يسلّم دونالد ترامب نفسه الخميس لسلطات سجن بولاية جورجيا حيث ستؤخذ بصماته قبل أن يتمّ الإفراج عنه بكفالة تمهيداً لمحاكمته بتهمة محاولة التلاعب بنتيجة الانتخابات الرئاسية في 2020، في رابع محاكمة جنائية يلاحق فيها بينما يسعى للعودة إلى البيت الأبيض. ومن المقرّر أن يحضر ترامب إلى سجن مقاطعة فولتون في أتلانتا بولاية جورجيا حيث وجّه القضاء له ولـ18 شخصًا آخر تهمة "الابتزاز" وارتكاب عدد من الجرائم سعياً لقلب نتيجة الانتخابات الرئاسية عام 2020 في هذه الولاية الرئيسية التي فاز بها منافسه الديموقراطي جو بايدن. وقال الملياردير الجمهوري في منشور على منصّته للتواصل الاجتماعي "تروث" إنّه يستعدّ لتسليم نفسه لسلطات السجن في مقاطعة فولتون في الساعة 19,30 (23,30 ت غ). وأضاف أنّه يحاكم "لأنّني تحلّيت بالشجاعة للتشكيك بانتخابات مزوّرة ومسروقة". وتعني إجراءات التوقيف أن تؤخذ بصمات المتهم وتُلتقط له صور جنائية قبل إطلاق سراحه بكفالة حدّدت قيمتها في حالة ترامب بـ200 ألف دولار. وسبق لعشرة متّهمين آخرين في هذه القضية أن سلّموا أنفسهم في هذا السجن وقد أطلق سراح جميعهم بكفالة، وآخرهم كبير الموظّفين السابق في البيت الأبيض مارك ميدوز الذي دفع كفالة بقيمة 100 ألف دولار وخرج. وهناك متّهم وحيد في هذه القضية أُبقي خلف القضبان بعد أن سلّم نفسه، هو هاريسون فلويد وقد احتُجز لأنه لم يبرم مع القضاء بصورة مسبقة اتفاقاً لدفع كفالة مقابل إطلاق سراحه. وأصبح سجن "رايس ستريت" قبلة لصحافيين من العالم أجمع، إذ يحتشد هؤلاء أمامه منذ أيام تحت خيم ضخمة لتغطية حدث تسليم ترامب نفسه. وكلّ المتّهمين في هذه القضية الذين دخلوا هذا السجن لتسليم أنفسهم، وبعضهم تحت جنح الليل، خرجوا منه ليجدوا صورهم الجنائية التي التقطت لهم داخله تتصدّر عناوين الأخبار. ويزداد التأييد لترامب قبل خمسة أشهر من بدء الانتخابات التمهيدية لاختيار مرشّح الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية الأميركية للعام 2024، غير أنّ العديد من القضايا الجنائية تلقي بظلالها على محاولته العودة إلى البيت الأبيض. ويأتي تسليم ترامب نفسه لسلطات جورجيا بعد ساعات من المناظرة الأولى في ميلووكي للجمهوريين المرشحين للانتخابات التمهيدية التي آثر الملياريدر المثير للجدل عدم المشاركة فيها بدعوى أنّ استطلاعات الرأي تؤكّد تصدّره بفارق كبير عن بقية منافسيه. ورغم تغيّبه عن المناظرة فقد كان ترامب الحاضر الأبرز فيها. وبدأت المناظرة في ميلووكي بولاية ويسكنسن بعد دقائق من بثّ مقابلة مسجّلة للإعلامي اليميني المتشدّد تاكر كارلسون مع ترامب عبر منصّة اكس. وقال ترامب "قررت أنه من الأنسب لي ألّا أشارك في المناظرة. هل أجلس هناك ساعة أو ساعتين... وأتعرض للمضايقة من أشخاص لا يجدر بهم حتى أن يكونوا مرشّحين للرئاسة؟". وأكد ترامب أن التهم الموجهة إليه في القضايا الأربع "تافهة ولا معنى لها ومفتعلة"، واتّهم بايدن بتسخير وزارة العدل لعرقلة محاولته الوصول إلى البيت الأبيض. بكل فخر وشُدّدت الإجراءات الأمنية قبل وصول ترامب إلى سجن مقاطعة فولتون، وهو مركز احتجاز معروف بأنّه غير آمن ويفتقر لشروط النظافة وموبوء بالحشرات ويشمله تحقيق تجريه وزارة العدل بعد وفاة عدد من السجناء فيه. وصباح الخميس، تمّ إغلاق المدخلين المؤدّيين إلى السجن أمام حركة المرور، باستثناء مركبات قوات الأمن. وعند أحد هذين المدخلين، كان شرطيون يرتدون سترات مضادّة للرصاص ينتظرون داخل شاحنة صغيرة. وقبل وصوله إلى السجن الخميس، غيّر ترامب رسمياً المحامي الذي سيتولّى تمثيله في