احتشد مئات المحتجين جنوب سوريا -اليوم الجمعة- لمطالبة الرئيس بشار الأسد بالتنحي عن منصبه بعد ما يقرب من أسبوعين من المظاهرات احتجاجا على سوء الأحوال المعيشية، لكنها تحولت مجددا إلى دعوات للتغيير السياسي. وردد حشد كبير في الساحة الرئيسية بمدينة السويداء هتافات تقول "بشار بره، سوريا حرة!" وهي ضمن شعارات أطلقها متظاهرون خرجوا للمطالبة بإسقاط حكم الأسد مطلع عام 2011 قبل أن تقمعها قوات الأمن التابعة له، وتنجر الأمور إلى صراع مسلح مستمر حتى اليوم. وبثت شبكات -ترصد الحراك في السويداء على مواقع التواصل- مقاطع فيديو تظهر ما وصفتها بمشاهد غير مسبوقة "لأكبر مظاهرة ضد الأسد" في تاريخ هذه المحافظة القريبة من الحدود مع الأردن. واندلعت مظاهرات السويداء في أغسطس/آب الجاري بسبب رفع النظام الدعم عن الوقود مما عكس ارتفاعا على الأسعار وزيادة في الأعباء الاقتصادية والمعيشية على السوريين الذين يعانون من تردي أحوالهم منذ سنوات. وظلت السويداء، التي تضم معظم الطائفة الدرزية في سوريا، تحت سيطرة الحكومة طوال فترة الحرب، وأفلتت إلى حد كبير من العنف الذي عم أماكن أخرى، إلا أنها شهدت في أوقات متفرقة مظاهرات ضد ممارسات نظام الأسد وطالبت برحيله في بعضها. ومع تصاعد الاحتجاجات في السويداء وإعلان المتظاهرين الأسبوع الماضي إغلاق مقرات حزب البعث الحاكم وعدد من المؤسسات التابعة للحكومة، أخلت قوات الأسد ثكنات وحواجز عسكرية شرق وجنوب المحافظة. مظاهرات درعا في سياق متصل، تجمع العشرات اليوم أيضا في محافظة درعا المجاورة التي انطلقت منها احتجاجات عام 2011. وحمل المتظاهرون العلم ذا النجوم الثلاثة الذي يرمز إلى الثورة ضد النظام، فضلا عن لافتات تنتقد دور إيران الحليف الرئيسي للأسد. وخرجت كذلك مظاهرات متفرقة داعمة لحراك السويداء في عدد من المناطق شمال وشرق سوريا التي هي خارج سيطرة الحكومة منذ سنوات وتسيطر عليها فصائل تابعة للمعارضة أو ما تسمى قوات "سوريا الديمقراطية" المدعومة من التحالف الدولي لمحاربة تنظيم الدولة الذي تقوده الولايات المتحدة. ولم تقتصر الاحتجاجات الأخيرة على المناطق التي تكرر فيها خروج المظاهرات ضد النظام، وإنما شملت مناطق تصنف كحاضنة شعبية له. وأظهرت صور نشرها ناشطون على صفحاتهم على مواقع التواصل أن بعض سكان محافظة طرطوس الساحلية (شمال غرب) التي تعد معقلا لمؤيدي نظام الأسد رفعوا أمس لافتات صغيرة كُتب عليها "سوريا لنا وما هي لحزب البعث (الحاكم)" وفي الخلفية صورة الأسد على لوحة إعلانية كبيرة، وفقا لرويترز. وتمر سوريا بأزمة اقتصادية خانقة أدت لانخفاض قيمة عملتها إلى رقم قياسي بلغ 15 ألفا و500 ليرة للدولار بالسوق السوداء، في انهيار متسارع. وكانت العملة المحلية تُتداول بسعر 47 ليرة للدولار بداية الصراع قبل 12 عاما. مخاوف وقالت مصادر أمنية ودبلوماسيون، وفق ما نقلت تقارير إعلامية عنهم مؤخرا، إن احتجاجات السويداء تؤجج مخاوف لدى المسؤولين من امتدادها إلى المناطق الساحلية المطلة على البحر المتوسط، وهي معاقل أقلية الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الأسد، حيث أطلق نشطاء مؤخرا دعوات نادرة للإضراب. ولم تذكر وسائل الإعلام الرسمية الاحتجاجات، لكن معلقين موالين للحكومة اتهموا قوى أجنبية بتأجيج الاضطرابات وحذروا من تفشي الفوضى إن استمرت. وكان الأسد أصدر قبل أسبوعين مرسوما بزيادة الأجور بنسبة 100%، كما أعلنت الحكومة قرارات برفع أسعار المحروقات بنسبة تصل إلى 200%، مما أسهم في زيادة أسعار معظم المواد بالأسواق. وتضمن المرسوم الصادر زيادة الحد الأدنى لأجور العاملين بالقطاع الخاص إلى قرابة 13 دولارا، في حين يراوح راتب موظف القطاع العام بين 10 و25 دولارا، وفق سعر الصرف بالسوق السوداء. ويعيش غالبية السوريين تحت خط الفقر، كما يعاني أكثر من 12 مليونا منهم انعدام الأمن الغذائي، وفق الأمم المتحدة. الجزيرة نت
مشاركة :