رجحت الاستخباراتية الأمريكية فشل الهجوم الأوكراني المضاد في الوصول إلى مدينة ميليتوبول الرئيسية في جنوب شرقي البلاد، بحسب ما أكدت مصادر مطلعة، ما يعني أن كييف لن تحقق هدفها الرئيسي المتمثل في قطع الجسر البري الروسي إلى شبه جزيرة القرم هذا العام. وعزت المصادر السبب إلى الكفاءة الروسية وتحضيراتها للدفاع عن الأراضي التي سيطرت عليها، من خلال مجموعة من حقول الألغام والخنادق، من بينها ما عرف بـ«أسنان التنين». وتوقعت أن يؤدي هذا الفشل إذا وقع إلى تبادل الاتهامات داخل كييف ومع العواصم الغربية حول الأسباب، خصوصا بعد إنفاق عشرات المليارات من الدولارات على الأسلحة والمعدات العسكرية الغربية، وفق ما نقلت صحيفة «واشنطن بوست»، اليوم (الجمعة). وأفاد مسؤولون أمريكيون وغربيون، بأن القوات الأوكرانية التي تتجه نحو ميليتوبول من بلدة روبوتين على بعد أكثر من 50 ميلاً، ستبقى على بعد عدة أميال خارج المدينة. وتعتبر ميليتوبول الواقعة عند تقاطع طريقين سريعين مهمين وخط سكة حديد يسمح لروسيا بنقل العسكريين والمعدات من شبه جزيرة القرم إلى الأراضي المحتلة الأخرى في جنوب أوكرانيا، نقطة بالغة الأهمية في الهجوم الأوكراني، باعتبارها البوابة إلى شبه الجزيرة التي ضمتها روسيا إلى أراضيها قبل أعوام عدة. من جهته، لفت المحلل العسكري في معهد أبحاث السياسة الخارجية روب لي، إلى أن الطريق إلى ميليتوبول يمثل تحديًا كبيرًا، مؤكدا أنه حتى استعادة مدن أقرب مثل توكماك ستكون صعبة. وكشف أن روسيا لها ثلاثة خطوط دفاعية رئيسية هناك، ومدن محصنة بقوة. وأدى هذا التقييم المتشائم، والذي اطلع عليه بعض الجمهوريين والديمقراطيين في الكابيتول هيل، إلى تبادل إلقاء اللوم وتقاذف تحميل المسؤوليات داخل الاجتماعات المغلقة. ودفع بعض الجمهوريين إلى رفض طلب الرئيس جو بايدن الحصول على 20.6 مليار دولار إضافية لمساعدة أوكرانيا، بسبب النتائج المتواضعة لهذا الهجوم. وانتقد جمهوريون وديمقراطيون متشددون، إدارة بايدن على عدم إرسال أسلحة أكثر قوة إلى كييف في وقت قريب. لكن مسؤولين أمريكيين رفضوان هذه الانتقادات التي زعمت أن إرسال طائرات مقاتلة من طراز F-16 أو أنظمة الصواريخ بعيدة المدى مثل ATACMS كان سيؤدي إلى نتيجة مختلفة. وقال مسؤول كبير في الإدارة: «لا تزال المشكلة تتمثل في اختراق الخط الدفاعي الرئيسي لروسيا، ولا يوجد دليل على أن هذه الأنظمة أو الأسلحة ستشكل بمثابة الدواء الشافي أو السحري». وأطلقت أوكرانيا هجومها المضاد في أوائل يونيو الماضي عبر منطقة خاركيف، لكن قواتها تكبدت في الأسبوع الأول من القتال، خسائر فادحة أمام الدفاعات الروسية، على الرغم من امتلاكها مجموعة من المعدات الغربية المكتسبة حديثًا، من ضمنها مركبات برادلي القتالية الأمريكية ودبابات ليوبارد 2 الألمانية الصنع ومركبات متخصصة لإزالة الألغام. وكشف مسؤولون أمريكيون وغربيون أن المناورات الحربية المشتركة التي أجرتها الجيوش الأمريكية والبريطانية والأوكرانية توقعت وقوع مثل هذه الخسائر، لكنها تصورت أن كييف ستتقبلها باعتبارها تكلفة اختراق الخط الدفاعي الروسي.
مشاركة :