أكاد أجزم أن للتغريبيين تنظيما سريا داخل هذا البلد العريق, فلا ريب أن المتأمل في الآحداث والوقائع الداخلية والخارجية يدرك أنهم يتناغمون مع كل هجمة تنصب على عقيدة السلف المعتدلة والتي تستهدف دستور البلاد وأنظمة الحكم فيها والثوابت والقيم والمسلَّمات,فما يردده الصفويون في قنواتهم هو مايردده الصوفيون الغلاة في الازهر كقولهم بالامس القريب(الوهابية تؤدي للالحاد) وهو مايردده البعض من كتابنا التغريبيين, مثلما لمح اليه الاقتصادي طارق كوشك في برنامج حراك(الجمعة 24صفر 35هـ) وكما قالت الكاتبة بصحيفة المدينة دانية غالب(الفراغ الديني رغم مظاهر التدين) ولدي من الامثلة على ذلك الكثير من خلال صحافتنا وقنواتنا الفضائية, ومن تأملها وجد العجب العجاب..لكن دعوني أكتفي بمقالة الكاتبة سمر المقرن بصحيفة الجزيرة بتاريخ 22صفر 35هـ (تحرير تعليم البنات من قبضة المتطرفات) وكذلك تصريحها لقناة العربية يوم الخميس 23 صفر35هـ. ركزتْ الكاتبة في مقالتها على أن التعليم في هذه البلاد قد تجدَّر وبُني على فساد فكري أسسه حسب زعمها دعاة الهدم والتطرف والفساد,وأن أية اصلاح تتعاقب عليه تبؤ بالفشل لآنها تقوم على جرحٍ غائر بلا تطهير ولامعالجة عميقة..وتدعو الكاتبة لهدم ذلك البناء الذي قام عليه التعليم في بلادنا ومواجهة المشكلة الحقيقية واعادة بنائه على ارضية سليمة! كانت مقالة الكاتبة بمناسبة تسلم صاحب السمو الملكي الامير خالد الفيصل وزارة التربية والتعليم,ظانة أن سمو الامير سيتنازل عن مسلَّمات ودستور هذه البلاد وهو ابن وحفيد المؤسسَين لدستورنا العريق الامير محمد بن سعود والشيخ المجدد محمد بن عبدالوهاب وهو ابن الفيصل الذي يعرفه الشرق والغرب والقاصي والداني بأنه واضع اللبنات الحقيقية للتعليم,والامير خالد الفيصل هو الذي يقول في بيته الشهير : حنا هل التوحيد لوكان ماكان** والله مانرضى على الدين شابه ! وحين تَدعي الكاتبة أن التعليم في بلادنا قد بُني على فساد فكري فدعونا نتسائل نحن ابناء هذا الوطن كبارا وصغارا رجالا ونسائاً فنقول هل بُني التعليم في بلادنا على نظريات الشيوعية والاشتراكية؟وهل تعلمنا في مدارسنا نظريات لينين وماوتسي تنج وماركس وجعلناها نظائر أوبدائل لدستورنا؟ وهل في مناهجنا مايدعو للرذائل ويحذر من الفضائل؟ وهل في طياتها ما يحرض على عدم طاعة ولاة الآمر والخروج عليهم؟ هل وجِدَ في مناهجنا وتعليمنا مايدعو للخرافة والاساطير البائدة الكاذبة؟وهل حُصرتْ العلوم الشرعية في مدارسنا وجامعاتنا في مذهب واحد من المذاهب الاربعة التي عليها اهل السنة والجماعة؟أو في مذهب يخرج عن هذه المذاهب الاربعة؟؟ لاشك اننا سنقول كلنا كلا! أليس تعليمنا في مناهجنا قد بُني على أسس وقواعد تنبثق من ديننا الاسلامي الحنيف؟بلى ..فالقرأن العظيم والسنة النبوية الصحيحة المطهرة وعلوم اللغة والتاريخ الغير محرف والعلوم الحديثة كالرياضيات والفيزياء والكيمياء وكذلك اللغة الانجليزية وعلوم الحاسب وغيرها من العلوم العصرية النافعة..كل هذه المواد والعلوم.. هي مناهجنا في مدارسنا فأين الخلل في هذا البناء؟ إذن أين الفساد الذي تدعيه الكاتبة سمر المقرن؟ وهل هناك بناءٌ ماعلمتْ به وزارة المعارف قديما ووزارة التربية والتعليم حديثا حتى يَخرجُ علينا التغريبيون ليقولوا لنا هذا هو البناء الذي غفل عنه الوزير والمواطن والآمة كلها..