عطاف يستكشف في جولة افريقية سبل كبح شظايا أزمة النيجر

  • 8/23/2023
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

الجزائر - يشرع وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف اليوم الأربعاء في جولة أفريقية تحمله إلى كل من نيجيريا والبنين وغانا بهدف إجراء مشاورات مع نظرائه في هذه البلدان التي تنتمي إلى المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا "إكواس"، فيما تأتي هذه الزيارات في خضم تمسكّ الجزائر برفضها لأي تدخل في النيجر، مدّعية أنها رفضت إعطاء الضوء لاستخدام مجالها الجوي في العملية العسكرية المحتملة وهو ما نفته فرنسا، ما يعكس حجم التوتر المتصاعد بين البلدين.  وستتمحور هذه المشاورات حول "الأزمة في النيجر وسبل التكفل بها عبر الإسهام في بلورة حل سياسي يجنب هذا البلد والمنطقة بأسرها تداعيات التصعيد المحتمل للأوضاع"، وفق الخارجية الجزائرية.   وتعتبر الجزائر أن أي تدخل عسكري في النيجر يهدد أمنها القومي وتؤكد أنها تفضل اتباع السبل الدبلوماسية لاستعادة النظام في البلاد. وتحدثت صحيفة الخبر الجزائرية في تقرير نشرته الثلاثاء عن انطلاق "العد العكسي للعملية العسكرية المقرر تنفيذها في النيجر لإعادة الرئيس السابق محمد بازوم وإسقاط الانقلاب العسكري". وأشارت إلى "القوات العسكرية النيجيرية بدأت في التمركز بمناطق شمالي البلاد على بعد أقل من 230 كلم عن نيامي عاصمة النيجر"، متوقعة أن تكون العملية التي يجري الاستعداد لها لإنهاء الانقلاب في النيجر الأكبر منذ حرب رواندا في بداية التسعينات. وتابعت أن معلوماتها تشير إلى أنه "يتم حشد قوات عسكرية في مواقع على الحدود بين النيجر ونيجيريا بمناطق بولاية سكتو على مقربة من الحدود مع النيجر"، مشيرة إلى أن الجيش النيجيري "سيكون العمود الفقري للعملية العسكرية المتوقعة". وعزت المشاركة الهامة المتوقعة لنيجريا في التدخل العسكري المحتمل إلى مخاوف أبوجا من موجات لجوء من النيجر. وكان الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون قد أعرب عن مخاوف بلاده من أي رد فعل عسكري، قائلا إن "التدخل العسكري قد يشعل منطقة الساحل بأكملها وإن الجزائر لن تستخدم القوة مع جيرانها". ونفى الجيش الفرنسي الثلاثاء أن يكون قد طلب من الجزائر استخدام مجالها الجوي لتنفيذ عملية عسكرية في النيجر بعدما قالت الإذاعة الجزائرية الرسمية إن السلطات رفضت طلبا فرنسيا في هذا الشأن. ويعكس النفي الفرنسي لهذه المزاعم الجزائرية مجددا حجم التوتر المتصاعد بين باريس والجزائر على خلفية ملفات عديدة، فيما دخلت العلاقات بين البلدين نفق أزمة جديدة بعد انتقاد وجهته وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا في يونيو/حزيران الماضي لمقطع في النشيد الوطني الجزائري "قسما" يتوعد فرنسا على حقبة الاستعمار. ورد وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف عليها بتهكم قائلا "ربما كان يمكنها أن تنتقد أيضا موسيقى النشيد الوطني، ربما الموسيقى لا تناسبها أيضا.. بعض الأحزاب أو السياسيين الفرنسيين يرون أن اسم الجزائر أصبح سهل الاستخدام في الأغراض السياسية". وكان مبرمجا أن يؤدي تبون زيارة إلى باريس في مايو/أيار الماضي لكنها أُجلت إلى نهاية يونيو/حزيران الماضي ولم تتم إلى الآن، بينما أدى الرئيس الجزائري