بعض البرامج الرياضية تستضيف مشجعين يحملون شهادة التعصب بامتياز تحت مسمى إعلامي، يشاركون في هذه البرامج ليس للإضافة المفيدة وإنما لنشر فكر التعصب وفكر التهريج والسخرية ونسف الحقائق. أصبحت كرة القدم خارج الملعب معركة بين إعلاميي الأندية، المنتصر فيها صاحب الصوت الأعلى، والفكر السطحي.. مع بداية الموسم الجديد لكرة القدم في المملكة وفي العالم -وهي رياضة ممتعة لمن يمارسها ومن يشاهدها- بدأنا في المملكة في استثمارها كنافذة ثقافية واقتصادية. هي متعة تمر بمراحل تطوير إدارية وفنية، وأحياناً تتعرض لبعض التشويه من خارج ومن داخل الملعب. مع بداية الموسم رجعت إلى ملاحظات كنت أدونها بين وقت وآخر هي نوع من الأمنيات التي أشعر أنها ستساهم في متعة أكثر، ولن تفقد كرة القدم إثارتها. وهي ملاحظات فنية وإدارية عامة وبعضها تفاصيل صغيرة، وتركز بشكل خاص على الشأن المحلي داخل وخارج الملعب. هناك حاجة لمحاضرات تثقيف بالأنظمة والقوانين الدولية والمحلية التي تخص الأندية الرياضية ومسابقات كرة القدم من حيث لوائحها وتنظيمها، والقوانين داخل الملعب. هذا التثقيف يجب أن يستهدف جميع العاملين في الأندية، ويستهدف الجمهور والمنتمين للإعلام الرياضي. لماذا يكثر اللغط في الوسط الرياضي حول القضايا القانونية، هل المشكلة في الأنظمة أم في التطبيق؟ من المهم في هذا الشأن توفر الشفافية من الجهات الرسمية ليس لحسم القضايا الجدلية فقط ولكن لتوفير المعلومات والحقائق والحد من انتشار معلومات وأخبار غير صحيحة. إعداد أو تفعيل الخطة الاستراتيجية لتطوير منتخبنا الوطني لكرة القدم ليصل إلى المركز الذي يليق بمكانة المملكة. الجدل حول التحكيم صار يفسد متعة المنافسة، صار يحدث قبل المباريات وبعدها لأن هذا الجدل مصدرة التشكيك وربما عدم الثقة، ثقة الفريق بقدراته. تبرير الخسارة بأخطاء التحكيم جاهز ومستمر. هذا التبرير يمنع التقييم الذاتي وبالتالي يمنع تطور أداء الفريق لأن قناعة القائمين عليه يعتقدون أن الفريق لا يخسر إلا بأخطاء التحكيم! هذا الفكر يجب أن يكون له نهاية. أخطاء التحكيم موجودة في كل دول العالم لأن الحكم بشر مثله مثل اللاعبين وكل فرق العالم تتضرر وتستفيد من أخطاء التحكيم لكن الفرق القوية تنتصر على أخطاء التحكيم لأنها تحاسب نفسها قبل محاسبة التحكيم. إلى متى يدعي كل فريق أنه مظلوم ومحارب؟ أليس من نهاية لهذه الرواية الطويلة؟ هذا طرح لا يصدر من إدارات الأندية وإنما هو طرح إعلام الأندية ومنها ينتقل للجمهور. أهمية أن يلعب الفرد من أجل خدمة الفريق وليس العكس. المعاملة الخاصة لأحد أعضاء الفريق يدمر مفهوم الفريق. التركيز الذهني عامل مؤثر على أداء اللاعب والفريق، من يركز على أداء الحكم داخل الملعب أو خارج الملعب يؤثر سلباً على أداء الفريق، اللاعب الذي يطارد الحكم داخل الملعب على كل قرار يتحول إلى متفرج غير مفيد للفريق. الإداري قد يمارس نفس الدور السلبي من خارج الملعب. إذا كان قائد الفريق يعتقد أن دوره هو الاحتجاج على قرارات الحكم فقط فسوف يفقد التركيز والدور القيادي. بعض المدربين لا يملكون الشجاعة لإعطاء فرص المشاركة للمواهب الشابة بحجة عدم الخبرة. السؤال المنطقي: من أين تأتي الخبرة؟ لماذا تتكرر مشكلات الأندية مع المدربين واللاعبين، هل السبب جهل بالأنظمة أم مخالفة لها؟! تدخل الإدارة في عمل المدرب خطأ فادح. اختيار المدرب عن قناعة يحتم منحه الثقة والصلاحيات. عوامل النجاح كثيرة في مقدمتها الدور الإداري، الإدارة هي خلف النجاح، وهي المسؤولة في حالة الفشل، إسقاط أسباب الفشل على عوامل خارجية هو علامة من علامات الهروب الإداري من المسؤولية، ومن محاسبة الجمهور. استقطاب اللاعبين من داخل وخارج المملكة يجب أن يعتمد على الاحتياج الفني، وقدرات اللاعب وليس على معيار الشهرة. أهمية التدريب والجدية في التدريب، يروى عن محمد علي كلاي هذه المقولة: كرهت كل لحظة من التدريب ولكني كنت أقول: لا تستسلم، اتعب الآن ثم عش بطلاً بقية حياتك. من الممارسات التي يمارسها بعض اللاعبين وتفقد المتعة إضاعة الوقت في