التمكين يتمحور حول فكرة مبسطة، هي تمكين أصحاب الحقوق من حقوقهم عبر سياسات وأنظمة تتبناها الأجهزة الحكومية والقطاع الخاص ومجموعات المصالح من المواطنين لتحقيق التنمية المستدامة التي تستهدفها الدولة. ومن ضمن هذه السياسات تأتي أولوية سياسات دعم الابتكار وتمكين المبتكرين؛ ذلك أنها تؤدي إلى تحوُّل اقتصادي عظيم للمجتمعات، وتحقق فرص عمل، ونمواً للموارد، وتنوعاً يوسع قاعدة المستفيدين من الدخل غير الحكومي. ماذا تفعل دولة مثل أمريكا أو تايوان أو الهند لدعم الابتكار؟ هل تعمل على تلميع ابتكارات وهمية؛ ليحقق من ورائها المسؤول التنفيذي المزيد من فلاشات الضوء التي بدورها تجعله يطيل البقاء على كرسي (الإفلاس)؟ أو هل تعمل هذه البلدان على الإتيان بشاب أو شابة من آخر الصفوف، ومنحهما صفة الإبداع؛ لأنهما ابن فلان أو بنت علامة، بينما يشعر المبدعون الذين يصرفون على إبداعهم من مالهم القليل بالغبن لتركهم جانباً، وتفشي المحسوبيات حتى في رعاية الموهوبين والمبدعين؟! إن أردنا نمو مجال الابتكار كإضافة اقتصادية - ونحن متفائلون بمرحلة جديدة هي مرحلة التحول الوطني نحو العدالة وتساوي الفرص وتقدير الكفاءات حسب ناتجها - فإن علينا أن نتبنى سياسات وآليات داعمة للابتكار على المستوى الوطني، وتبني النابهين من الفقراء والمهمشين بصورة عادلة مع غيرهم لإحداث نوع من التأثير المجتمعي الإيجابي وتعزيز الانتماء. كما أن علينا أن نبذل جهوداً أكبر في التنسيق مع المؤسسات العامة (أرامكو، سابك وغيرهما) لتبني المبتكرين، ودعمهم مالياً ولوجستياً. كما أنه من المهم جداً لتحقيق عائد عالٍ متوقع من المبتكرين أن نحدد توقعاتنا مسبقاً، ونرسم على أساسها خططنا. ومن ذلك خطة بعيدة المدى لإنشاء بنى تحتية داعمة ومعززة للابتكار في المدارس وبيئات العمل المختلفة على المستوى الوطني. كما يلزمنا تحسين حال حاضنات الابتكار الحالية التي أُنشئت، ولم تؤدِّ دورها لعدم وضوح دورها حتى للعاملين فيها، وكذلك التنسيق مع مراكز البحث والتطوير، وتقوية الأواصر بينها وبين المبتكرين. أما حجر الزاوية في ذلك كله فهو يتمحور في بث رسالة إعلامية واعية، تحمل مضامين تحفيزية على الابتكار، تتسم بالمصداقية في إعلان الابتكارات الحقيقية التي يؤمل منها إحداث تحول على المستوى الوطني. ونشدد على الابتعاد عن الفقاعات الإعلامية والاستعراضات الهزيلة.
مشاركة :