علميًا.. هل الحب من أول نظرة حقيقي؟

  • 8/28/2023
  • 17:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

  الكل يبحث عن الحب؛ فمن دون الحب الحقيقي لا معنى للحياة، إنه الشعور الذي يدفعنا دائمًا إلى الأمام، وبسببه تتحقق النجاحات باعتباره القوة التي تدفع صاحبه كي يمضي قدمًا نحو تحقيق أحلامه وطموحاته. مشاعر كثيرة تلك التي تُغازِل قلبك إذ رأيتَ شخصًا ما لأول وهلة، وهي مشاعر حقيقية بكل تأكيد، قد تُسمِّيها حبًّا، وربّما يكتفي بعضهم بتسميتها إعجابًا، لكن الدارج أنّه حب من أول نظرة، فهل بنظرةٍ اكتملت أركان الحب؟ وما سرّ المشاعر والتقلبات النفسية التي تنتابك عند رؤية المحبوب لأول وهلة؟ الحب من أول نظرة مفهوم شائع، ففي استطلاع قديم لـ"غالوب"، أُشِير إلى أنّ 52% من الناس في الولايات المتحدة الأمريكية يؤمنون بالحب من النظرة الأولى. وفي استطلاع عام 2017، أُجري على 5,000 بالغ أعزب، تبيّن أنّ 4 من كل 10 مرُّوا بتجربة الحب من أول نظرة، بنسبةٍ أكثر لدى الرجال مقارنةً مع النساء؛ لذا فإمكان الوقوع في الحب من أول نظرة ليس بعيدًا، بل هو مُحتمَل. "الحب من أول نظرة" هو في حقيقته انجذاب للمحبوب، ليس حبًّا حقيقيًّا، فهو يُمثِّل صرخة في أعماقك بأنّ ثمّة شيئًا مميزًا جدًّا في هذا الشخص بعينه. وقد وجد الخبراء حسب موقع "psychcentral" أنّ الحب من النظرة الأولى ليس نوعًا فريدًا من الحب، بل قد يكون نتيجة يسهل التنبؤ بها بناءً على الانجذاب الجسدي للطرف الآخر. الحب الحقيقي يستغرق وقتًا، ويتطلَّب وعيًا بطبيعة المحبوب، وطبيعتك أيضًا، فهو كالبستان، تحتاج إلى سقياه، وزراعته، والتحلِّي بالصبر إلى أن يُثمر أزهارًا طيِّبة، والحب من أول نظرة لا يقطع كل هذه المسافات. الحب علاقة عميقة، تتضمّن شعورًا بالأمان والثقة، والتعلُّق بين الطرفين، وهذه العوامل لا تأتي من النظرة الأولى بكل تأكيد. لكن المشاعر التي التهمت قلبك من النظرة الأولى قد تنقلب إلى حب حقيقي مستوفٍ لشروطه، وهذا يتوقَّف على تصرفك في الواقع. إذا كانت الشمس ساطعة في كبد السماء، فهذا هو النهار وهي دليله، فكذلك الحب من أول نظرة له دلائل تظهر عليك، مثل: التواصل البصري هو كل شيءٍ بالنسبة إلى الحب من أول نظرة، فعندما لا تتمكَّن من رفع عينك عمّن تعلَّق به قلبك في هذه الوهلة، ولا يسعك سماع أو رؤية أي شيءٍ آخر من حولك، فهذا أول دلائل الحب من النظرة الأولى "أو يمكن تسميته إعجابًا فهذا أدقّ عزيزي القارئ". الفرق الجوهري بين الحب الذي أخذ الزوجان في بنائه سنواتٍ، والحب من أول نظرة هو الشعور الطاغي بالعصبية، فعندما تُحادِث أو تقترب ممَّن أحببتَ من أول نظرة، قد تشعر بالعصبية والسعادة في نفس الوقت، وهذا لا يتوفَّر في الحب الحقيقي عادةً. شخصٌ لا تعرفه، رأيتَه مرةً، فانجذبت إليه، بل لم يتوقّف بك الحال عند هذا الحد، وإنّما وثقت به، ولا تقلق منه، قد تكون خائفًا بعض الشيء لأنّك لا تعرفه، لكن من يهتم؟ أنت تثق به كأنّك تعرفه منذ زمن طويل، مع أنّ كل ما بينكما لا يتجاوز نظرة. هذا ما يعنيه الإحساس بالألفة إثر الحب من أول نظرة، فهي مشاعر طيِّبة، لكن قد تكون في غير محلِّها أحيانًا. اقرأ أيضًا: تعرف على درجات الحب ال14 - في أي درجة منها أنت؟ "مرآة الحب عمياء" لا أجد أفضل من هذا المثل لتوصيف الحب من أول نظرة، إذ يعتقد المُحبّ أنّ المحبوب مثالي، خالٍ من أي عيوب "ضع في حسبانك أنّ المُحبّ لا يعلم شيئًا بعدُ عن المحبوب". يشعر الإنسان كأنّه وجد توأم روحه، أو الشريك المثالي، فكلّ ما يفعله المحبوب يبدو مثاليًا، ومن المستحيل أن تجد فيه عيبًا واحدًا. الشعور برغبةٍ في المحبوب، أو الانجذاب الجنسي حتى من دلائل الحب من أول نظرة، وفي الحقيقة، خلصت العديد من الدراسات إلى أنّ مدى الجاذبية التي يتمتَّع بها أي شخص، عامل ضخم في الوقوع في الحب من النظرة الأولى معه.   الشعور بسعادةٍ عارمةٍ تجتاح كل خلايا جسدك عند رؤية المحبوب، والتي قد تكون بسبب غزو هرمونات السعادة لك، مثل الدوبامين والنور أدرينالين. كذلك، كثرة التفكير بما يُشبِه الوسواس في بعض الأحيان في من تحبّ، والرغبة المستمرة في قضاء مزيدٍ من الوقت مع الشخص الآخر؛ للتعرف إليه بعمق من براهين الحب من أول نظرة. إذا تأكدتَ من وقوعك في الحب من أول وهلة، فلا بُدّ أنّك ترغب في معرفة السر وراءه، أو بالأحرى السر في الاستجابة النفسية والانفعالية التي تشعر بها، ولذلك هناك تفسيرات، أهمّها ما يلي: يُطلَق على الأيام الأولى في العلاقة بين طرفين "مرحلة شهر العسل"، وفيها يكون المرء منجرفًا خلف مشاعره، ولا يبدو أنّ هناك أي عيبٍ في الطرف الآخر؛ إذ إنّك لا ترفع عينك عن الشخص الآخر، ولذا فكل شيءٍ يبدو مثاليًّا. اقرأ أيضًا: 14 نصيحة لتجديد الحب في علاقتك الزوجية ينشط الجهاز الحوفي "limbic system" إثر الارتباط العاطفي، فقد يُطلِق الجسم هرمون الأوكستوسين والدوبامين، وبمقدور هذه الهرمونات أنّ: وهذه التفاعلات الكيميائية الحادثة في الجسم، تُشعِرك بالقرب من المحبوب وإن كُنتَ لا تعلمه حقيقةً بعد؛ لذا لا يسع الاعتماد فقط على ضخّ الدماغ قدرًا هائلاً من الهرمونات، مُشعِرةً لك بالسعادة في بناء العلاقة دون معرفة الطرف الآخر حقيقةً. إذا لم يُراعِ أبواك مشاعرك، فقد تشعر بالهُجران وتخلِّي الآخرين عنك، وبصفتك بالغًا الآن ولم تعُد صغيرًا، فيُمكنك تطوير طريقة ارتباط قلقة "التعلّق القلق". وحيث كان تعلُّقك من هذا النوع، فسيكون شريكك مثاليًا من وجهة نظرك، وهذا باختصار لوجود احتياجاتٍ غير مُلبّاة منذ طفولتك، ومِنْ ثَمّ فقد لا يكون ذلك حبًا من الوهلة الأولى، وإنّما هو تعلّق قلق؛ لعدم اعتناء الأبوين بمشاعرك في الصغر.   الانجرار وراء المشاعر ليس صوابًا دائمًا، ولذا يُفضّل اتِّباع النصائح الآتية للتعايش مع مشاعر الحب من أول نظرة: لا داعي لأن أُخبرك عزيزي القارئ بأنّ اتخاذ قرار كبير كالزواج، استنادًا إلى مشاعر احتّلت قلبك من أول وهلة، هو طيش، فالحياة لا تُبنَى على المشاعر فقط، وكذلك الحبّ الحقيقي؛ لذا أجِّل قراراتك الكبيرة فيما يتعلّق بهذا الأمر. لا ينبغي النظر إلى من أحبَبت بقلبك ومشاعرك فقط، لكن العقل ضروري، خاصةً إذا كُنتَ في خضم اتخاذ قرار، فبِه تزِن ما إذا كان المحبوب مُلبِّيًا لما ترغبه حقًا في شريك حياتك أم لا، كما أنّه يحجزك عن اتخاذ قرارات متهورة. إضافةً إلى ذلك، لا بُدّ أن تكون توقعاتك بشأن المحبوب واقعية لا خيالية أو واهمة. ينبغي أن تعرف نفسك جيدًا قبل أن تحبّ، وقد يُساعِدك الحديث مع معالج في معرفة نفسك عن قرب، فكثير منّا لا يأبَه بسؤال نفسه عمّا يعتقده ويشعر به؛ لذا فالبداية تكون بمعرفة نفسك؛ كي تضع أهدافًا لأيّ علاقةٍ ترجوها. سمِّه حبًا أو إعجابًا، فالحب من أول نظرة لا يستمر تلقائيًا، بل يحتاج الحب إلى مثابرة وعملٍ شاق، وبناء متبادل للثقة والأمان، ومِنْ ثَمّ فإمكانية استمراره إلى الأبد تتوقّف على الطرفَين ورغبة كل منهما.

مشاركة :