دير الزور (سوريا) – وسع مقاتلو القبائل والعشائر العربية مناطق سيطرتهم في محافظة دير الزور شرقي سوريا الخميس، بعد سيطرتهم على مناطق جديدة ووقوع اشتباكات عنيفة يرى متابعون أنها نتيجة لصراع صامت على النفوذ بين العشائر وقوات سوريا الديمقراطية "قسد"، الحليفين السابقين منذ فترة طويلة. وقال أبو حمود العبد كريم البكاري أحد القادة العسكريين في قوات العشائر العربية في دير الزور إن "مقاتلي أبناء قبيلة البكارة سيطروا الخميس على بلدة محيميدة في ريف دير الزور الغربي وسلموا كل المقرات العسكرية التابعة لقسد إضافة إلى انشقاق 20 عنصرا من مقاتلي قوات قسد من المكون العربي". وأضاف البكاري "سيطر مقاتلو العشائر على بلدة الحصان بالريف الغربي وهروب بعض عناصر قسد باتجاه محافظة الرقة". واندلعت الاشتباكات بعد أن اعتقلت قوات سوريا الديمقراطية أحمد الخبيل، المعروف باسم أبو خولة، وهو من القبائل ويرأس المجلس العسكري لدير الزور في الحسكة، وتم اعتقاله مع بعض أنصاره من القبائل العربية. وكانت قوات "قسد"، قد شكلت ذراعاً عسكرياً يتبع لها تحت مُسمى مجلس ديرالزور العسكري نهاية العام 2016، بقيادة الخبيل، المنحدر من عشيرة "البكيّر" التابعة لقبيلة "العكيدات" العربية، بهدف بسط نفوذها على أرياف ديرالزور. من جانبه أكد الشيخ محمد العكيدي أحد شيوخ قبيلة الكيدات أن "لديه اجتماع اليوم مع قوات التحالف الدولي ولديهم مطالب واضحة أبرزها تسليم المنطقة بشكل كامل للعشائر وخروج جميع مقاتلي قسد من الأكراد من المنطقة وأن المهلة التي حددها شيوخ القبائل تنتهي مساء اليوم لأجل خروج قسد وإطلاق سراح عناصر مجلس دير الزور العسكري الذين تم اعتقالهم من قبل قادة حزب العمال الكردستاني منذ يومين". وأكد العكيدي "بأن من يقاتلون قسد اليوم هم ذاتهم عناصر قسد من مجلس دير الزور العسكري ومن انشق عنهم من أبناء العشائر الأخرى والآن يتحدث إعلام قسد عن أن من يقاتلون عناصرهم في دير الزور هم عناصر تنظيم داعش". من جانبه كشف قائد في الجيش الوطني السوري المعارض الموالي لتركيا أن مئات المقاتلين من العشائر العربية توجهوا إلى خطوط التماس مع قسد وبدأت عمليات القصف المدفعي لفتح معارك مع قسد في منطقة جرابلس ومنبج في ريف حلب الشرقي ومنطقة رأس العين بريف الحسكة الشمالي الغربي. وبرزت على العلن خلافات داخلية بين "قسد" وذراعها العسكري بدير الزور، وقبيل الوصول إلى الإطاحة بأبو خولة، الشهير بعشرات التسجيلات الصوتية المسربة، تحدث مؤخرا بأن قواته جزء من "قسد"، واعتبر أن ما روّج له على أنه خلافات داخل المجلس هو في حقيقته "خلاف في وجهة النظر" وإن لم يتمكنوا من حله، فإنهم يلجؤون إلى القيادة العامة لـ "قسد". وسبق ذلك بأشهر الحديث عن انتهاكات جسيمة ارتكبها قادة مجلس ديرالزور العسكري، وأفادت مصادر محلية أن "قسد" حاولت عزل الخبيل، كونها تعتقد أنه وصل إلى مستويات غير مرغوبة من النفوذ، وهي تريده مجرد قيادي يخدمهم في هذه المنطقة ليس أكثر. ولفتت المصادر أن الخبيل شرع منذ أشهر طويلة بالعمل على الجانب العشائري، ونصب نفسه بموافقة بعض من شيوخ ووجهاء القبائل "أمير لعشيرة البكيّر، وفي أعقاب ذلك حاولت "قسد"، استبعاده بالطرق السلمية لكنها فشلت، ثم لجأت إلى القوة العسكرية لتحقيق ذلك، فقامت باعتقال الخبيل ورفاقه فيما بات يعرف بـ"كمين استراحة الوزير"، بريف الحسكة. وذكرت وسائل إعلام محلية أن حجم التعزيزات التي دفعت بها "قسد" كبير جداً، في حين أن مساندة الأهالي لمجلس ديرالزور العسكري، جاءت من خلال المفاضلة والاختيار بين الأقل سوءا، حيث كان المجلس العسكري بديرالزور قد رفض عدة قرارات لـ"قسد" استجابة لاحتجاجات شعبية منها تجنيد المعلمين والمناهج الجديدة الخاصة بـ"الإدارة الذاتية". وأضافت التقارير المحلية أن الخلاف بين أبو خولة وقسد يعود إلى أسباب كثيرة تتعلق بالنفوذ والسلطة على المعابر والتهريب، وحدث اشتباك سابق بين الطرفين فشلت "قسد" حينها ببسط سيطرتها على مواقع المجلس العسكري بديرالزور، ولجأت إلى الحيلة لاعتقال أبو خولة، مع الإشارة إلى أن منطقة الصراع الحالي تضم عدة عشائر أخذت العديد منها موقف الحياد حتى الآن. وأكد بيان للشيخ مصعب الهفل شيخ مشايخ قبيلة العكيدات، أنه مع حقن الدماء وطالب التحالف بأن يأخذ موقف من إنهاء الاشتباكات وطلب إدارة من أبناء المنطقة العرب، مشيرا إلى أن المجلس العسكري يحاول التصعيد لتحويل الصراع إلى قتال بين عشائر عربية ضد "قسد"، وأوضح أن بعض العشائر من المحتمل أن تنخرط في القتال لاحقا. وأكد أن "قسد" ارتكبت جرائم خلال هجومها ضد المنطقة، معتبرا أن الصدام حتى اللحظة لا يصنف كونه قتال عشائري ضد "قسد"، ولكن ممكن أن يتحول إلى ذلك في حال استمرار الصراع بهذا الشكل.
مشاركة :