يحتفل العالم بيوم المرأة الدولي الذي يوافق اليوم 8 مارس مطالبًا بالمساواة بين الجنسين، في الوقت الذي تعاني نساء بحرينيات من غياب المساواة بين بنات جنسهن على مستوى التشريع الأسري. وبينما تتمتع المحاكم الشرعية السنية بقانون حديث يتضمن تفسيرات ونصوص واضحة تضمن حقوق المرأة وسرعة البت في الأحكام، تعاني أخريات من الطائفة الجعفرية من أمزجة القضاة، وتعليق مصائرهن لسنوات على رفوف المحاكم. غياب الشق الجعفري من القانون، دفع قناعة قاضي المحكمة لرفض طلب خلع سيدة أصيبت بمرض جنسي خطير بسبب زوجها، وقناعته أيضا رفضت تحرير أخرى من قبضة الوسواس القهري الذي هددها بالقتل وعرضها للضرب والهجران وكلفها ديونا تصل لآلاف الدنانير. أزمة غياب الشق الجعفري من القانون أدت لانعدام المساواة بين نساء الطائفتين، مما دفع بعضهن من المذهب الجعفري إلى اللجوء للمحاكم السنية لتوثيق عقود الزواج، أملاً بالمساواة وهربًا من شبح الهجران والتعطيل في أروقة المحاكم الشرعية الجعفرية. أبنائي أيتام وجدار يفصلهم عن أبيهم... مهجورة: العدوى الجنسية ليست ضررًا يستحق الطلاق بالجعفرية بمزيج من الرغبة في التحدي والانكسار وهو النقيض، تحدثت (ل.ص) لـالأيام عن معاناتها كامرأة في أروقة المحكمة الجعفرية لسنوات. وتقول: في البداية، لم تكن المشاكل بيني وبين والد أبنائي سببًا للانفصال بالنسبة لأهلي، لذا حاولت أن أصبر إلى أن أصبت بعدوى مرض جنسي من زوجي، كاد أن يودي بحياتي. وقالت: حينها فقط، وبعد أن اطلع أهلي على التقارير الطبية، ورغم حالتي الصحية الحرجة، شعرت أن حياتي ستنفرج، إلا أن معاناة المحكمة كانت أشد ألمًا من المرض، وأكثر قسوة من والد أبنائي نفسه. وتتابع: هجرني زوجي منذ عدة سنوات، قام بفصل البيت إلى قسمين، يعيش وزوجته الأجنبية في قسم مفصول تمامًا عن الذي أسكنه مع أبنائي، وقد سبق أن حضر مفتش من المحكمة وعاين الوضع والتقط الصور، إلا أن المحكمة رفضت منح أبنائي النفقة لأنهم ووالدهم يسكنون بالعنوان نفسه. وأضافت، حتى الآن رفعت حوالي 10 قضايا ضد والد أبنائي، طلبت الخلع أكثر من مرة لأستفيد من الخدمات التي تقدمها المؤسسات الرسمية للمطلقات، إلا أن عدم إقرار الشق الجعفري من قانون أحكام الأسرة جعلني معلقة لسنوات، وجعل أبنائي أيتامًا بالرغم من أن جدارًا يفصلهم عن والدهم الذي يرفض دفع دينار واحد لهم. وتواصل: كان كل نقاش يتحول لشجار، ويقوم بسبي وشتمي، ويهددني بالقتل، وقام بضربي أكثر من مرة. وأشارت إلى أنها واجهت صعوبة في بداية هجران زوجها لها، وفي التعامل مع الأبناء بعد أن أصبحت مسؤوليتهم بالكامل على عاتقها، إلا أنها تعايشت مع الواقع. وقالت: ما أسعى إليه الآن هو نيل حقي بالطلاق وحق أبنائي في العيش بكرامة، علما بأني أعمل ولي مركزي في مؤسسة تعليمية مهمة، إلا أني غير قادرة على تغطية مصاريف الأسرة نظرًا لكثرة الأعباء والالتزامات المالية، كما أني محرومة من كل العلاوات بما فيها الغلاء لأني لست متزوجة ولا مطلقة ولا أرملة. وتؤكد: ليس للمرأة صوت بالمحكمة الجعفرية، كنت أذكر تفاصيل لا تكتب، ورغم الأدلة وإثبات الضرر إلا أن طلب