وبعدما أثارت سلسلة انقلابات عسكرية شهدتها المنطقة قلقها، اتفقت الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إكواس) على تفعيل "قوة احتياط لإعادة النظام الدستوري" في النيجر. وتطالب إكواس قادة انقلاب النيجر بإطلاق سراح بازوم الذي تمّت إطاحته في 26 تموز/يوليو، محذّرة من أنّ التكتّل يمكن أن يرسل قوات كملاذ أخير حال فشل المفاوضات. وقال رئيس أركان قوات الدفاع الجنرال كريستوفر غوابن موسى أثناء الاجتماع في أكرا إنّ "الديموقراطية هي ما ندافع عنه ونشجّعه". وأضاف أنّ "اجتماعنا لا يركّز على إصدار ردّ فعل على الأحداث فحسب، بل يهدف لرسم مسار بشكل استباقي يؤدّي إلى السلام ويدعم الاستقرار". وتدخّل جنود إكواس في حالات طارئة منذ العام 1990 بما في ذلك في حروب في ليبيريا وسيراليون. ويتوقع بأن تساهم ساحل العاج ونيجيريا وبنين بالقوات، لكن لم ترد تفاصيل كثيرة بشأن العمليات المحتملة في النيجر. وأكّد مفوّض إكواس للشؤون السياسية والسلام والأمن عبد الفتاح موسى أنّ الاجتماع "سيضبط" التفاصيل في حال "لجأ التكتل إلى استعمال القوة كملاذ أخير". ويُختتم الاجتماع الجمعة بإعلان منتظر من قادة الدفاع عن الخطوات المقبلة. وقال موسى إنّ "المجلس العسكري في النيجر يمارس لعبة القط والفأر مع إكواس.. انتهكوا دستورهم وقواعد إكواس. تبدو سلطات النيجر العسكرية متمسّكة بموقفها". وبرّر الجنرالات الذين اعتقلوا بازوم انقلابهم بتدهور الوضع الأمني في البلاد، وهدّدوا بتوجيه اتهامات له بالخيانة، إلا أنّهم أعربوا في الوقت ذاته عن انفتاحهم للتفاوض. وحضّت كل من روسيا والولايات المتحدة على حل الأزمة دبلوماسيا. وفرضت إكواس عقوبات تجارية ومالية على النيجر بينما علّقت فرنسا وألمانيا والولايات المتحدة برامج مساعداتها لهذا البلد. وأكدت الخارجية الألمانية الخميس أنّها تدعو الاتحاد الأوروبي لفرض عقوبات على قادة الانقلاب، مضيفة على وسائل التواصل الاجتماعي أنّ وزيرة خارجيتها أنالينا بيربوك عقدت محادثات مع نظيريها الأميركي والفرنسية. وأكدت الوزارة أنّ "ألمانيا تدعم الجهود الإقليمية الرامية لحلّ الأزمة في النيجر. هدفنا إعادة النظام الدستوري". عنف في الساحل ويأتي اجتماع أكرا الخميس والجمعة في أعقاب أعمال عنف جديدة في النيجر حيث قتل جهاديون 17 جنديا على الأقل في كمين، بحسب وزارة الدفاع. وأُصيب 20 جنديا آخر، ستة منهم بجروح بالغة، في خسائر تعد الأكبر منذ الانقلاب عندما أطاح عناصر من الحرس الرئاسي ببازوم واعتقلوه مع أفراد عائلته. وتشهد منطقة الساحل أعمال تمرّد جهادية منذ أكثر من عقد، إذ اندلعت في مالي عام 2012 قبل تمتد إلى النيجر وبوركينا فاسو المجاورتين عام 2015. وأسفرت الاضطرابات في أنحاء المنطقة عن مقتل آلاف الجنود وعناصر الشرطة والمدنيين وأجبرت الملايين على الفرار من منازلهم. وغذّى الغضب حيال أعمال العنف الانقلابات العسكرية في مالي وبوركينا فاسو منذ 2020، قبل أن تسقط النيجر أخيراً. ويفيد محللون بأنّ أيّ تدخل لإكواس ضد قادة انقلاب النيجر سينطوي على مخاطر عسكرية وسياسية، وقد شدّد التكتل على أنه يفضّل إيجاد مخرج دبلوماسي. عقد ممثلون عن إكواس والنيجر محادثات في أديس أبابا هذا الأسبوع تحت مظلة الاتحاد الإفريقي. وأعلنت الولايات المتحدة الأربعاء أنّ سفيرتها الجديدة في نيامي ستتوجّه إلى النيجر للمساهمة في المساعي الدبلوماسية الرامية لإعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل الانقلاب. تحذر أممي بشأن الغذاء واعتُبر انتخاب بازوم عام 2021 حدثا تاريخيا في النيجر، مهّد لأول انتقال سلمي للسلطة في البلاد منذ استقلالها عن فرنسا عام 1960. ونجا بازوم من محاولتي انقلاب قبل أن تتم الإطاحة به في خامس عملية استيلاء على الحكم من قبل الجيش تشهدها البلاد. وتُعدّ النيجر من بين أفقر دول العالم وتحلّ بشكل دائم في مرتبة متأخّرة في مؤشّر التنمية البشرية التابع للأمم المتحدة. وحذّرت الأمم المتحدة الأربعاء من الأزمة يمكن أن تؤدّي إلى مفاقمة انعدام الأمن الغذائي في الدولة الفقيرة، داعية إلى إدخال استثناءات إنسانية على العقوبات وقرارات إغلاق الحدود منعا لوقوع كارثة. كما تواجه النيجر تمرّدا جهاديا في جنوبها الشرقي ينفّذه مسلّحون يعبرون من شمال شرق نيجيريا، مهد تمرّد أطلقته جماعة بوكو حرام عام 2010.
مشاركة :