقمر، بل إنه الجرانيت. ظهر الافتراض بوجود جرانيت على القمر لكوكبنا لأول مرة في عام 1998، ويعتقد الباحثون أنه يوجد بركان خامد ثار آخر مرة منذ 3.5 مليار عام، وأسفله يوجد حوض من الجرانيت، جسم صهاري متجمد يبلغ قطره نحو 50 كيلومترا.
مشاركة :