الخلع كان يرفض في كل مرة لأن الأسباب غير كافية وفق منظورهم. وطالبت بفتح ملف قانون الأسرة وإقرار الشق الجعفري حفاظا على كرامة وحقوق المرأة، وناشدت جميع المنظمات المعنية والجهات الرسمية بالتدخل لإنهاء معاناة آلاف النساء اللواتي أرهقهن محاباة الرجل في المحاكم. المقترح يحظى بدعم القضاة وجاهل من يخالفه العصفور: قانون الأسرة الجعفري يفك عقدة 30 إشكالاً شرعيًا أكد مطلق المقترح الأول لقانون أحكام الأحوال الشخصية الشق الجعفري الشيخ محسن العصفور أن المسودة المطروحة حاليا على طاولة غرفتي التشريع النواب والشورى تضم حلاً لأكثر من 30 إشكالا شرعيا يواجه المحاكم الجعفرية في البحرين. وقال في تصريح لـالأيام إن هذه المسودة هي الوحيدة التي تعالج المسائل الشرعية المعضلة التي تواجهها المرأة في البحرين، مشيرًا إلى أن جميع المسائل المطروحة محل اتفاق، وتعبر عن فقه عملي يناسب واقعنا، بعيدًا عن الإشكاليات الزمنية. وأوضح العصفور أن مقترح قانون الأحكام الأسرية الشق الجعفري أطلق لأول مرة في عام 1998، ويعد أول مشروع في تاريخ القضاء الشرعي، وكل المشاريع التي طرحت بعده لم تكن بالمستوى المطلوب وتم استبعادها. وأبدى العصفور ثقته في المقترح الذي قدمه لسد هذا الفراغ التشريعي، معتبرًا أنه مشروع مميز جدًا، وقد نال قبول الكثير من القضاة في دول الخليج بما فيها العراق، وقد طبعت نسخ منه باللغتين العربية والانجليزية وأرسلت إلى كل من الكويت والإمارات والمنطقة الشرقية بالسعودية. وشدد رئيس الأوقاف الجعفرية على أن أي متخصص في الفقه لا يمكنه الاعتراض على المسودة التي رفعها، مؤكدًا أنها تتضمن ثوابت وأمورًا محل اتفاق بين جميع الفقهاء كما أنها تمثل عمق المذهب الجعفري. وأكد العصفور أن مسودة قانون الأحوال الشخصية تحظى بدعم وتأييد من قبل أعضاء الغرفتين التشريعيتين وكذلك القضاة والمحامين، لافتًا الى أن المشروع مميز جدًا ولا يمكن لأي عاقل مخالفته. وبيّن أن المسوودة تناولت موضوع الحقوق والواجبات والالتزامات الزوجية، صورة متكاملة للحقوق والواجبات والالتزامات، وتحديد الحكم الشرعي في حال الإخلال بها من أي طرف، المنازعات في الحقوق والالتزامات والواجبات الزوجية المشتركة للزوج والزوجة. قلة ترفض لكن صوتها عالٍ غالبية المحامين يدعمون تقنين الأحوال الشخصية أكد محامون لـالأيام أن غالبية المحامين في البحرين يدعمون إصدار الشق الجعفري من قانون أحكام الأسرة في البحرين نظرًا لأهميته في تنظيم شؤون القضاء الجعفري وتسهيل اجراءات التقاضي تجنبًا للتعقيدات الحالية، مشيرين الى أن هناك قلة من المحامين يرفضون القانون لمسايرة المجتمع ولكن صوت الأقلية عالٍ. وأوضح المحامين الذين - فضلوا عدم ذكر أسمائهم - أن رفوف المحاكم الشرعية تعج بالملفات العالقة منذ سنوات، مؤكدين أن تقنين الأحكام سيسهم بلا شك في إنهاء هذه الإشكالية وتعزيز العدالة والمساواة. وقالوا إن غياب التشريع يعقد اجراءات التقاضي كما يعقد العمل أمام المحامين، فالقضاء الشرعي يعمل حالياً بحسب رأي القضاة المستند لمجموعة من الاجتهادات الفقهية المختلفة، موضحين أن الآلية الحالية