أكد رئيس مجلس السيادة الانتقالي بالسودان وقائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان أن القوات المسلحة السودانية "ليست لديها أي نزعة للاستيلاء على السلطة أو للاستمرار في الحكم"، وشدد على التزامها بـ "استكمال المسار الانتقالي الديمقراطي وإقامة انتخابات حرة". وقال البرهان في مؤتمر صحفي عقب استقبال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي له اليوم (الثلاثاء) إن "السودان يواجه اليوم حربا مدمرة قامت بها مجموعات متمردة استعانت بكل ما يمكن أن يدمر الشعب السوداني، ومارست تلك المجموعات أبشع أنواع الجرائم التي يمكن أن تصنف كجرائم حرب في الخرطوم والجنينة ونيالا ومختلف بقاع السودان". وأضاف البرهان، خلال زيارته الخارجية الأولى منذ بدء الحرب في السودان، أن ممارسات هذه المجموعات المتمردة طالت كل الشعب السوداني الذي نهبت أمواله وممتلكاته واغتصبت حرماته. وتابع "أردنا من خلال هذه الزيارة أن نشرح تطورات الموقف للقيادة المصرية والشعب المصري وأن نضع القيادة المصرية في الصورة الصحيحة، وأيضا نفكر في شأن الجالية السودانية الكبيرة التي لجأت إلى مصر وأريد أن أشكر الشعب المصري والقيادة المصرية على تسهيل دخول السودانيين إلى مصر". وطلب البرهان من العالم أن ينظر إلى الحرب في السودان "نظرة موضوعية وصحيحة"، مشيرا إلى أن الحرب قامت بها "مجموعة تريد أن تستحوذ على السلطة، وفى سبيل ذلك قامت بكل جريمة بشعة". وأردف أن السودان يشهد الآن جرائم تهجير للمواطنين واستيلاء على الممتلكات ونهب وسرقة وقتل في كل مكان، لذلك نحن حريصون أن نضع حدا لهذه الحرب حتى تنتهي هذه المأساة. وأكد "نحن في القوات المسلحة السودانية ملتزمين بأن نسعى إلى إقامة فترة انتقالية حقيقية يستطيع بعدها الشعب السوداني أن يؤسس دولته من خلال انتخابات حرة نزيهة يختار فيها الشعب السوداني من يريد أن يحكم". ووصف الإدعاءات بأن القوات المسلحة السودانية تحتضن النظام السابق والجماعات الإسلامية والإرهابية بـ "الأكاذيب" التي تستخدم كفزاعة لتدمير الشعب السوداني. وشدد البرهان على أن "القوات المسلحة السودانية قوات قومية ليست لديها أي نزعة للاستيلاء على السلطة أو أي نزعة للاستمرار في أن تحكم السودان، ونحن نطمئن كل أصدقاء السودان وجيرانه بأننا ماضون في السعى إلى إيقاف هذه الحرب واستكمال المسار الانتقالي الديمقراطي وإقامة انتخابات حرة ونزيهة في نهاية المسار لكي يختار الشعب السوداني من يحكمه". وجاءت تصريحات البرهان عقب استقبال الرئيس السيسي له اليوم في مدينة العلمين الجديدة شمال غرب القاهرة. وأكد السيسي خلال اللقاء مع البرهان اعتزاز مصر الكبير بما يربطها بالسودان على المستويين الرسمي والشعبي من أواصر تاريخية وعلاقات ثنائية عميقة، وأشار إلى موقف مصر الثابت والراسخ بالوقوف بجانب السودان ودعم أمنه واستقراره ووحدة وسلامة أراضيه خاصة خلال الظروف الدقيقة الراهنة التي يمر بها، أخذا في الاعتبار الروابط الأزلية والمصلحة الاستراتيجية المشتركة التي تجمع بين البلدين. وشهد اللقاء بين السيسي والبرهان استعراض تطورات الأوضاع في السودان، والتشاور حول الجهود الرامية لتسوية الأزمة على النحو الذي يحافظ على سيادة ووحدة وتماسك الدولة السودانية ويصون مصالح الشعب السوداني وتطلعاته نحو المستقبل. وتناول اللقاء كذلك تطورات مسار دول جوار السودان، حيث رحب رئيس مجلس السيادة السوداني بهذا المسار الذي عقدت قمته الأولى أخيراً في مصر. كما تطرقت المباحثات إلى مناقشة سبل التعاون والتنسيق لدعم الشعب السوداني، لاسيما عن طريق المساعدات الإنسانية والإغاثة حتى يتجاوز السودان الأزمة الراهنة بسلام. من جهته، توقع الخبير السياسي الدكتور طارق فهمي أن تكون هناك "انفراجة" في المشهد السوداني في ظل مسار دول جوار السودان. وقال فهمي أستاذ العلوم السياسة بجامعة القاهرة لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن "البرهان لديه تصور أن مصر هي التي يمكن أن تقوم بدور الوساطة المباشرة في ظل الترحيب بها من كل الأطراف كونها على مسافة واحدة من طرفي النزاع وتتمتع بمصداقية واتصالات وعلاقات مع الأطراف المعنية". وأضاف أن تعدد المسارات يعيق بصورة كبيرة أي تصور لحل الأزمة السودانية، مشيرا إلى مسار دول الإيجاد ومسار الاتحاد الأفريقي ومسار جدة ومسار دول جوار السودان. وتابع "اعتقد أن دمج هذه المسارات يخدم تسوية الأزمة السودانية، والبرهان رحب بمسار دول جوار السودان الذي تدعمه مصر وتحركت في إطاره". وعقد قادة دول جوار السودان، وهي مصر وإريتريا وجنوب السودان وإفريقيا الوسطى وليبيا وإثيوبيا وتشاد، قمة في القاهرة في 13 يوليو 2023، ودعوا إلى الوقف الفوري لإطلاق النار في السودان، واتفقوا على تشكيل آلية على مستوى وزراء الخارجية لوضع حلول عملية وقابلة للتنفيذ لوقف الاقتتال والتوصل إلى حل شامل للأزمة السودانية. واستبعد فهمي أن تكون مباحثات السيسي والبرهان قد تطرقت إلى مبادرة أو طرح جديد، بل التأكيد على الثوابت الحاكمة للعملية التفاوضية. ورأى الخبير المصري أن "اختيار البرهان مصر في أول زيارة خارجية له رسالة بأن مصر منخرطة في حل هذا الصراع، وهي التي تضررت من تدفق اللاجئين، كما أنها طرحت رؤية سياسية مباشرة وتحركت نحو الحلول السياسية، وكل هذا يعكس أهمية كبيرة للمصريين في هذا الملف". وعن أبرز تداعيات زيارة البرهان للقاهرة، قال فهمي إن "البرهان خرج بعد أربعة أشهر من الحرب إلى الواجهة السياسية ويطل من أكبر دولة عربية في تأكيد لدور النظام السوداني، واعتقد أن الزيارة مهمة لجملة من الاعتبارات". ونوه بأن "دور الوسيط المصري مركزي ورئيسي خاصة أن مصر قدمت رؤية وطرحت آلية دول الجوار، وهي آلية مهمة على المستوى الإقليمي والدولي وهناك قبول لهذا الطرح".
مشاركة :