تصميم الديكور والأزياء في السينما المغربية بين التكرار والابتكار

  • 9/3/2023
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

إلى أي حد يمكن تفسير وجود نفس الديكور في فيلم سينمائي أو مسلسل تلفزيوني؟ وكيف سنتفاعل إذا شاهدنا نفس الملابس؟ وما هي وجهة نظرنا حول دور مصممي الديكور والأزياء في إضفاء الإبداع والتميز على الأعمال الفنية؟ "علينا أن نفكر في تلك اللحظة التي سيكتشف فيها الجمهور هذه الأخطاء". إن تصميم الديكور في مجال السينما والتلفزيون يعد أمرًا حيويًا لإيجاد الأجواء المناسبة والجمالية الملائمة وتهيئة البيئة التصويرية للإنتاج. يتضمن هذا الجانب جميع العناصر البصرية التي تعرض على الشاشة، مثل الأثاث والإضاءة والإكسسوارات. تشمل الديكورات العناصر الفعلية التي تكون جزءًا من البيئة التي تجري فيها الأحداث، سواء تم تصميمها في استوديوهات التصوير أو تم تصويرها في أماكن حقيقية مثل المنازل أو الشوارع أو المناظر الطبيعية. تلعب الديكورات دورًا كبيرًا في نقل المشاهدين إلى الزمان والمكان الذي يدور فيه الفيلم أو البرنامج التلفزيوني. أما الإكسسوارات، فتلعب دورًا هامًا في تجسيد الشخصيات وزيادة واقعية المشاهد. ويتم اختيار الإكسسوارات بعناية لتتناسب مع العصر والسياق الزمني الذي تدور فيه القصة، على سبيل المثال، الأمتعة والحقائب والمجوهرات يمكن أن تعكس شخصيات الممثلين وتضيف تفاصيل مهمة إلى القصة. وتعكس الأزياء التي يرتديها الممثلون شخصياتهم، والعصر الزمني الذي تدور فيه الأحداث، كما أن اختيارها يتم بعناية حتى تلاءم الشخصيات وتساهم في تشكيلها، إلى جانب أنها تُعتبر نقطة مهمة في إضفاء الطابع المناسب على القصة. قد نجد بعض المناظر والملابس تتكرر بين المشاهد السينمائية والتلفزيونية، والحقيقة أن الديكور والملابس من العناصر الهامة التي تضيف قيمة للمشهد السينمائي أو التلفزيوني، تمامًا كما يحدث مع ضوء الشمس، وجودة الطعام، والصحة، والثروة، وعندما تكون الملابس والمناظر مندمجة بشكل منسق داخل مشهد محمل بالعواطف والأحاسيس، يزيد ذلك من تقديرنا له. قد نجد صعوبة في استخدام المصطلحات العامة كـ"منظر جميل" أو "منظر قبيح" أو "ملابس جيدة" أو "ملابس سيئة" للتعبير عن المناظر والملابس التي تظهر على نحو متكرر في أعمال مختلفة، ومع ذلك، يمكننا بالتأكيد أن نلاحظ تلك العوامل التي تتكرر وتشكل جزءًا مهمًا من مكونات الأعمال الفنية. كثيرًا ما تكون كلمة التكرار ضربًا من العصا يتلقاها صناع الديكور والأزياء، وهي تعتبر كلمة مسيئة بالنسبة إلى الفنون التي ترتبط بالجمال والتصميم، إنها كلمة تنطوي على انعدام القيمة والتقليل من تقدير القيمة الفنية للمهنة، وعندما نتحدث عن فن التصميم يشمل ذلك فن تصميم المناظر وفن تصميم الملابس على حد سواء. ولماذا يحدث ذلك؟ ذلك لأن مدارس السينما العالمية تدرس مادة تسمى "فن الديكور وتصميم الأزياء"، ويتم تدريس هذه المادة بصفتها فنًا أولاً، إنها من المواد الهامة والتخصصية لأنها تتضمن العديد من الجوانب المتنوعة، مثل رسم هندسة المناظر وتصميم الملابس، فكل شخصية تمتلك أسلوبها الفريد وطريقتها الخاصة في اختيار الألوان، وكل مشهد يتطلب منظرًا مميزًا، وتختلف المناظر تمامًا حسب الوصف الذي يتم تضمينه في السيناريو، كما تختلف الملابس بناءً على الأدوار والشخصيات. ذكر روبرت وجين بنديك في كتاب "صنع الأفلام" أن هؤلاء المصممين يتولون الإشراف على جميع جوانب التصميم في الأفلام، بما في ذلك تصميم المناظر والملابس، يعملون بتعاون وثيق مع قسم الأبحاث لضمان دقة وصحة التفاصيل في الملابس والمناظر في كل لقطة. من خلال هذا القول، ندرك أن هناك قسمًا مخصصًا يعمل على تجهيز المناظر بالأثاث والديكورات اللازمة، مثل الطاولات والكراسي والإضاءة والستائر وحتى معدات المطابخ والسجاد ولوحات الرسم وغيرها من العناصر التي تستخدم في تصميم المشاهد. والسبب في وجود قسم كامل مكلف بتلك المهمة يعود إلى ضرورة تجنب تكرار الملابس والديكورات التي يستخدمها الممثلون في الأفلام، كما يهدف أيضًا إلى الحفاظ على التناغم والانسجام بين مظهر الممثلين والشخصيات التي يجسدونها، وكذلك تجنب تكرار المشاهد في أفلام مختلفة، فهذا القسم يعمل على تحقيق التفرد والتميز في كل فيلم وإعطائه طابعًا فنيًا فريدًا. أما هؤلاء الذين يضيفون اللمسات الأخيرة، مثل رسم المناظر والخلفيات والنقوش والرسوم، فهم أهل الفن، وبالنسبة إلى أخصائيي الملابس، فإن دورهم يتمثل في تصميم وصنع الملابس وابتكارها، إذ أن عدم توفر ملابس تناسب أدوار الممثلين قد يُحدث خللا وهو ما يمكن أن يؤدي إلى الوقوع في عدة أخطاء هم في غنى عنها. على سبيل المثال، شكسبير عندما وضع الساعات الكبيرة في بعض مسرحياته التي جرت أحداثها في زمن لم يتم فيه اختراع الساعة بعد، اعتبر ذلك خطأ كبيرًا. وهذا هو الخطأ نفسه الذي وقع فيه فيلم "المسيرة الخضراء" للمخرج يوسف بريطل. في مجال صناعة السينما المغربية، يظهر تكرار تصميم المناظر والأزياء كظاهرة تشكل تحديًا. ويتعلق هذا بمفهوم استخدام نفس الديكور أو المكان في إنتاجات متعددة، عوضا عن تصميم مشاهد جديدة في كل مرة. هذا التكرار يمكن أن يؤثر في تجربة المشاهدين ويثير أسئلة حول الإبداع والتجديد في السينما المغربية. على سبيل المثال، فيلم "خربوشة" الذي أخرجه حميد الزوغي في عام 2008 ومسلسل "سالف عذرا" للمخرجة جميلة البرجي بن عيسى يمكن أن يكونا أمثلة فاشلة على كيفية التعامل مع تكرار الديكور وإضافة عناصر جديدة تجعل كل عمل فريدًا على طريقته. ويعود ذلك إلى أن بعض شركات الإنتاج تحاول إنجاز أعمال تلفزيونية بأقل تكلفة ممكنة. ويظهر ذلك جليًا في جودة التصميمات الديكورية والملابس وحتى في اختيار الممثلين. ويمكن أن يؤدي هذا النهج إلى تكرار الوجوه والمواقع في الأعمال المختلفة، مما يقلل من التنوع والإبداع في صناعة الإنتاج الدرامي المغربي. وهذه الأخطاء يمكن أن تظل لافتة للنظر حتى بعد مرور مئة سنة. ومع ذلك، فإنه لا بد من أن ندرك أنه في بعض الأحيان قد يتم تكرار المناظر أو الملابس في عدة أفلام مختلفة نظرًا للضغوط الإنتاجية ومحدودية الوقت. بالنهاية، فإن الديكور هو فن رفيع له أهمية كبيرة في إظهار السياق الدرامي في السينما من خلال توظيفه في تجسيد الشخصيات، إنه أحد العوامل الرئيسية التي تسهم في نجاح أي فيلم، حيث تلعب الملابس والمناظر دورًا كبيرًا في خلق جو طبيعي يتمتع بالانسجام والتناغم مع المشاهدين. وليس هذا فقط، بل يعمل الديكور على إبراز الجانب الإبداعي لكاتب السيناريو من جهة، وللمخرج من جهة أخرى. إذا تم وضع مناظر أو ملابس في غير محلها، فقد تكسر العمود الفقري لرؤية المخرج وخيال السيناريست، ومن ثم يمكن أن يؤثر سلبًا على جودة العمل السينمائي.

مشاركة :