زيارة إلى روسيا، في خطوة أثارت انزعاجا غربيا من فتح الطريق للتمدد الروسي في مناطق نفوذ ومصالح حيوية للغرب في مقدمته الولايات المتحدة. وتتخفى الجزائر وراء صورة الدولة الرافضة للتدخلات العسكرية والمناصرة لحق الشعوب في تقرير مصيرها بعيدا عن التدخلات الأجنبية، فيما تصمت على انتهابات قوات "فاغنر" في مالي وتتجاهل تزايد النفوذ الروسي في منطقة الساحل والصحراء. وأصبح الوجود العسكري الفرنسي في غرب أفريقيا هشا على نحو متزايد وسط موجة من الانقلابات في منطقة الساحل منذ عام 2020. وطُردت القوات الفرنسية من مالي وبوركينا فاسو وتزايدت المشاعر العدائية تجاه فرنسا في شوارع نيامي منذ انقلاب 26 يوليو/تموز. وبعد الإطاحة بالرئيس محمد بازوم المنتخب في العام 2021 أعلنت الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا في 10 أغسطس/آب عزمها على نشر قوة "لإعادة النظام الدستوري في النيجر" من دون أن تعرف تفاصيل عملية كهذه وموعدها خصوصا. وتؤكد "إكواس" تفضيلها للحل الدبلوماسي لكنها تلوّح باستمرار باحتمال اللجوء إلى القوة رغم انقسام في صفوف أعضائها بهذا الخصوص. وعلق الاتحاد الأفريقي عضوية النيجر، لكنه أبدى تحفظا على تدخل عسكري محتمل من جانب دول غرب أفريقيا لإعادة الرئيس محمد بازوم إلى الحكم داعيا إلى حل دبلوماسي. وطلب مجلس السلم والأمن "من مفوضية الاتحاد الأفريقي دراسة الانعكاسات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية لنشر قوة احتياط في النيجر وإبلاغ المجلس بالنتائج"، مبديا في الوقت ذاته بوضوح تفضيله السبل الدبلوماسية. الجزائر - كشفت الاذاعة الجزائرية أن السلطات رفضت طلبا فرنسا بالسماح للطائرات الفرنسية بعبور أجواء البلاد لشن عملية عسكرية في النيجر على خلفية الانقلاب العسكري على محمد بازوم مشيرة الى ان الرفض الجزائري كان قويا وصارما فيما نفى الجانب الفرنسي هذه المعطيات. وترى الحكومة الجزائرية أن أي تدخل يمكن أن يهدد أمنها القومي لكن مراقبين يرون ان المعطيات الجزائرية والتكذيب الفرنسي دليل على حجم الخلافات بين البلدين. وقالت الاذاعة في تقرير مقتضب الاثنين أن فرنسا تستعد لتنفيذ تهديداتها الموجهة إلى المجلس العسكري في النيجر والمتعلقة بتدخل عسكري في حال عدم إطلاق سراح الرئيس بازوم. ووفق مصادر مؤكدة أوضح التقرير ان التدخل العسكري بات وشيكا والترتيبات العسكرية جاهزة" وان "الجزائر التي كانت دائما ضد استعمال القوة، لم تستجب للطلب الفرنسي بعبور الأجواء الجوية الجزائرية من أجل الهجوم على النيجر". وقد نفى رئيس هيئة أركان الدفاع في فرنسا فرانسوا لوكوانتر اليوم الثلاثاء أن تكون باريس قد طلبت من الجزائر استخدام مجالها الجوي لتنفيذ عملية عسكرية في النيجر ما يرجح ان تكون المعطيات الجزائرية محاولة لاحراج باريس في خضم توتر في العلاقات خاصة وان الحكومة الفرنسية نفت نيتها شن هجوم قريب على النيجر. وكانت الجزائر أغلقت أجوائها أمام عبور الطائرات العسكرية الفرنسية إلى مناطق ودول الساحل خاصة مالي التي شهدت قيل سنتين انقلابا عسكريا شبيها بانقلاب النيجر وذلك خلال أزمة علاقات شهدها البلدان بسبب ما وصفتها الجزائر بتدخلات باريس غير المقبولة في شؤونها الداخلية واستهداف الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لمؤسسات الدولة الجزائرية وبالأخص