غير عملية أبداً و تنتج أحكام مختلفة في القضية الواحدة رغم أن موضوعها واحد لم يتغير، ولكن الاختلافات الفقيهة تصنع ذلك. وأكد المحامين أنه نظرًا للأوضاع المأساوية في القضاء الجعفرية وتأخر البت في القضايا لمدد تصل لسنوات فإن هناك بحرينيات من المذهب الجعفري يلجأن إلى توثيق عقودهن في المحاكم السنية تحسباً لوقوع مشاكل، خاصة عندما يكون الزوج غير بحريني، إذ أن احتمال الهجران وارد بشكل أكبر. وأوضحوا إن التجربة أثبتت جدوى تقنين الأحكام الأسرية في المحاكم الشرعية الجعفرية، وذلك بعد أن تم تطبيقها في المحاكم الشرعية السنية، إذ بدا واضحاً التحسن في إجراءات التقاضي وسرعة البت في الأحكام خاصة المتعلقة بالطلاق. لو قرأ الأزواج قانون الأسرة لصفقوا له الموسوي: مزاجية القضاة في إصدار الأحكام مرفوضة أكد عضو مجلس الشورى سيد ضياء الموسوي أن قانون أحكام الأسرة يرسم علاقة متناسقة بين كل أطراف الأسرة، بحيث يحفظ حقوق الزوج والزوجة والأبناء، ويمثل تشريعًا عادلاً يحكم طبيعة العلاقة بين أفراد الأسرة. وأشار إلى أن من غير الممكن أن تصدر الأحكام وفق مزاجية بعض القضاة ورجال الدين، لذا يجب أن توضع ضمانة حقيقية لحفظ الحقوق في حالات الطلاق والخلع والنفقة وغيرها وفق قانون واضح قابل للتغيير دون المس بالثوابت في العقيدة. وقال: نحن بحاجة لإقرار الشق الجعفري، وحالة الضبابية التي يعاني منها المجتمع بسبب عدم معرفة الناس بحقوقهم، وعدم اطلاعهم على القانون، لافتًا إلى أننا بحاجة إلى انتفاضة علمية معرفية للتعريف بالقانون، إذ أن الإعلام المرتبط بالقانون مسيس، في مقابل مجتمع مصاب بفوبيا التغيير، لذا هناك حالة ارهاب وذعر من القانون قبل ولادته ومن الطبيعي تعرضه للرفض. وتابع: لو قرأت كل زوجة وزوج القانون بتمعن لصفقوا له، لذا نحن بحاجة للتوعية بصورة هادئة، خاصة وأن الكثير من العلماء شهدوا للقانون بتطوره وتناسبه مع الشريعة الإسلامية، وقد تغير الكثير من القناعات التي كانت متطرفة بعد أن اصطدمت بالواقع ولامست حجم المشاكل في المحاكم. وأضاف، الإعلام المضاد للقانون قوي، لكن الواقع يؤكد أن تكدّس الملفات في المحاكم الجعفرية سببه أزمة التشريع بالرغم من جهود العلماء والقضاة. تعرّضت للهجران والسلب والتهديد بالقتل القاضي لم يقتنع بالوسواس القهري لخلع سيدة لم ترتقِ قناعة قاضٍ بالمحكمة الجعفرية لـوقوع الضرر على سيدة بحرينية تعرّضت للضرب والتهديد بالقتل من زوجها المصاب بالوسواس القهري. الزوجة التي تعمل مدرسة بوزارة التربية والتعليم، أجبرها زوجها على شراء العديد من العقارات، وحملها ديونًا تصل إلى آلاف الدنانير، كما أنه هجرها وتركها وحيدة منذ 3 سنوات تواجه مطالبات وأقساط البنوك للعقارات التي سجلت باسمه. محامي الزوجة: رفعنا دعوى تضمّنت تقريرًا طبيًا يؤكد إصابة الزوج باضطراب نفسي خطير قد يؤدي لإضرار الآخرين جسديًا، الأمر الذي أدى لتفريغه من مهام عمله، مضيفاً، بالرغم من كل الأسباب والمبررات التي تقدمنا بها إلا أن قناعة المحكمة أفضت إلى رفض طلب الخلع؛ لأنها لم ترتقِ لوقوع الضرر على الزوجة. المصدر: سارة نجيب
مشاركة :