لتكن سمر المقرن أكثر جرأة ولتخبرنا بكل وضوح وشفافية وبكل دقة ماذا يجب على وزارة التربية والتعليم هدمه ولتخبرنا بالبدائل وبالتفصيل الممل..وأتحداها! لقد تجاوزت هذه الكاتبة كثيرا في مقالتها وفي تصريحاتها لقناة العربية, فاتهمت معلماتنا وبناتنا الفاضلات بالتطرف والارهاب وأنهن نتاج الصحوة ودعاة الفساد,وما علمت المسكينة التي اشفق عليها أن الصحوة المباركة أيقظت المؤمنين الغافلين وجددت المفاهيم للآمة قاطبة,فاستفادالموفق وتذمر المحروم,وناوئها الشقي. وهاهي تدعو لاقتحام الحصون المنيعة في مدارس بناتنا والتدخل السريع لانقاذهن من قبضة المتطرفات على حد زعمها,وكأنها لا تنتمي لهذا البلد ولاتعلم أن ديننا يحث على الحشمة وعدم التبرج! فهل يكون لبس معلماتنا وبناتنا للعبائات تطرف وانحراف وفساد يحاسب عليه القانون؟ وهل تريد منهن أن يخرجن سافرات كاشفات هل هذا هو الاصلاح والبناء الحقيقي الذي تريده سمر المقرن للتعليم في بلادنا؟ّ! أما التطرف والارهاب الذي نعرفه جميعا وتعرفه سمر لكنها تُسقطه حين تريد على المتدينين,فهو حين يكون المسلم خارجيا في فكره ومعتقده كالذي يكفر العلماء والحكام وموظفي الدولة ويمنع ابناءه من التعليم والتوظيف ويفجر ويدمر منشأات وطنه ومقدراته ويتسم بالدروشة والضلال! وهذه الفئة لاتوجد ولله الحمد في مدارسنا ولا جامعاتنا ولادوائرنا الحكومية,وإن وجد منها شيء فشاذ ونادر وليس ظاهرة,وكلنا ننبذه وندعو الى اجتثاثه ,وليس عدلا ولا انصافا أن تلقي سمر هذه التهم على اخواتها وأبناء وطنها وتدعو لاقتحام حصونهن لتلغي عنهن الخصوصية التي ذكرتها في مقالتها! ولتعلم سمر المقرن أن التعليم الذي تشكو من ضعفه مقارنة بدول الجوار هو التعليم الارقى والاجدر طالما أنه حوى منهجي الدين والدنيا,وهو التعليم الذي خرَّج أفضل الاطباء والطيارين والمهندسين والدعاة والاكاديميين, ولتعلم سمر المقرن أن جُلّ هؤلاء الذين يشار لهم بالبنان داخليا وخارجيا في تميزهم.. أنهم هم المحافظون على دينهم وعلى احتشام نسائهم وبناتهم فدور القرأن وحلقاته تعج بهم,وهم الموالون الحقيقيون لهذا البلد,وهم الاوراق الرابحة للوطن وللآمة..وأما اولئك الذين ينعقون مع كل ناعق ويكيلون التهم على كوادر الوطن وأبناء الشعب فهم لايختلفون عن الذين الصقوا تهم الارهاب بالمسلمين جميعا بعد احداث سبتمبر وقد لايتجاوز حينها عدد الارهابيين عشرة نفر! إن تهم الارهاب والتطرف التي ألصقتها سمر المقرن بمعلماتنا ومعلمينا ودعاتنا,اسطوانة قديمة مشروخة لم يعد يصدقها أحد فالارهاب الحقيقي الذي يهدد الوطن والمجتمع والآمة هو إرهاب التغريب الذي يدعو لنسف القيم والثوابت ويتناغم مع أعداء الوطن ولعل سمر المقرن تعرض مقالتها وتصريحها للعربية على صحف الصفوية وقنوات التغريب , لترى هل سيجد ترحيبا أم استنكارا. لاشك أنه سينال المدح والتمجيد والثناء..لآنهم يعلمون أن بناء التعليم هو بناء الآمة الناجحة لانه يصنع الاجيال القادمة..ومقالة سمر المقرن تدعو لهدم البناء الذي أسس على الدين والقيم الحميدة وهذا مايريدون..والدليل انهم مَنْ سيقدم معاول الهدم هدية للهادم!! رافع علي الشهري r-a-alshehri@hotmail.com
مشاركة :