جورجيا. ولم يقدّم أيّ تفسير لماذا استعاض ترامب عن المحامي درو فيندلينغ بالمحامي سيفن سادو، أحد أبرز المحامين في أتلانتا، علماً بأنّ كلا الرجلين معتاد على الدفاع عن المشاهير. لكنّ سادو انتقد في الماضي قانون الجريمة المنظمة الذي استندت إليه المدّعية العامّة لمقاطعة فولتون فاني ويليس لتوجيه التّهم في هذه القضية. ويعاقب على هذه التّهم بالسجن لمدة تتراوح بين خمس سنوات وعشرين سنة. وكانت ويليس حدّدت موعداً نهائيا حتى ظهر الجمعة (16,00 ت غ) ليحضر المتّهمون طوعاً ويسلّموا أنفسهم. ولم يُضطرّ ترامب لتحمّل إهانة التقاط صورة جنائية له في المرات الثلاث التي أوقف فيها هذا العام وهي، في نيويورك بتهم دفع أموال لإسكات ممثلة إباحية، وفي فلوريدا لإساءة التعامل مع وثائق حكومية بالغة السرية، وفي واشنطن بتهم التآمر لقلب خسارته في 2020 أمام الديموقراطي جو بايدن. غير أنّ المسؤول الأمني في مقاطعة فولتون بات لابات قال للصحافيين في وقت سابق هذا الشهر إنه عندما يتعلق الأمر بالتوقيف في هذا السجن "مهما كان وضعكم، سنكون على استعداد لالتقاط صوركم". والأربعاء قام رئيس بلدية نيويورك السابق رودي جولياني المتهم بمساعدة ترامب على التلاعب بالانتخابات، بتسليم نفسه لسلطات ولاية جورجيا التي أطلقت سراحه لاحقًا بكفالة قدرها 150 ألف دولار. والأربعاء قال جولياني إنّه تحدّث مع ترامب ليتمنّى له التوفيق حين يسلّم نفسه الخميس. وعند مغادرته السجن بعد دفعه الكفالة، هاجم جولياني السلطات القضائية، مؤكّداً أنّ "ما يفعلونه به هو هجوم على الدستور الأميركي". ومن بين المتّهمين في هذه القضية كلّ من مارك ميدوز، كبير موظفي البيت الأبيض في عهد ترامب، وجون ايستمان وهو محام محافظ. ومن المفترض بالمتّهمين في هذه القضية أن يعودوا جميعاً إلى أتلانتا في الأسبوع الذي يبدأ في الخامس من سبتمبر، للمثول هذه المرة أمام المحكمة لإبلاغها ما إذا كانوا سيدفعون ببراءتهم من التهم الموجّهة إليهم أم لا. أربع محاكمات مرتقبة ويواجه ترامب أربع محاكمات جنائية العام المقبل خلال موسم الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري الذي يبدأ في يناير، وفي ذروة الحملة الرئاسية في نوفمبر 2024. وقدّم المدّعي العام-الخاص جاك سميث مقترحاً ببدء محاكمة ترامب في يناير بتهم التآمر لقلب نتائج انتخابات 2020 وبحملة من الأكاذيب كانت وراء الهجوم على مبنى الكابيتول في 6 من يناير 2021 الذي نفّذه مؤيدون لترامب. بالمقابل، طلب محامو الرئيس السابق تحديد أبريل 2026 موعداً لبدء محاكمة موكلهم بالتّهم الفدرالية الموجّهة إليه، وهي التآمر لإلغاء نتيجة انتخابات عام 2020. والموعد الذي طلبه المحامون بعيد نسبياً من الانتخابات الرئاسية المقرّرة العام المقبل. ومن المقرّر أن تُصدر القاضية تانيا تشوتكان في أغسطس قرارها بشأن موعد بدء المحاكمة. وطلبت المدّعية العامة فاني ويليس تحديد الرابع من مارس موعداً لبدء محاكمة ترامب في قضية التلاعب بنتائج الانتخابات الرئاسية في ولاية جورجيا، وهو نفس الشهر الذي من المقرّر أن يمثل فيه الرئيس السابق لمحاكمته في نيويورك في التهم الجنائية الموجّهة إليه في قضية تزوير وثائق على صلة بدفع مبلغ للممثلة الإباحية ستورمي دانيالز مقابل التستّر عن علاقة يُعتقد أنّها كانت قائمة بينهما. ومن المقرّر أن يمثل ترامب في مايو من العام المقبل أمام هيئة محلفين في فلوريدا في قضية يُتّهم فيها بانتهاك قانون مكافحة التجسّس. تابعوا أخبار العالم من البيان عبر غوغل نيوز طباعة Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :