أكد نائب رئيس وفد المعارضة السورية المفاوض جورج صبرة أن لا مجال لإطلاق محادثات مع النظام في التاسع من مارس (آذار) الحالي وهو الموعد الجديد الذي تحدث عنه المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، في ظل غياب الإرادة الدولية لاستيفاء مستحقات الالتزام بالهدنة، وإلزام النظام بإطلاق سراح المعتقلين من الأطفال والنساء، وإيقاف إطلاق النار، وعدم مصادرة المساعدات الإنسانية للمناطق المحاصرة. وقال صبرة لـ«الشرق الأوسط» إن «الأسباب والشروط الكفيلة بالمفاوضات لا تزال غائبة حتى هذه اللحظة، إذ كيف يمكن استئناف المفاوضات في حين أن العقبات لا تزال في الطريق؟»، مشيرًا إلى عدم وجود ما يدعو إلى استئناف المفاوضات حتى الآن، إذ إن عملية رفع الحصار عن المناطق المحاصرة وإدخال المساعدات الإنسانية متعثرة جدًا. ولفت إلى أن النظام ينهب الأدوية والأغذية من المساعدات الإنسانية منذ بدء الهدنة، ويسمح فقط بإدخال البطانيات إلى المعضمية، متسائلاً: «هل هذا ما يحتاجه المحاصرون منذ أعوام؟». وأضاف أن المأمول كان أن توفر الهدنة البيئة الملائمة لمفاوضات جدية وفعالة ينتظر منها تحقيق متطلبات ذلك، من خلال توصيل المساعدات الإنسانية وإطلاق سراح المعتقلين، أي إفساح المجال لتنفيذ قرار مجلس الأمن 2254، خصوصًا أنه يشتمل على بنود تلزم بتنفيذ تلك المستحقات غير التفاوضية، لأنها فوق التفاوض؛ إذ إن القرار يقرّ وجوب تنفيذها فورًا، كما أن المعتقلين من النساء والأطفال لا يزالون يقبعون في سجون النظام. وفي ما يتعلق بمصادرة النظام الأدوية والأغذية، أوضح جورج أن الهيئة قدمت تقارير مفصلة بالأرقام الدقيقة للجهات المعنية، مبينا أن موظفي الأمم المتحدة الذين يشرفون على هذه المساعدات يعرفون هذه الحقيقية، مؤكدًا أن هذه الإجراءات جرت بحضورهم، و«لكن للأسف تنقص المجتمع الدولي الإرادة، من أجل دفع النظام السوري وحلفائه للالتزام بتنفيذ الالتزامات والتعهدات بقرار الأمم المتحدة». واعتبر صبرة أن الموقف الأميركي من مستحقات الهدنة «مائع وهلامي»، مؤكدا أن النظام وحلفاءه طهران وموسكو لا يستطيعون الالتزام بالهدوء، معتبرا أنه لو كان هناك إرادة دولية لكان هناك موقف حازم من الأمم المتحدة ومن الجانب الأميركي. ورأى صبرة أن السياسة الأميركية تقدم على أرض الواقع تسهيلات لهذه العنجهية الروسية، في الوقت الذي تغض فيه الطرف عن الخروقات للهدنة المستمرة منذ الساعات الأولى لسريانها. وقال: «كان من المؤمل أن تكون الهدنة حقيقية، غير أن القصف الروسي، مستمر والنظام يواصل رمي البراميل المتفجرة حتى أنه استخدم غاز الكلور قبل أيام، وبالتالي لا الهدنة حقيقية وثابتة ولا هي توفر أسباب خلق بيئة ملائمة للمفاوضات، ولذلك يبقى موعد المفاوضات موعدًا افتراضيًا، علمًا أن تحديد موعد للمفاوضات ليس هو المهم بقدر أهمية توفير شروط انطلاقها»، مشيرا إلى أن مشكلة السوريين ليس مع أعدائهم فقط وإنما أيضا مع أصدقائهم. وفي ما يتعلق بالدعوة الأوروبية لاحترام الهدنة، أوضح صبرة، أن المنسق العام للهيئة العليا للمفاوضات رياض حجاب رفع في اجتماعاته في باريس أول من أمس اشتراطات توفير بيئة المفاوضات لهذه المجموعة، ووضع أمام الأوروبيين كل هذه الحقائق. وأضاف: «نطالب الأمم المتحدة والأصدقاء الأوروبيين، بأن يدفعوا الطرف الآخر لتحقيق التزاماتهم حول القرار الأممي 2254، الذي لا يتحدث عن مفاوضات فقط وإنما يتحدث عن إجراءات واجبة التنفيذ فورًا، إذ ليس من المنصف، أن يطلب من المعارضة أن تنفذ التزاماتها وأن تذهب إلى المفاوضات ولا يجري الشيء نفسه على الطرف الآخر، مع أنها الأكثر ضرورة باعتبار أنها تمثل البوابة التي تلج إلى المفاوضات». وعن مغزى، ما أوحت به موسكو، بأنها وقّعت اتفاق هدنة مع جيش الإسلام (رغم نفي الأخير ذلك)، وكأنما جيش الإسلام لا يلتزم بالهدنة أو خارج عن دائرة الفصائل الثورية التي فوضت الهيئة وأكدت التزامها بالهدنة، شدد صبرة على أن كل الفصائل الثورية الـ105 فوضت الهيئة العليا بما فيها فصيل جيش الإسلام، مشيرًا إلى أن المغزى الروسي من ذلك بأنها تسعى لاختراق الفصائل وتهميش الهيئة في الوقت ذاته. وتابع صبرة: «جيش الإسلام له ممثلون في الهيئة العليا للمفاوضات وله ممثلون في الوفد المفاوض الذي ذهب إلى جنيف في آخر جولة الشهر الماضي، ولا يزالون يمثلونه في التفاوض، إذ إن كبير المفاوضين في وفد التفاوض هو محمد علوش ممثل جيش الإسلام، ولكن هذه محاولة روسية مكشوفة تحاول من خلالها اختراق الفصائل وخلق شرخ في الهيئة العليا للمفاوضات لتقلل من أهميتها ودورها». ويعتقد أن المشكلة التي تواجه صمود الهدنة وتحقيق الحل السياسي، تكمن في السياسة الأميركية التي تفسح المجال أمام هذه العنجهية الروسية وإيهام النظام أنه بإمكانه الاستمرار على حد تعبيره، متسائلا: «ما الذي يعنيه النظام بأن يحدد موعدًا لانتخابات خلال أسابيع»، مشيرًا إلى أنه أقل ما يقال عنه، إن النظام لا يلقي بالا بكل هذه الهدنة وبكل المشروع السياسي بأكمله. ويرى صبرة أن النظام السوري، بهذا الإعلان عن تحديد موعد للانتخابات البرلمانية، يقدم ردًا قاسيًا للمجتمع الدولي، لافتًا إلى أن تقليل روسيا من أهمية ذلك، وتأكيدها أنه لا يؤثر على مسيرة العملية المتعلقة بالهدنة وبالحل السياسي، يعكس مدى تراجع مصداقية روسيا والنظام وطهران في العملية السياسية.
مشاركة :