تحقيقات اغتيال النائب العام تبرز مخاوف من التشدد في الأزهر

  • 3/9/2016
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

بعد عزل الرئيس المصري السابق محمد مرسي في 3 تموز (يوليو) 2013، وفض اعتصام آلاف من أنصاره في ميدان «رابعة العدوية» في 14 آب (أغسطس) من العام نفسه، لم تجد جماعة «الإخوان المسلمين» حاضنة لحشد أنصارها ضد الحكم الجديد أفضل من الجامعات، التي ظلت عاماً دراسياً كاملاً مشتعلة، حتى تمكنت الدولة من السيطرة عليها بعدما سُمح للشرطة مجدداً بالتواجد في حرم الجامعات، لكن بقيت جامعة الأزهر التحدي الأبرز في تلك المواجهة، فمنها خرج أكبر التظاهرات وأعنفها، ما شكك في قدرة الأزهر على التصدي للفكر المتطرف الذي ظهر أن عدداً ليس قليلاً من منتسبي جامعته، طلاباً وأساتذة، يعتنقونه. ويخضع عشرات من أساتذة الأزهر لتحقيقات في اتهامات بـ «العنف» أو «التحريض عليه»، وفر عشرات منهم خارج البلاد، فيما يقضي آخرون عقوبات بالسجن وصدر ضد عدد منهم أحكام بالإعدام. وأظهر إعلان السلطات توقيف منفذي عملية اغتيال النائب العام السابق هشام بركات باستهداف موكبه في القاهرة بعبوة ناسفة بلغ وزنها 80 كيلوغراماً في حزيران (يونيو) الماضي، اختراق الفكر المتشدد عقول طلاب الجامعة على نحو خطير وصل إلى حد تنفيذ منسوبين إليها أكبر عملية اغتيال لمسؤول في الدولة منذ عزل مرسي. وأمر النائب العام نبيل صادق قبل يومين بحبس 8 متهمين في قضية اغتيال سلفه، 15 يوماً على ذمة التحقيق، بعدما كان أمر بحبس 6 متهمين بتنفيذ الجريمة، بتحريض من قيادي في جماعة «الإخوان» يُقيم في تركيا، «بعد تلقيهم تدريبات في قطاع غزة، على أيدي ضباط في جهاز الاستخبارات التابع لحركة حماس»، وفق ما أعلن وزير الداخلية مجدي عبدالغفار. وكان لافتاً أن المتهمين الذين أقروا في تسجيلات الشرطة بمسؤوليتهم عن اغتيال النائب العام كلهم طلاب في جامعة الأزهر تعرفوا إلى الجماعة في أروقتها وانتسبوا إليها حديثاً، وشاركوا جمعياً في اعتصام «رابعة العدوية»، وبعده شاركوا في التظاهرات التي قادتها الجماعة في جامعة الأزهر، قبل أن ينخرطوا في «اللجان النوعية» التي شكلتها الجماعة، بحسب اعترافاتهم، لاستهداف قوات الأمن والمرافق الخدمية للدولة. ورفض أعضاء في هيئة كبار العلماء في الأزهر التعليق على مخاوف انتشار الفكر المتشدد في الأزهر، بعد كشف وزارة الداخلية تلك المعلومات. لكن عضواً في الهيئة رفض ذكر اسمه قال إن الجامعة مارست «تطهيراً ذاتياً» لأساتذتها وطلابها بعد الأحداث التي شهدتها البلاد في أعقاب عزل مرسي، لافتاً إلى أن «من تراجع من الطلاب عن الفكر المتشدد، وتجنب الزج بالجامعة في الخلافات السياسية، سُمح له بمواصلة الدراسة، أما من تمسك بأفكاره فتم فصله». وأوضح أن «عملية الفرز هذه تواصلت على مدار السنوات الماضية، فمن ثبتت مشاركته في التظاهرات العنيفة تم القبض عليه من الأجهزة الأمنية، وخضع لتحقيقات تتعلق بجرائم جنائية، ومن برأته السلطات عاد إلى الجامعة لمواصلة الدراسة»، لافتاً إلى أنه «تم فصل أعداد من الطلاب على مدار الأعوام الماضية، بينهم طلاب أجانب. أما الأساتذة، فمن ثبتت إدانته من القضاء تم اتخاذ الإجراءات القانونية والإدارية حياله». لكنه اعتبر أن «أعداد الطلاب ممن يعتنقون الفكر المتشدد لا يمكن أن تمثل نسبة خطرة أو تثير مخاوف، فهم قلة وسط جموع طلاب جامعة الأزهر». وقال الخبير في الحركات الإسلامية ناجح إبراهيم لـ «الحياة»، إن الأزهر شهد في الفترة الماضية «حال اختراق كبيرة فكرية وتنظيمية من جماعة الإخوان والحركات المتطرفة». وأضاف أن «فكر الأزهر يقوم على التسامح وعدم الاصطدام مع الحكام والزهد وعدم التحزب أو الدخول في تنظيمات إسلامية، لكن في السنوات الأخيرة حدث اختراق للفكر الأزهري تماماً حتى أصبح معظم طلاب الأزهر لا يميل إلى فكر الأزهر، وعدد كبير من أساتذة الأزهر انتسب إلى هذه الجماعات، وكان يجب عليهم أن يغلبوا انتماءهم إلى الأزهر على انتمائهم إلى تلك الجماعات، لكن للأسف حدث العكس. وأحد أسباب هذا الأمر أن أساتذة في الأزهر مارسوا عملهم بفكر الموظف لا بفكر صاحب الرسالة». ولفت إلى أن «اعترافات طلاب الأزهر في قضية اغتيال النائب العام تُظهر أن خطاب اعتصام رابعة وفضه العنيف ساهما في نشر العنف أيضاً، فضلاً عن أن قمع التظاهرات في الجامعات بالأساليب الأمنية، دفع بعضهم إلى انتهاج العنف… طلاب عبروا عن رأيهم بالتظاهر ولما مُنع التعبير السلمي بدأوا الانضمام إلى تجمعات مُسلحة». لكن إبراهيم رأى أن الأوضاع داخل جامعة الأزهر تغيرت في العام الماضي، إذ «بات معظم الأساتذة في السجون، وأيضاً عدد كبير من الطلبة في السجون، ولم تعد هناك نشاطات لأي جماعات في الأزهر، لكن ليس بالقهر الأمني تُحل المشكلة. عدد كبير من الأساتذة في السجون وفصلوا من الجامعة، وتلك الإجراءات ليست حلاً… حينما لا تقوم الجامعة بواجبها الأصلي ولا رسالتها، تملأ الجماعات هذا الفراغ. وأي جولة بين الأزهر والإخوان تكسبها جماعة الإخوان، إلا حينما يتدخل الأمن فيحسم الجولة لمصلحة الأزهر».

مشاركة :