ضاقت بوجهه الحياة واشتدت قسوة الظروف في بلاده، فقرر الهجرة لعله يجد لقمة العيش التي يؤمن بها حياته وحياة أسرته، وتجاوب معه بعض الأصدقاء، فأوجدوا له فرصة عمل في أحد المطاعم في الامارات ليعمل ويستر أحواله، لكن لم يمض عليه وقت كاف في وظيفته الجديدة ليجمع بجهده وعرقه المال الذي يحتاجه، حتى وسوس له الشيطان بأن يسلك طريقا اخر ليحصد الالاف من الدراهم بسهولة بدلا من انتظار سنين طويلة في وظيفته المتواضعة كعامل مطعم، وقد استولت الأطماع والجشع على نفسه الضعيفة فنسي المثاليات والقيم والمبادئ الأصيلة. استمع الى الصوت الشيطاني، وبدأ يراقب الموظفين والموظفات الذين يحضرون الى البنك القريب من مكان عمله، وراح يضع خططا يمد بموجبها شباكه ليصطاد بها ضحاياه، الذين اختارهم بعناية من السيدات، لأنهن حسب اعتقاده لن يستطعن مقاومته حين يسرق منهن قوت شهر كامل من العمل المضني، وبعد مراقبة استمرت أسبوعا كاملا، تبين له أن موقع البنك الهادئ يتيح له الفرصة لاصطياد ضحاياه في وقت متأخر دون أن يشاهده أو يكتشفه أي انسان. وفي احد الايام، توجه بعد انتهاء فترة عمله في المطعم الى موقع الصراف الآلي وجلس يراقب حتى ساعة متأخرة من الليل، وسحب من حسابه مبلغا من المال، ثم جلس بعيدا يراقب بعينيه الغارقتين في الجشع وصول ضحيته الأولى وهي سيدة عربية، حيث دخلت إلى حجرة الصراف الالي، وأدخلت المرأة بطاقتها وسحبت مبلغ 5 الاف درهم. وبعد خروجها من الحجرة، واثناء قيامها بعدّ المبلغ هجم عليها وسرق المبلغ بسرعة وفر بعيدا ولم تستطع المسكينة مقاومته أو التغلب عليه، فاكتفت بالصياح وطلبت العون ممن يمكن أن ينقذها ولما لم تجد من يجيبها كون المنطقة شبه خالية من الناس نظرا لتأخر الوقت، لتتجه بعد ذلك الى مركز الشرطة وفتحت بلاغ بالواقعة وقدمت لهم مواصفات المتهم. وعلى الفور شكلت الشرطة فريق عمل للمتابعة ووضع خطة القبض على الجاني، وأعطت قيادة الشرطة تعليماتها لفريق العمل من رجال التحريات والمباحث الجنائية، بمراقبة المشتبه بهم من أصحاب السوابق، وانتشر فريق العمل في عدد كبير من مواقع الصراف الالي، وفي هذه الأثناء كان المجرم يعيش حالة راحة زائفة بعد مضي أكثر من أسبوع على جريمته، ظانا أنه فلت بجلده دون أن يشعر به أحد، واعتقد أن المجني عليها ذهبت في حال سبيلها ولم تتعرف عليه. وقام المتهم بصرف المبلغ المالي في شراء كل ما يتمنى وسداد ديونه بالحرام، واعتقد أن الحياة السهلة تبتسم له، لكنه لم يكن يدرك أنها ابتسامة مزيفة لاطعم لها، وأكمل صرف المبلغ بعدما تعود على الحياة الأكثر بحبوحة التي وفرها له المال المسروق، فقرر تدبر مبلغ مالي اخر، واتجه على الفور دون تفكير في العواقب الى أحد اجهزة الصراف الآلي الموجودة على قارعة الطريق لينفذ جريمته للمرة الثانية، وشجعه في ذلك انه نجح في المرة الأولى، واقترب شيئا فشيئا الى الصراف الآلي وهو يحتسي من قارورة مشروبه الغازي المفضل في برود، وتظاهر بأنه يحاول سحب مبلغ من حسابه الشخصي بينما كان يسلط عينيه الشيطانيتين ليراقب وصول ضحيته من النساء والفتيات اللاتي يملكن مبالغ يعتبر نفسه أنه في حاجة اليها أكثر منهن. ولما وصلت احدى السيدات تظاهر المتهم بإنجازه عملية السحب، وتوجه الى الخلف ليتيح المجال امام الضحية للدخول، وعندما ادخلت بطاقتها في جهاز الصراف الالي، سال لعابه وتحرك الذئب داخله فتحرك نحوها، وانتظر حتى خرج المال من الصراف وابتعادها عن موقع كاميرا المراقبة، فانقض عليها وبدأ يشد على يديها بقوة حتى سرق المال عنوة من يديها، لكنه فوجئ بأحد رجال التحريات يقترب منه ليوقفه، ففر هاربا وقطع مسافة أكثر من 500 متر، وظل رجل التحريات يطارده وحاول المجرم أن يجعل من السيارات المارة بسرعة على الطريق العام، عائقا بينه وبين الشرطي، لكن رجل الأمن لم يتردد وواصل دوره البطولي حتى ألقى القبض على مجرم البنوك، واقتاده الى مركز الشرطة لتحرير بلاغ ضده، واعترف المجرم أثناء التحقيق بتعمد سرقة المبالغ المالية بحجة أن البنك لايعطيه الفرصة للاقتراض المالي لأن راتبه من المطعم قليل جدا. وتواصلت الشرطة مع الضحية الأولى التي سرق المجرم منها مبلغ 5 الاف درهم حينما نفذ الجريمة في المرة السابقة. ووقفت المرأة خلف نافذة زجاجية تراقب في حزن وألم مجموعة من اللصوص أصحاب السوابق، كان عامل المطعم بينهم، وأشارت اليه بسرعة وحزم حتى كاد اصبعها أن يخترق الزجاج وتمنت لو أنها تستطيع أن تقتله خنقا غيظا على سرقته أموالها. واستخدمت الشرطة فحوصات البصمة الوراثية على أحد الاثار التي تركها الجاني في مكان الحادث، والتي أكدت تطابقا مع عينة الدم المسحوبة منه، فقررت الشرطة حبسه بالتهمة المنسوبة اليه، وحولته النيابة العامة الى محكمة جنايات أبوظبي التي أدانت المتهم بما نسب اليه من تهم وقضت بمعاقبته بالسجن لمدة عام مع ابعاده عن الدولة بعد تنفيذ العقوبة.
مشاركة :