مركز «مرايا».. منصة فنية تصل الشرق بالغرب

  • 3/7/2016
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

شكلت تجربة مركز فنون مرايا في القصباء في الشارقة، إحدى مبادرات هيئة الشارقة العامة للاستثمار والتطوير شروق، واحدة من التجارب المهتمة بتقديم تطورات الفنون البصرية، التي تعنى بعرض نماذج مختارة من الأعمال المعاصرة سواء في الإمارات أو في المحيطين العربي والعالمي، ومثل هذا الانفتاح الذي بدأ واضحاً في عمر هذه التجربة الذي لا يتجاوز الست سنوات، حيث تأسس المركز في عام 2010، كشف عن مبادرة معنية بنشر الفنون في الشرق الأوسط، والعالم، ذلك أن هذا المركز، هو في الواقع مجمع من ثلاثة طوابق تقدر مساحته الإجمالية بنحو 1500 متر مربع، وهو يتكون من: نادي مرايا الاجتماعي، ومؤسسة بارجيل للفنون، ومعرض مرايا للفنون. استطاع المركز في هذه السنوات القليلة، أن يشكل نقلة نوعية في الأنشطة المستضافة، ذلك لأنها أنشطة تشرك المجتمع المحلي في فعالياتها، وتقوم في رؤيتها العامة على خطة تتبنى الحس التفاعلي بين الأفراد، وهو المفهوم الذي يربط الفن بالحيز والمكان والمجتمع، ويعبر بطريقة أو بأخرى عن حاصل مجموع تفاعلات الأفراد مع القضية الفنية، بوصفها قضية ثقافية في المقام الأول، وهي بالضرورة قضية مجتمعية في مسار استثمار الثقافة لتحقيق فعل التنمية المستدامة؟ من هنا، ينبع ذلك الحرص على استضافة مشروعات فنية متميزة، وهادفة والعمل على ترويج هذه الفنون، التي تجمع بين التشكيل والخزف والمنحوتات واللوحة المسندية إلى الجانب الفنون الحديثة والمعاصرة، إلى الفنون المتقدمة جداً التي تستخدم الوسائل والوسائط الفنية المتعددة، من فيديو وصور ومطبوعات ونصوص وخطوط وغيرها. ويكفي أن تتم قراءة سيرة بعض المعارض التي نظمت في هذا المركز، وهي كثيرة لكي نقرأ خريطة فنية منفتحة تماماً على الثورة التكنولوجية كما هو في أحد المعارض التي شارك فيها خمسة فنانين شباب معظمهم من طلاب كلية التصميم والتقنية في جامعة الشارقة، مثل: آلاء إدريس وعليا لوتاه وخالد عبدالله وريم لوتاه و شيخة المزروع، لنطل على تجربة فنية وفكرية استخدمت -على سبيل المثال- الصور الفوتوغرافية، والفن المطبوع والفن الرقمي، لاكتشاف عمق التجربة المحلية في فضائها العالمي، هنا، برزت في التجربة المشار أطياف وتيارات فكرية واجتماعية استفادت من ثيمات الفن المعاصر، كأن هؤلاء الشباب يؤكدون من خلال هذه التجربة، على أن المشروع الفني ليس حكراً على أحد، طالما كان بوسع المرء أن يقرأ في تفاصيل العالم العربي، تلك الجزيئات والدقائق التي هي بالضرورة جزء من كل، وبوصف الأنا في تعبير آخر هي حصيلة لتجارب ومنطلقات تترجم على شكل تجارب إبداعية لها خصوصيتها سواء كانت خصوصية تراثية أو ذات ملامح فردية وإمكانات تقرب بين الماضي والحاضر، وتحاول رسم معالم المستقبل في ضوء تلك النافذة التي يتيحها فضاء الفن وإمكاناته التعبيرية والبصرية المدهشة التي تحاكي العالم أو تخاطبه، وبالضرورة تؤثر فيه، كما تتأثر هي بغيرها من التجارب الإنسانية والعالمية. في ثنايا هذه العروض، التي استضافها مرايا خلال سنواته الست، ما يشير صراحة، إلى فكرة الفن، وهواجسه، ومنطلقاته التي تنفتح على مختلف التوجهات الفنية والابداعية في عالم اليوم، وهو الذي التقطه الشباب التشكيليون، وحاولوا ترجمته من خلال ما بات يحكم عالم اليوم، من هواجس وأحلام، أصبحت محل سؤال بفعل المتغيرات المعاصرة. جسدت تجربة مركز مرايا الفنون في الشارقة، حالة فنية خاصة، كما سبق وأشرنا، وهو الذي يمكن اختصاره بعبارة فن يختصر الحدود ينطلق من الخليج ومن خلال تجارب عربية وعالمية وإماراتية ليعبر عن الأبعاد الفنية المتغيرة في المكان، بكل ما في