دق مراقبون وخبراء ناقوس الخطر، وحذروا من مأساة إنسانية غبر مسبوقة قد يشهدها السودان مع اتساع دائرة القتال للشهر الرابع على التوالي، ومع عمليات النهب والاغتصاب المنتشرة في الخرطوم وضواحيها وإقليم دارفور نتيجة الصراع الدموي بين الجيش وقوات الدعم السريع، وانسداد أفق التوصل إلى حلول سلمية. وفر آلاف السودانيين من منازلهم في عاصمة ولاية جنوب كردفان في السودان، بعد هجوم شنته «الحركة الشعبية لتحرير السودان»، وهي واحدة من 3 قوى تقاتل الآن في المنطقة التي امتد إليها النزاع، وفقا لتأكيدات صحيفة «الغارديان». وفيما حاول الحركة الشعبية لتحرير السودان السيطرة على الولاية، أعلنت القوات المسلحة السودانية أمس، إحباط عدد من الهجمات الفاشلة لقوات الدعم السريع على سلاح المدرعات ومجمع الذخيرة جنوب العاصمة الخرطوم. انتصارات مزيفة ومع تواصل الانتصارات المزيفة لفرقاء الحرب المجنونة التي يدفع ثمنها الشعب السوداني، حمل بيان القوات المسلحة أنباء عن إراقة المزيد من الدماء، وقال «تمكنت قواتنا بمنطقة الشجرة العسكرية جنوب الخرطوم، من إسقاط مئات القتلى والجرحى من قوات الدعم السريع وتدمير 5 مدرعات ودبابة وعربتين وعدد كبير من العربات القتالية». وذكر البيان أن القوات المسلحة استولت على 3 دبابات وعدد من العربات المسلحة، مشيرا إلى أن قوات العدو (الدعم السريع) استخدمت أثناء الهجوم صغار سن، مما يضاف لانتهاكاتها المستمرة للقانون الدولي الإنساني وسجلها الحافل في جرائم الحرب، على حد وصفه. وتابع البيان أن قوات الدعم السريع أطلقت أثناء هروبها قذائف هاون تجاه منطقة السلمة، مما أدى إلى مقتل 6 مواطنين وعدد من الجرحى، إضافة إلى قيامها بقصف منطقة كرري البلد، مما أدى إلى مقتل امرأتين وإصابة 8 مواطنين. مخاوف ورعب بالتواكب تنشط ميليشيات وحركات عدة مسلحة في المناطق الجنوبية والغربية المضطربة في السودان، ويثير تقدم الحركة الشعبية لتحرير السودان مخاوف من انزلاق البلاد إلى حرب أهلية واسعة النطاق، وقال أحد سكان عاصمة الولاية، كادغلي «الوضع سيئ حقا، هربت العائلات من المنطقة بلا طعام وبلا أموال.. وحتى المنظمات غير الحكومية الدولية عجزت عن إطعامهم». وأضاف أن المدنيين يبحثون عن ملاذ آمن في المدارس والمساجد في الأحياء الشرقية من كادغلي، مشيرا إلى أن بعض الفارين وصلوا إلى كادغلي بعد هروبهم من الخرطوم، عاصمة البلاد التي كانت مسرحا لأشهر من القتال العنيف. واستولت الحركة المتمردة على حوالي 10 قواعد من القوات المسلحة السودانية حول كادغلي وبلدة الدلنج منذ يونيو، دون أن تواجه مقاومة تذكر، وفقا لأشخاص يعيشون في الولاية، مما ساعد في توسيع سيطرتها الإقليمية على الولاية من حوالي النصف إلى 60%. صراع ثلاثي وتشير صحيفة «الجادريان» الإنجليزية إلى الطبيعة الفوضوية الثلاثية للصراع في الولاية، حيث تسيطر قوات الدعم السريع على مدينة الدبيبات الاستراتيجية، التي تربط جنوب كردفان ببقية السودان بشبكة من الطرق والسكك الحديدية، فيما أغلقت القوات السودانية الطرق التي تربط كادقلي والدلنج، في محاولة لمنع الفارين من تقدم الحركة بالولاية، ومع ذلك يشير المصدر نفسه إلى أن