المؤسسة العسكرية حيث قرر الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون الاستدعاء الفوري لسفير الجزائر بفرنسا للتشاور قبل ان تعود الامور الى طبيعتها. وقد نفى ماكرون في تصريحات اثارت جدلا وجود امة جزائرية قبل الاستعمار الفرنسي للجزائر مشيرا الى ان "النظام السياسي العسكري في الجزائر تم بناؤه على ريع مرتبط بالذاكرة وإنّه منهك بسبب الحراك" قبل ان يتراجع عنها بفعل الضغوط. وعادت العلاقات للتدهور من جديد بسبب ملف لجوء المعارضة اميرة بوراوي الى فرنسا بعد هروبها عبر الحدود التونسية لكن السلطات الفرنسية سعت لتجاوز الازمة وادى مسؤولون فرنسيون على راسهم وزيرة الخارجية كاترين كولونا زبارة الى الجزائر لتهدئة الاجواء. وتعرف العلاقات بين فرنسا والجزائر مراوحة بين التوتر والانفراج ولا تزال هنالك خلافات في عدد من الملفات مثل ملف الذاكرة الاستعمارية حيث اقر  تبون في تصريحات سابقة بأن العلاقات بين البلدين "متذبذبة"، بينما تأجلت زيارته المقررة إلى فرنسا إلى أجل مسمى بعد أن كانت مبرمجة في مايو/أيار الماضي قبل أن يتم إرجاؤها إلى حزيران/يونيو الماضي. وتتهم الجزائر فرنسا بدعم مجموعات معارضة تصفها السلطات الجزائرية بانها إرهابية وتسعى لزعزعة استقرار البلد فيما تقول فرنسا انها لا تستطيع اغلاق افواه معارضين للسلطة في الجزائر. وفي المقابل سعى تبون خلال الآونة الأخيرة إلى تعزيز التقارب بين الجزائر وروسيا، حيث توجت زيارته إلى موسكو في يونيو/حزيران الماضي بإعلان "الشراكة الإستراتيجية المعمقة". ويثير تنامي العلاقات الروسية الجزائرية توجّس الدول الغربية التي تعتبر أن الرئيس تبون فتح منافذ واسعة للتمدد الروسي في فضاءات جيوسياسية بالغة الحساسية بالنسبة إلى أوروبا وللولايات المتحدة. ورغم ان الجزائر أكدت على لسان تبون رفضها للانقلابات العسكرية وتاييد الشرعية الدستورية في الجارة الغربية لكنها طالبت بحلول سلمية للازمة في النيجر رافضة اي تدخل عسكري أجنبي. وترفض الجزائر التهديدات التي تطلقها مجموعة دول غرب افريقيا" ايكواس" بالتدخل العسكري في النيجر حيث يعتبر مقربون من السلطة انه تهديد مدفوع من باريس التي خسرت مصالحها في منطقة الساحل والصحراء. واثر الانقلاب عبر قادة عسكريون في دول غرب إفريقيا عن نيتهم إرسال قوات إلى النيجر إذا فشلت الجهود الدبلوماسية في حل الأزمة هناك لكن ايكواس لا زالت تفسح المجال للحوار مع قادة الانقلاب واعادة الشرعية الدستورية. وعبرت الخارجية الجزائرية السبت الماضي عن أسفها الشديد لما أسمته "إعطاء الأسبقية للجوء إلى العنف في النيجر عوض مسار الحل السياسي والتفاوضي الذي يسمح باستعادة النظام الدستوري والديمقراطي بشكل سلمي"، مؤكدة ان التدخلات العسكرية جلبت المزيد للمنطقة المزيد من المشاكل بدلا من الحلول. وتسعى الجزائر لترويج فكرة انها دولة تدعم ضمان استقلال الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية رغم دورها التآمري ضد الوحدة الترابية للجارة المغرب بدعم جبهة البوليساريو الانفصالية في الصحراء المغربية. وتروج الجزائر لنفسها صورة الدولة الداعمة للتحرر الوطني رغم انها صمتت على تدخلات وانتهاكات قوات فاغنر الموالية لروسيا في مالي بعد الانقلاب العسكري ورغم ان التدخل الروسي بات واضحا وجليا في منطقة الساحل والصحراء.

مشاركة :