حالة الفوز، وتعمد إصابة الخصم، والتمثيل للحصول على ضربة جزاء، ومحاولة نرفزة الخصم بألفاظ معينة لإخراجه عن جو المباراة وربما التسبب في حصوله على بطاقة حمراء، ومطاردة الحكم اعتراضاً على قراراته ومنها ارتكاب اللاعب لخطأ واضح ثم الاعتراض على قرار الحكم! تصرفات بعض اللاعبين الطائشة تطرح السؤال عن الدور الإداري خاصة عندما تكون هذه التصرفات متكررة. التحليل الفني يحتاج إلى جرعات قوية من الموضوعية والثقافة العامة والخبرة الرياضية. ما الجدوى من استضافة البرامج الرياضية لإعلاميي الأندية - أقصد مشجعي الأندية- تحت مسمى إعلامي رغم أن مشاركة بعضهم تساهم في نشر التعصب وفكر التشكيك والطرح السطحي. مشاركة لا علاقة لها بالإعلام ولا بالنقد الرياضي. إعلام الأندية فكرة يجب أن تنتهي ويحل محلها إعلام علمي. إعلام الأندية إعلام عاطفي ضرره أكثر من نفعه والمهمة التي يفتخر بها هي التعارك مع إعلام الأندية الأخرى. إلغاء عقود المدربين بقرارات انفعالية، وردود أفعال لا تستند إلى تقييم لأداء المدرب من جانب فني وإداري. يبالغ إعلام الأندية في مدح أحد اللاعبين فيضع اللاعب في موقف صعب وفي حيرة أمام هذا السؤال: هل فعلاً أستحق هذا الثناء؟ هل أنا أسطورة؟ هل أحافظ على مستواي أم أستمتع بالنجومية؟ هل تستمر النجومية بدون عمل جاد؟ هل الأداء الفني الجيد للاعب يمنحه الحق في ممارسة سلوك بعيداً عن الروح الرياضية، لماذا يدافع المشجع الإعلامي عن تصرفات النجوم الخاطئة؟ أهمية التهيئة النفسية واحترام المنافسين وتجنب الغرور وحماية اللاعبين من المؤثرات الخارجية المسببة للتوتر. التهيئة النفسية مطلوبة في حالة النجاح وفي حالة الفشل. اللاعب المحترف الواثق من نفسه لا يتذمر في حالة خروجه من الملعب بطلب من المدرب. الانسجام بين الأجهزة الإدارية والفنية واللاعبين فن يحتاج إلى اختيار من يمتلك مهارات إدارية وشخصية وليس خبرة رياضية فقط. الإعلام مسؤولية ذات متطلبات وشروط مهنية وثقافية وأخلاقية. الإعلام الرياضي هو الحلقة الأضعف في المنظومة الرياضية، وهو المجال الوحيد الذي لا يواكب التطوير الشامل في المملكة لأنه يعاني من مرض التعصب. هذا الإعلام يحتاج إلى وقفة جادة وتقييم صارم لكل فروعه ومنتجاته. بعض البرامج الرياضية تستضيف مشجعين يحملون شهادة التعصب بامتياز تحت مسمى إعلامي، يشاركون في هذه البرامج ليس للإضافة المفيدة وإنما لنشر فكر التعصب وفكر التهريج والسخرية ونسف الحقائق. أصبحت كرة القدم خارج الملعب معركة بين إعلاميي الأندية، المنتصر فيها صاحب الصوت الأعلى، والفكر السطحي. في مجال كرة القدم، ثمة تطور فني ملحوظ، مع إعلام رياضي بحاجة إلى تطوير فني وتقني وقبل ذلك مرحلة فكرية جديدة تنتج لنا خطاباً إعلامياً رياضياً موضوعياً يتعامل مع الأحداث الرياضية بفكر علمي واستشعار بمسؤولية الإعلام وقوة تأثيره على الناشئة. المعلق الناجح على مباراة كرة القدم ليس هو المعلق الذي يواصل التعليق دون انقطاع وليس هو من يبالغ في رفع الصوت والثناء بعبارات إنشائية لا علاقة لها بما يحدث داخل الملعب. المعلق الناجح لا يتحول إلى مشجع. الملاحظات السابقة قد يصفها البعض بأنها ثقيلة دم لأنهم يرون أن المثالية لا تناسب كرة القدم وأن الإثارة مطلوبة. نقول لهم، الإثارة شيء والتعصب شيء آخر. الإعلام الرياضي بحاجة إلى تطوير شامل، وهو مهمة وطنية ذات أبعاد مختلفة تتطلب مشاركة جهات مختلفة وهي وزارة الرياضة، ووزارة الإعلام، ووزارة التعليم، ووزارة الثقافة، ومركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، واتحاد الإعلام الرياضي. لماذا مشاركة كل هذه الجهات. لأن الرياضة قوة ناعمة وتطورها صورة للتطور الشامل في البلد لكن الإعلام الرياضي -وهو قوة مؤثرة- لا يواكب هذا التطور ويكرر الفشل وتشوية الصورة الجميلة في كل موسم. يبدو أن منافسات كرة القدم بحاجة إلى بطاقة بيضاء لكل من يمارس الروح الرياضية من اللاعبين أو الإداريين أو المدربين أو الإعلاميين تشجيعاً للتفكير الموضوعي والبعد عن التعصب، وتعزيز ثقافة التنافس البناء.
مشاركة :