مئات العائلات نجحت في الخروج من كادغلي بين شهري يونيو ويوليو، لتستقر بمدينة الأبيض عاصمة ولاية شمال كردفان المجاورة. وفيما تعد الأبيض بدورها نقطة قتال ساخنة بين القوات السودانية وقوات الدعم السريع، يقول علي الشرقاوي، أستاذ في مدرسة ابتدائية في كادغلي، إن الكثير من الأشخاص يعدون تلك المنطقة رهانا أكثر أمانا، لافتا إلى أن المدينة مهددة بالسقوط في حرب أهلية بسرعة كبيرة. سئمنا الهروب فقد الشاب البالغ من العمر 36 عاما وظيفته كمدرس عندما بدأت الحرب، ومثل عدد لا يحصى من الأشخاص في جميع أنحاء البلاد، لم يتلق راتبه منذ أشهر، غير أنه يقول إنه يرفض مغادرة المنطقة بعد أن سئم الهروب، وكشف أنه اضطر مرتين لمغادرة منزل عائلته في قرية في جنوب كردفان بسبب القتال الدائر منذ 2011. ويواجه الملايين الذين بقوا في الخرطوم ومدن بمنطقتي دارفور وكردفان عمليات نهب على نطاق واسع وانقطاعات طويلة الأمد للكهرباء والاتصالات والمياه، وفق وكالة «رويترز». وتؤكد المهندسة المتطوعة أزاهر داهية، أن الكثير من المدنيين لقوا حتفهم في هجمات الحركة الشعبية لتحرير السودان على قرى حول كادغلي، مشيرة إلى أن بعض الفارين القادمين من الخرطوم وجدوا أنفسهم يهربون مرة أخرى. وتتابع «الوضع يزداد سوءا خاصة بعد قرار الجيش إغلاق الطريق الذي يربط الخرطوم بكردفان ودارفور»، مشيرة إلى أن كل مركبة على الطريق تعد هدفا عسكريا، لذلك لم تدخل البضائع إلى المناطق التي هي في أمس الحاجة إليها. ونتيجة لذلك يدفع الناس مبالغ أكبر بكثير من المعتاد مقابل البضائع المهربة من جنوب السودان. عودة متوقعة ويرى المحلل السياسي السوداني شمائل نو، أن عودة نشاط الجماعات المتمردة في غرب وجنوب السودان كانت متوقعة، بالنظر إلى ضعف القوات المسلحة السودانية. وقال نور «تمثل التوترات التي تعرفها البلاد فرصة جيدة للحركة الشعبية لتحرير السودان للسيطرة على مناطق جديدة»، مضيفا «لا أعتقد أن الحركة تقف مع أي جانب من الجانبين المتقاتلين أساسا في الخرطوم، لكنها قد تهدف تعزيز تموقعها استعدادا للفترة المقبلة لما بعد الصراع». وبعد تسجيل انتهاكات عدة بالعاصمة الخرطوم وإقليم دارفور، اتسع نطاق الاقتتال في السودان لتصل المعارك إلى مدينتين كبيرتين هما الفاشر والفولة، بينما يكشف صحفيون وناشطون عن معاناة السكان والنازحين بتلك المدن، وشهد دارفور، الإقليم الشاسع الواقع في غرب البلاد، إلى جانب العاصمة الخرطوم، أعمال عنف تعد الأسوأ. الحرب في أرقام 3.4 ملايين نازح بسبب الحرب 1.17 مليون فروا للدول المجاورة 450 ألف شخص تقريبا فروا إلى مصر 590 ألفا فروا إلى بقية الدول 3900 قتيل 14,500 مصاب الحركة الشعبية لتحرير السودان.. ماذا تريد؟ قاتلت إلى جانب جنوب السودان قبل أن يصبح دولة مستقلة في 2011 مع انفصال جنوب السودان عادت إلى القتال في منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق انشقت في 2017 إلى حركتين: الحركة الشعبية لتحرير السودان «جناح عبدالعزيز الحلو »« والحركة الشعبية لتحرير السودان «جناح مالك عقار» تسعى لتحقيق مكاسب على الأرض مستغلة الفرقة التي يشهدها السودان والصراع الدامي الحالي
مشاركة :