تعد منطقة الباحة واحدة من المناطق التي تكتنز إرثاً كبيراً من فن العمارة القديمة، الذي يبرز في قراها المتناثرة في أنحاء المنطقة، حيث روعي في تصميم مبانيها السكنية وقلاعها وحصونها أن تتواءم مع الظروف البيئية كالتضاريس والمناخ، وأن تتلاءم مع الظروف الاجتماعية كالعادات والتقاليد العربية القديمة. ولعل أبرز ما يميز تلك العمارة القديمة اعتمادها على الطبيعة دونما سواها، حيث يبنى البيت من الأحجار والأشجار التي تُجلب من مختلف أنحاء المنطقة، وعادة ما تكون من صخور الجرانيت والبازلت التي تزين بأحجار المرو، فيما يسقف البيت بأشجار العرعر التي تُغطى بالطين. وعمارة الباحة التقليدية وتراثها العمراني أحد أهم المرتكزات والمزايا النسبية التي تميز بها المنطقة, حيث تزخر بالعديد من الآثار التاريخية سواء في قطاع السراة أو تهامة والتي تحظى باهتمام الدولة -أيدها الله- لتطوير السياحة بالباحة وجعلها مقصداً صيفياً، إضافة إلى تنمية السياحة الشتوية. وتتميز المباني في قرى الباحة, بأنها متلاصقة وشوارعها ضيقة مع وجود ساحة في منتصف هذه المساكن لتؤدي العديد من الوظائف الاجتماعية والمعيشية, كما تتميز بأنها عالية وقليلة الفتحات كما استُخدمت الكتل الحجرية المحلية والمنتقاة بعناية في عملية البناء, فيما استخدمت الأشجار المحلية كالعرعر والسدر والطلح والزيتون البري في الأسقف والأعمدة الخشبية والأبواب. وهناك ثلاثة عناصر رئيسة يُشار إليها عند الحديث عن التراث المعماري في المنطقة وهي الحصون, والمساجد, والمساكن, حيث هناك أكثر من 4000 حصن منتشرة في عدد من المواقع بمنطقة الباحة، وعادة ما تتشابه في تصميميها وطرق بنائها، كما أن هناك تقنيات مختلفة تستخدم لرص المداميك بحسب أحجام الحجارة وألوانها في بعض الأحيان, كما أن الأعمدة الخشبية الزافر أو المرزح وهو غني بالزخارف والنقوش المنحوتة في الخشب يبرز دورها في حمل الأسقف بجانب الحوائط في حال وجود فراغ كبير مثل المجالس والمساجد وكذلك في بعض الشرفات والمظلات.
مشاركة :