يتداول الناس أخباراً مفادها أن الخطوط السعودية تتجه إلى فرض تكلفة إضافية على الراكب عند الاختيار المسبق للمقاعد الأمامية والجانبية تتراوح بين عشرين ريالاً وخمسين ريالاً. هذه المنهجية في تسعير المقاعد ليست جديدة، وهناك شركات خطوط عالمية تمارسها؛ لكن السؤال المهم هو: هل تستطيع الخطوط السعودية -لو أتبعت هذه المنهجية- أن تقدم الخدمة المطلوبة للمسافر؟ إنني أشك في ذلك، فالخطوط السعودية حالياً لا تقدم الحماية الكافية للراكب الذي يحمل رقماً محدداً لمقعده عندما يجد راكباً آخر قد احتله. وتصبح المسألة في غاية التعقيد لو أن هذا الراكب وجد «عائلة» في مقعده حتى لو أن لديه ظروفاً تحتم أن يكون في المقعد الذي اختاره مسبقاً لنفسه كحاجته مثلاً لكتابة تقرير أثناء السفر ولا يرغب أن تترصده عيون الراكب الفضولي الذي يحتل المقعد المجاور. لا أناقش العادات والتقاليد والثقافة الاجتماعية، لكنني أناقش هذه المنهجية التسعيرية التي يقال إن الخطوط السعودية تفكر في اتباعها وذلك من منطلق أنها «خدمة إضافية» للراكب تود الخطوط أن تُحَمِّله تكلفتها. فالواقع أن التكاليف التي يدفعها الراكب حالياً مقابل خدمات متوقعة أو موعودة لا يحصل عليها من الناحية العملية في جميع الأحوال. وعلى سبيل المثال، فإن راكب الدرجة الأولى يتكبد فارقاً سعرياً كبيراً بالمقارنة بما يدفعه راكب الدرجة السياحية. لكن الخطوط السعودية، بعكس الكثير من الخطوط العالمية الأخرى، تستلم الفرق السعري ثم تترك راكب الدرجة الأولى يصارع زحام الطابور الطويل كي يعبر البوابة المفضية إلى الطائرة، وعندما يصل إلى هناك يجد أن الرفوف العلوية المخصصة للأمتعة الشخصية تغص بأمتعة ركاب الدرجة السياحية الذين لا يريدون أن يكلفوا أنفسهم حملها إلى الداخل. لا ألوم الراكب الذي يتصرف وفق ثقافة اجتماعية يسودها مبدأ «من سبق لبق» بصرف النظر عن التكاليف الإضافية التي يدفعها راكب آخر بحثاً عن خدمه تُريحه ولديه الاستعداد لدفعها، ولكنني أتساءل عما إذا كانت الخطوط السعودية تستطيع تقديم الخدمة الموعودة للراكب الذي سيدفع تكلفة إضافية مقابل الاختيار المسبق لمقعده في حال تطبيق تلك المنهجية. أعتقد أن الأسلم ألاَّ تتسرع الخطوط السعودية في اتباع هذه المنهجية في التسعير، وأن تسعى قبل ذلك إلى توفير حقوق الركاب الذين يدفعون تكاليف إضافية مقابل خدمات لا يحصلون عليها بالكامل كما هي الحال في بعض الخطوط العالمية الأخرى.
مشاركة :