أوضح د. عبدالله بن عبدالرحمن التريكي -عميد المعهد العالي للقضاء بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية- أن المعهد هو الوحيد الذي يؤهل القضاة للعمل في السلك القضائي، وأنه لا يوجد له أي فروع أخرى في المملكة، مشيراً إلى أن المعهد يجد الدعم الكامل من المسؤولين، كما أنه محل عناية واهتمام ولاة الأمر أيدهم الله، وأنه سيتم مستقبلاً استحداث مبنى خاص للمعهد داخل الجامعة. وأشار إلى أنه تم استحداث خمسة أقسام جديدة، وهي: القضاء التجاري، والقضاء العمالي، وقسم القضاء الجزائي، وقسم القضاء الإداري، وقسم الأحوال الشخصية، وهذه الأقسام مكملة للقسمين السابقين بالمعهد، وهما الفقه المقارن والسياسة الشرعية، وبالتالي فإن المعهد أصبح الآن يضم سبعة أقسام بمرحلتي الماجستير والدكتوراة، موضحاً أن هذه الأقسام صدرت مواكبة مع نظام القضاء الجديد المتخصص، إذ بات يوجد في المملكة محاكم للأحوال الشخصية ومحاكم تجارية ومحاكم عمالية. وأكد في حديثه ل"الرياض" على أن القضاء في المملكة نزيه ويتمتع بالحياد والاستقلالية والاستقامة، إذ لا سلطان -كما نص النظام- لأي شخص على القضاء، كما أنه لا يتم التدخل في عمل القضاة، وهو ما يتميز به نظامنا القضائي العدلي في المملكة، لافتاً إلى أن القُضاة -ولله الحمد- مؤهلون، في ظل وجود جهات إدارية تراقب عمل القضاة وأعوانهم وتأهيلهم، وفيما يلي نص الحوار: تأسيس وتطوير المعهد * متى تمَّ تأسيس المعهد العالي للقضاء، وما الذي تضمنته الخطة التطويرية للمعهد؟ - تأسس المعهد العالي للقضاء عام (1385ه)، وكان أول وحدة أكاديمية للدراسات العليا في المملكة، التي تمنح درجتي الماجستير والدكتوراه، وذلك بتأهيل القضاة تأهيلاً عالياً، تُعمق فيه الدراسات الفقهية والقضائية وتُنمَّى فيه القدرات على البحث العلمي، والدراسات في المعهد تخصصية في مجال القضاء وما يتصل به، وأنشئ في البداية بقسمين هما: الفقه المقارن وقسم السياسة الشرعية، وبدأ بمرحلة الماجستير، ثمَّ بعد ذلك الدكتوراه، ثمَّ صدر في العام (1433ه) الأمر السامي الكريم بالموافقة على الخطة التطويرية للمعهد. وتضمنت الخطة التطويرية للمعهد أن تُقصر دراسة المرشحين للقضاء والملازمين القضائيين على المعهد العالي للقضاء، التابع لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ومقره الرياض، وأن ينشأ مجلس استشاري في المعهد يضم في عضويته ممثلا بالمرتبة الممتازة عن كل من: الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء، والمجلس الأعلى للقضاء، والمحكمة العليا، ووزارة العدل، وديوان المظالم، وهيئة التحقيق والادعاء العام. استحداث خمسة أقسام جديدة للقضاء التجاري والعمالي والجزائي والإداري والأحوال الشخصية وشملت الخطة أيضاً أن يكون تصميم البرامج العلمية في المعهد وفق أعلى مستوى ممكن، والتأكيد على وجود التطبيقات القضائية في مناهج المعهد بحيث تثري الجانب المهني لدى المرشحين للقضاء والملازمين القضائيين، وأن تكون الأولوية للقبول في المعهد للمرشحين للقضاء، ومن ثمَّ تعيينهم في السلك القضائي، والمعهد مرتبط أكاديمياً بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. أقسام جديدة * ما هي الأقسام الجديدة التي تمَّ استحداثها في المعهد؟ - تمَّ استحداث خمسة أقسام جديدة، وهي: القضاء التجاري، والقضاء العمالي، وقسم القضاء الجزائي، وقسم القضاء الإداري، والأحوال الشخصية، وهذه الأقسام الخمسة مكملة للقسمين السابقين، وهما الفقه المقارن والسياسة الشرعية، وأصبح المعهد الآن ينتظم فيه سبعة أقسام بمرحلتي الماجستير والدكتوراه، وهذه الأقسام صدرت مواكبة مع نظام القضاء الجديد المتخصص، فالآن لدينا في المملكة محاكم الأحوال الشخصية ومحاكم التجارية ومحاكم عمالية، والأصل في الدراسة في المعهد العالي للقضاء - كما نص عليه المرسوم الملكي - أن تقتصر دراسة الملازمين القضائيين على المعهد، ومن يُرشَّح للقضاء يدرس في المعهد العالي للقضاء في أحد هذه الأقسام السبعة، ثمَّ بعد أن ينتهي من الماجستير يمكنه مزاولة القضاء في إحدى المحاكم المتخصصة. القبول في المعهد * هل يقتصر القبول في الدراسة بالمعهد على خريجي كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية؟ - الدراسة في المعهد لا تقتصر على الملازمين القضائيين فقط، إنَّما على أيّ خريج من كليات الشريعة في المملكة، وهذا هو الشرط الرئيس للقبول في المعهد، فمن يتخرج من الشريعة وليس ملازماً قضائياً يحق له الدراسة في المعهد، كما أنَّ الجهات القضائية تستعين بخريج المعهد في مرحلة الماجستير، ويتم ترشيح المناسب منهم للعمل في السلك القضائي، سواءً في وزارة العدل أو ديوان المظالم. المذاهب الأربعة * هل تقتصر الدراسة في المعهد على المذهب الحنبلي فقط؟ - يتمّ في المعهد دراسة المذاهب الأربعة، كما أنَّ رسائل الماجستير والدكتوراه تكون في هذه المذاهب، وهي: الشافعية والمالكية والحنفية والحنبلية، وجميعها تدرس بها، ويستعين المعهد بالمتخصصين في هذه المذاهب للتدريس في المعهد، ويزخر المعهد العالي للقضاء برسائل للمجاستير والدكتوراه وبمخطوطات على المذاهب الأربعة، ويستعين المعهد بوزير العدل ورئيس ديوان المظالم وأعضاء هيئة كبار العلماء وبمن لهم خبرة في القضاء للتدريس والإشراف والمناقشة بالمعهد. خريجو كلية القانون * هل يتم قبول خريجي كلية القانون للدراسة بالمعهد؟ - إنَّ خريج المعهد العالي للقضاء هو في الأصل مؤهل لمزاولة مهنة القضاء، ويشترط فيمن يزاول مهنة القضاء أن يكون متخرجاً من إحدى كليات الشريعة في المملكة، وبناءً على ذلك تقتصر الدراسة في المعهد العالي للقضاء على هؤلاء الخريجين، لكن من الممكن لخريجي كليات القانون الدراسة في المعهد لدبلومات متخصصة، حيث يتمّ وضع دبلومات، مثل: دبلوم المحاماة ودبلوم التحكيم والقضاء العمالي، ويكون من خلال فصل دراسي أو فصلين. ويتمّ أيضاً طرح دبلومات أخرى، إمَّا من المعهد العالي للقضاء مباشرةً، أو يتمّ التنسيق مع الجهات العدلية، فمثلاً لدينا الآن دبلوم العلوم الجنائية، وهو يعقد منذ قرابة (17) عاماً، وهذا يدرس فيه منسوبو هيئة التحقيق والادعاء العام، وقد يطرح المعهد دبلومات أخرى يستفيد منها المجتمع. فروع المعهد * هل لديكم فروع أخرى للمعهد في مدن أخرى؟ - المعهد العالي للقضاء هو الوحيد الذي يؤهل القضاة، ولا يوجد له أيّ فروع، وفي بعض الجامعات يوجد لديهم كليات للأنظمة القضائية والدراسات القضائية، لكنَّ المعهد هو الوحيد الذي يؤهل الملازمين للعمل في القضاء، ويجد المعهد – ولله الحمد - الدعم الكامل من المسؤولين، وهو محل عناية واهتمام من ولاة الأمر، ويستوعب المعهد الدارسين حالياً، وسيتم مستقبلاً استحداث مبنى خاص للمعهد داخل الجامعة. المعهد يدرّس «المذاهب الأربعة».. ولدينا محكمة «صورية» لتدريس المواد التطبيقية محكمة صورية * هل تواكب الدراسة في المعهد المستجدات والتقنية الحديثة؟ - لدينا في المعهد قرابة (30) قاعة دراسية مجهزة بأحدث التقنيات والسبورات الذكية والمنصات الرقمية، إلى جانب وجود خمس قاعات تدريبية، وكذلك قاعات خاصة لطلاب الدكتوراه، إضافةً إلى المحكمة الصورية، التي لا توجد إلاَّ في المعهد العالي للقضاء، ويتمُّ فيها دراسة بعض المواد التطبيقية، وهي صممت كما هي موجودة في المحاكم بالمملكة، إذ يتمُّ فيها تطبيق المواد العملية، كما أنَّ لدينا طلابا مبتعثين يدرسون في الخارج مرحلة الدكتوراه؛ لزيادة المعرفة والعلم لديهم بما يخدم المعهد في المستقبل، كما يوجد في المعهد معمل لتدريب الطلاب على الأنظمة والبرامج، ونحن في المعهد نراجع دورياً المناهج والمقررات في الأقسام، بحيث يتمّ مواكبة المستجدات والأحداث في عالم القضاء والقرائن، وغيرها، كما أنَّ لدى المعهد مكتبة تحتوي على جميع رسائل الماجستير والدكتوراه في المعهد منذ العام (1385ه)، حيث يستفيد منها جميع القضاة والطلاب والاستشاريين والمحاميين والباحثين، وجار العمل حالياً لتحويلها إلى مكتبة رقمية. مؤتمر دولي * ما النتائج التي تمخضت عن المؤتمر الدولي الأول للقضاء والتحكيم، الذي عقد بالمعهد في العام الماضي؟ - عقد المعهد العالي للقضاء المؤتمر الدولي الأول للقضاء والتحكيم بالتعاون مع فريق التحكيم السعودي، وذلك في العام المنصرم (1436ه)، وشارك فيه أكثر من (40) باحثاً من دول خارجية أوروبية ومن شرق آسيا ومن دول عربية وأميركية، وتمَّ نقل تجربة المملكة في القضاء والتحكيم والشريعة الإسلامية، وتمَّ دعوة المعهد العالي للقضاء من محكمة "لاهاي"، وغيرها، وجميعها تطلب الاستفادة من تجربة المعهد، والنتائج كانت رائعة جداً، حيث تمَّ اطلاع الباحثين على القضاء في المملكة، وتغيرت بعض النظريات لدى بعض المشاركين بعد اطلاعهم، وكان للمؤتمر صدى رائع في الخارج. قضاء نزيه * كيف تردون على الحملات المغرضة التي تنتقد القضاء في المملكة؟ - لا يخفى على أحد نزاهة القضاء في المملكة، وما يتمتع به من حياد واستقلال واستقامة، ولا سلطان – كما نصَّ النظام - لأيّ شخص على القضاء، ولا يتمّ التدخل في عمل القضاة، وهذا ما يتميز به نظامنا القضائي العدلي في المملكة، وأود أن أُشير إلى أنَّ الحكم القضائي في المملكة ليس بالأمر اليسير، - وعلى سبيل المثال - فإنَّ قضايا القتل والقطع والرجم تمر على (14) قاضياً، إذ يكون هناك ما يسمى بالدوائر المشتركة ابتداءً، حيث يجتمع فيها ثلاثة قضاة، ثمَّ بعد أن يُصدر هؤلاء حكمهم تُحال إلى محكمة الاستئناف، إذ يوجد هناك خمسة قضاة، حيث يتمّ دراسة الحكم وإبداء الملاحظات، ثمَّ بعد ذلك يمر على المحكمة العليا، ويوجد هناك أيضاً خمسة قضاة ينظرون الحكم، ثمَّ يذهب بعد ذلك إلى المقام السامي "ولي الأمر" للنظر في الحكم. ومن هنا فإنَّ الحكم القضائي في المملكة يمر بهذه المراحل الأربع، وأتعجب أن يأتي شخص ما بعد ذلك ليطعن أو يُشكك في نزاهة القضاء السعودي، وهذا الأمر ربَّما لا يوجد في جهات قضائية أخرى في دول أخرى، فقضاؤنا مستقل ومتخصص، فلدينا محاكم تجارية وجزائية وعامة وأحوال شخصية وإدارية، وهذا ما يميز القضاء لدينا بالتخصص والالتزام بالحياد، أضف إلى ذلك أنَّ القضاة - ولله الحمد - مؤهلون، وهناك جهات إدارية تراقب عمل القضاة وأعوان القضاة وتأهيل القضاة ودورات تدريبية للقضاة داخل المملكة وخارجها، وكل ذلك يراد منه تأهيل القضاة، وهذه الحملات التي تتعرض لها المملكة في محاولة لتشويه القضاء، سببها أنَّهم عندما رأوا نزاهة القضاء وعدله واستقلاله أغاضهم هذا الأمر.
مشاركة :