الفساد في العراق.. أزمة أكبر من سرقة القرن

  • 8/17/2023
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

بغداد / الأناضول تعمل الحكومة العراقية على تعزيز التعاون مع المنظمات الدولية المعنية بمكافحة الفساد، كالأمم المتحدة والبنك الدولي والشرطة الدولية (الانتربول) وعدد من الدول من أجل تطوير قدرات العراق ومؤسساته المعنية بالقضاء على الفساد. ويصنّف العراق ضمن الدول الأكثر فسادا في العالم، في مؤشر مدركات الفساد لعام 2022 الصادر عن منظمة الشفافية الدولية، إذ جاء بالمرتبة السابعة عربيا والـ 157 عالميا من بين 180 دولة مدرجة على قائمة المنظمة. وحافظ العراق على تلك المرتبة لعدة سنوات متتالية. وتشير أرقام متفرقة، أن إجمالي الأموال المنهوبة تتجاوز 300 مليار دولار، فيما أوردت وكالة الأنباء العراقية، العام الماضي، أن إجمالي الرقم يبلغ 360 مليار دولار، بينما يقدرها برلمانيون بـ 450 مليار دولار. والعام الماضي، اتهمت هيئة الضرائب العراقية 5 شركات خاصة بسرقة أكثر من 2.5 مليار دولار، من أموال الهيئة، بالتنسيق مع عدد من الموظفين في وزارة المالية، مما يجعلها تصنف أكبر سرقة في تاريخ العالم والأموال المسروقة استقطعت من قبل الشركات والأفراد الذين لديهم مشاريع مع الحكومة، أو من خلال استيراد البضائع، عبر دفعهم 10% من إجمالي المبلغ، الذي يسترد بعد الانتهاء من المشروع. ** أولوية حكومية ووضع رئيس الوزراء محمد شياع السوداني مكافحة الفساد، على رأس أولويات برنامجه الحكومي وباشر فور تسلمه منصبه في أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي بالتقدم خطوات باتجاه تقديم الفاسدين إلى القضاء. ليس هذا فحسب، بل حاول استرداد الأموال المسروقة، إضافة إلى التنسيق مع بعض الدول لتسليم المطلوبين عبر الشرطة الدولية (الانتربول). ومع ولادة أية حكومة جديدة، يتخذ رئيس الوزراء الجديد خطوات وإجراءات بتشكيل هيئة أو لجنة عليا لمكافحة الفساد الذي ينخر مؤسسات الدولة، بما فيها المؤسسات الأمنية والعسكرية والقضائية والرقابية. لكن مستوى زخم مكافحة الفساد ما يلبث أن يتراجع بعد أسابيع أو أشهر، وحصر المعالجات ضمن نطاق ضيق لا يطال رؤوس الفساد، ومنهم كبار مسؤولين سياسيين ورسميين. ** الهيئة العليا لمكافحة الفساد ومنتصف نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أعلن مكتب رئيس الوزراء تشكيل "الهيئة العليا لمكافحة الفساد"، وهي في حقيقتها هيئة مشابهة لهيئة سابقة تشكلت في ظل حكومة مصطفى الكاظمي، برئاسة الفريق أحمد أبو رغيف أحد كبار ضباط وزارة الداخلية. وفي بيان تشكيل الهيئة، أعلن المكتب أنها تهدف إلى "مكافحة الفساد طبقا للمنهاج الوزاري (البرنامج الحكومي) وبآليات غير تقليدية تتجاوز السلبيات السابقة"، بغية "تسريع مواجهة ملفات الفساد الكبرى واسترداد المطلوبين بقضايا الفساد والأموال العامة المعتدى عليها". وتواجه حكومة السوداني جملة من التحديات في مواجهتها مع الفاسدين. وتستغل بعض القوى المتنفذة سواء المسلحة منها، والتي لديها أجنحة سياسية في الإطار التنسيقي الحاكم، أو الأحزاب السياسية، نفوذها في مؤسسات