ذلك من قيم جمالية وفلسفية. حضرت الإمارات ومدنها، حضرت دبي، كما الشارقة، كما بقية الإمارات في لوحات فنانين يعيشون هواجس داخلية ورغبات تستفيد من مساحة الفن لتطرح أسئلة الفن والحياة. الفنانة لانا أبو قلبين، التي شاركت في معرض ضم 25 فناناً شاباً من جنسيات مختلفة في أحد المعارض التي استضافها مرايا قبل نحو أربع سنوات، رأت أن تعبر عن فكرة المكان باستخدام الكولاج، في محاولة منها للإجابة عن سؤال: ماهية الحدود التي تفصل بين مكان وآخر، والتي قد تكون مجرد نهاية أو بداية لحدود أخرى؟ في هذا الأفق الفني الكبير، يمكن للأفكار أن تتجاور أو تتقاطع، فهناك الطرح الفلسفي البحت، بجانب الطرح التعبيري والواقعي والمجرد، وهناك الميل الصوفي التأملي والإشراقي، إلى جانب الطرح الصارخ، ولكنه بطبيعة الحال مشغول، بوسيلة فنية تؤهله لكي يكون مغامراً في سماء الفن التي تطرح الأسئلة، وتؤكد فاعلية الحياة، وجدارة الحياة، في ظل هذا التزاحم واللهاث البشري المحكوم بالبيئة، والمناخ، والواقع، والمرض، والحروب، والتشنجات والأمراض، إلى جانب مسببات الفرح والإيجابية والطاقة الفعالة التي تنشد الأمل والحب، وتدعو إلى نشر قيم التسامح والحب والحياة. الفنانة آلاء إدريس، في إحدى مشاركاتها في مرايا صورت البيئات المتنوعة في الإمارات، من خلال لقطات بعنوان (أنا أحب الإمارات) ظهرت فيها حبال الغسيل في الأحياء السكنية، وعبرت إدريس عن فكرتها من خلال الصورة، وأيضاً الخط الذي قدم مقاربة من عمق المكان. مثل هذه الرؤية التي يحاول مركز مرايا أن يطرحها عبر عنها أحمد عبيد القصير المدير التنفيذي للعمليات لهيئة الشارقة للاستثمار والتطوير شروق في مؤتمر صحفي عقد قبل أيام قليلة بمقر المركز، بقوله إن مهمة مركز مرايا للفنون توسعت على نحو كبير، لكن دون أن يتغير جوهرها، وبما يواكب متطلبات المعنيين والمهتمين، وعموم المجتمع، بدءاً من نخبة الفنانين والمصممين في أرجاء المنطقة، ووصولاً إلى أصغر فرد في العائلة، يختار المشاركة في ورش العمل، التي يديرها مبدعون معروفون. أضاف القصير بتأكيده مواصلة المبادرة الإبداعية التي بدأها المركز لتستمر في العام الحالي 2016 لأن ذلك ينطلق من رؤية شروق والتوسع في الفعاليات والنشاطات إقليمياً وعالمياً، مع إبراز الدور المهم الذي تضطلع به إمارة الشارقة في الحركة الثقافية الإماراتية، عبر برنامج متنوع وممتع من الفعاليات والنشاطات التعليمية. وفي السيرة الفنية لهذا المركز الكثير من المعارض المتميزة منها على سبيل المثال: معرض ميجراسوفيا في مايو عام 2012 الذي يعد أول معرض متحفي للفنون يقام في الدولة، ويسلط الضوء على الممارسات الفنية المعاصرة في أقاليم ما بعد الاتحاد السوفييتي، في آسيا الوسطى والمناطق الأخرى الأقل شهرة حول منطقة القوقاز وبحر قزوين، والمعرض يعكس العولمة على الفن المعاصر والمجتمع، وهناك معرض الفن التفاعلي في الإمارات الذي طرح فكرة الاحتفاء بالإبداع والمبدعين، بوصف ذلك احتفاء بالإمارات وحلمها وتنوعها الثقافي وحضارتها، و معرض خيول الصحراء، واستضاف المركز معرض إسلاموبوليتان وهو معرض جماعي للتصاميم الإسلامية، واعتبر الأول من نوعه في المنطقة، وجاء في إطار احتفالات الشارقة باختيارها عاصمة للثقافة الإسلامية لعام 2014 وعرض لتجربة إبداعات مصممين وفنانين ينتمون إلى 12 جنسية مختلفة وهناك معرض الغيب - جماليات اللاوجود في مارس 2011 وضم أعمالاً لنخبة كبيرة من الفنانين الذين قدموا صورة عن الفن المعاصر في مختلف أنحاء الإمارات، وشارك في المعرض فنانون من الجزائر وفرنسا وإيران والعراق وإيطاليا وفلسطين والسنغال وتركيا وسويسرا والولايات المتحدة الأمريكية فضلاً عن الكثير من المعارض المتميزة.

مشاركة :