منذ انطلاقة الحركة التشكيلية في منطقة عسير كان «القط» من أهم مصادر الإلهام، فبرزت ألوانه وخطوطه المميزة في لوحات الفنانين، وأخذ «القط» بتزيين جدران المنازل في منطقة عسير منذ مئات السنين، معتمداً على الزخارف الهندسية البديعة التي تستوحي أبعادها ودلالاتها من الثقافة المحيطة خصوصاً ألوان الطبيعة. وهو ما لفت نظر عدد من فناني العالم الذين كانوا يزورون المراسم التشكيلية في قرية «المفتاحة»، ثم كانت الانطلاقة إلى العالمية بعد تسجيل «القط» ضمن القائمة التمثيلية للتراث غير المادي في منظمة «اليونسكو» عام 2017. وعن الانتشار الكبير لفن «القط» على المستويين الداخلي والخارجي، يؤكد الباحث في مجال الفنون علي مغاوي أن الفنون تموت إذا لم تتطور، مضيفاً أن القط أصبح فنّاً شعبياً عالمياً متداولاً، وأن استثماره اقتصادياً شيء مهم بل مطلوب. واستدرك مغاوي بقوله: «هناك أنواع مختلفة من التوظيف والاستثمار، والجانب الأغلب هو ما يسمى «الفن للفن» وهذا يبرز في بيع اللوحات التشكيلية لمحبي الفنون، وهذا أمر معروف وشائع عالمياً، فنحن نشاهد التحف المعروضة في معظم المدن العالمية التي ترمز إلى ثقافة البلد المصنوعة فيه، وهي لا شك من أهم مقومات السياحة». وأكمل: «بالنسبة لـفن «القط» فهو من الفنون القابلة للتوظيف في معظم المنتجات الاستهلاكية والتذكارية، كذلك أصبح من أيقونات منطقة عسير المهمة جداً، فلا تكاد تجد منشوراً أو معلماً حضارياً في المنطقة إلا ويكون «القط» أداة زخرفة وتزيين له، وهو بلا شك أمر جميل ومهم كونه يمثل هوية خاصة بالمكان، ونوعاً من التراث الثقافي الذي ينتشر في جميع دول العالم». من جانبه، يشير الفنان التشكيلي «محمد شراحيلي» في حديثه إلى أن البعض «يشوه هذا الفن العريق» من خلال تكليف جهات أو مصانع أو أشخاص لا يعرفون عن «القط «شيئاً، بل يقومون بعمل نسخ مشوهة على بعض المنتجات الاستهلاكية، مثل الهدايا والأدوات المنزلية، ووصل الأمر إلى توظيفه في بعض مواد البناء. ويرى شراحيلي أن تدريب وتأهيل الموهوبين من الشباب والشابات داخل المملكة على أيدي مختصين أمر مطلوب لكي نحافظ على جودة المنتج والاستفادة الاقتصادية منه. يذكر أن «القط» هو فن تزيين جدران المنازل في منطقة عسير منذ مئات السنين، وكلمة «قط» في معاجم اللغة العربية تعني «خَط» أو «نحت» أو «قطع»، وهو ما تفعله المبدعات من نساء منطقة عسير في المنازل، خاصة منازل الأثرياء ووجهاء المجتمع قديماً.
مشاركة :