الدولة عبر مسؤولين في مناصب رفيعة لمزيد من المكاسب المالية. كما أن نفوذ القوى المتنفذة العاملة منها خارج إطار المؤسسات الأمنية الرسمية، ساهم بشكل ما في اتساع حجم الفساد وتفشيه، مع الإقرار بصعوبة محاسبة كبار الفاسدين، أو الرقابة على أموالهم وممتلكاتهم او طرق الحصول عليها. ** أوامر قبض ومؤخرا، أصدرت الحكومة العراقية أوامر قبض دولية شملت عددا من المسؤولين السابقين المقيمين خارج العراق في إطار ما يعرف باسم "سرقة القرن" التي تجاوزت 2.5 مليار دولار، سُرقت من "الأمانات الضريبية" بعمليات سحب نقدي غير مشروعة خلال عامي 2021 و2022. وتستهدف أوامر القبض، مدير مكتب رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي، ورئيس جهاز المخابرات السابق رائد جوحي، والسكرتير الخاص للكاظمي، أحمد نجاتي، ووزير المالية السابق علي علاوي، ومستشار الإعلام السابق للكاظمي مشرق عباس. وقال رئيس هيئة النزاهة الاتحادية المُعيّن من رئيس الوزراء القاضي حيدر حنون، إن جميع المطلوبين في "سرقة القرن" لا تقل عملية استحواذ الواحد منهم عن 100 مليار دينار عراقي (77 مليون دولار)". وأضاف في تصريحات صحفية، أن "الجريمة كبيرة وعدد المتهمين فيها يزيد عن 48 متهما"، أبرزهم رجل أعمال عراقي يدعى "نور زهير" الذي أعاد لخزينة الدولة نحو 292 مليون دولار من الأموال المسروقة منذ الإفراج عنه بكفالة في نوفمبر الماضي. ومطلع الشهر الجاري، أعلنت السلطات العراقية استرداد مسؤولَين حكوميَّين مدانين بقضايا فساد مالي هربا إلى سلطنة عُمان. وقالت هيئة النزاهة الاتحادية، وهي هيئة شبه مستقلة خاضعة لرقابة مجلس النواب ومكلفة بمكافحة الفساد أنها تمكنت من استرداد مسؤوليَن حكوميَّين مدانين بقضايا فساد مالي هربا إلى سلطنة عُمان. وبينت أن اعتقالهما جرى بالتعاون مع السلطات العُمانية والشرطة الدولية (الانتربول)، وهما المدير العام للتخطيط العمراني في وزارة الإعمار والإسكان، والمدير العام لدائرة زراعة محافظة الأنبار سابقاً. وأعلن رئيس هيئة النزاهة، القاضي حيدر حنون، عن تحرك لتنظيم "إشارات حمراء" من "الإنتربول" بحق المطلوبين، وقال حنون إن القضاء سيطلب أيضاً إصدار إشارات حمراء للسكرتير الخاص ومستشار سياسي لرئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي. وتشكك قوى سياسية تتبنى معارضة الحكومة العراقية في وعود رئيس الوزراء بالقضاء على الفساد. وفي مايو/ أيار الماضي قالت حركة "وعي" المعارضة ان وعود السوداني "ما زالت حبراً على ورق". واتخذت الحكومة بعض الإجراءات للحد من الفساد، منها عزل بعض المسؤولين عن الفساد وتقديمهم للقضاء ضمن حملة ابتدأت في محافظات نينوى والبصرة والأنبار ومحافظات أخرى. وشمل ذلك، عددا من رؤساء الدوائر المعنية بالعقارات والضرائب وغيرها، لكن الحملة "تلكأت" لأسباب غير معروفة، لكن الحكومة ما تزال تعلن انها ملتزمة بمكافحة الفساد، ومصممة على القضاء عليه. ---------------------- × الآراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن سياسة الأناضول التحريرية الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.

مشاركة :