الخرطوم - هاجم قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو المعروف بـ'حميدتي'، قائد الجيش السوداني رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبدالفتاح البرهان واتهمه بالسعي لإعادة النظام السابق، متوعدا بملاحقته أينما كان ومؤكدا عدم رغبته في السلطة وحرصه على جلب الديمقراطية للسودانيين. وبعدما ظلّ بعيدا عن الأنظار منذ بدء الحرب تقريبا، خرج دقلو عن صمته مساء الاثنين إذ نشر رسالة صوتية على وسائل التواصل الاجتماعي مدّتها 20 دقيقة عرض فيها وجهة نظره للأوضاع منذ بدأ النزاع وحتى اليوم. ووجه قائد الدعم السريع في خطابه الصوتي الذي نشر على حساب قوات الدعم بمنصة اكس (تويتر سابقا) وانتشر على المنصات الاجتماعية، انتقادات لاذعة للبرهان، كاشفا عن جانب من محادثاتهما قبل اندلاع النزاع المسلح، موضحا أن قائد الجيش هو من بادر بالحرب. وحرص على تفنيد مغالطات حاول البرهان الترويج لها في تصريحات سابقة قال فيها إن عدد قوات الدعم السريع تراجع بينما أكد دقلو أن تعدادها زاد بنحو الثلث مع انضمام العديد من القوى إليها بينها حركة تمازح إلى جانب الدعم القبلي، مشددا على استمراره في القتال "حتى آخر جندي من جنود قوات الدعم السريع" مؤكدا أن قواته تسيطر على مدن العاصمة الثلاثة. كما دعا قوات الجيش إلى الانسحاب من القتال، مشيرا إلى أن معركته هي مع البرهان وفلول النظام المعزول. وفي رسالته المطوّلة عرض دقلو جانبا من المحادثات التي جرت بينه وبين البرهان قبل اندلاع النزاع، مؤكّداً أنّ قائد الجيش هو من بدأ الحرب وليس قوات الدعم السريع. وخاطبه بالقول "يا برهان، اتّق الله يا أخي، ضربتمونا بالطيران الأجنبي"، من دون أن يحدّد أيّ دولة يقصد، لكنّه ألمح إلى وجود عناصر من القوات الجوية المصرية - أقرب حلفاء البرهان - في قاعدة مروي الجوية في شمال السودان. واتّهم قائد الدعم السريع خصمه بالسعي لإعادة النظام السابق إلى السلطة وبارتكاب جرائم حرب وإلصاق التهمة بقوات الدعم وجاء خطاب دقلو بينما عاد قائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان إلى بورتسودان بعد زيارة الاثنين إلى جنوب السودان حيث بحث تطورات الحرب في السودان، بينما أعلنت الأمم المتحدة أنها بحاجة إلى مليار دولار إضافية محذرة من تضاعف عدد الفارّين من النزاع بحلول نهاية 2023. وأعلن مجلس السيادة، أعلى سلطة حاليا في السودان، أنّ البرهان وصل إلى بورتسودان على البحر الأحمر، بعدما أجرى محادثات الاثنين مع رئيس جنوب السودان سلفا كير، المتمرد السابق على الخرطوم الذي أعلن استقلال بلاده عام 2011. وبحثا "الجهود التي تبذلها دول الإقليم، لا سيما دولة جنوب السودان، لمعالجة الأزمة في السودان"، بحسب المصدر نفسه. ومنذ استقلال جنوب السودان، أصبح كير الوسيط التقليدي في الأزمة السودانية. وقال وزير شؤون الحكومة في جنوب السودان مارتن إيليا لومورو إنه "من المعروف أن الرئيس كير هو الشخص الوحيد الذي لديه معرفة بشأن السودان، ويمكنه إيجاد حلّ للأزمة السودانية". وهذه هي الزيارة الخارجية الثانية للبرهان منذ اندلاع النزاع بين الجيش بقيادته وقوات الدعم السريع بقيادة حليفه السابق محمد حمدان دقلو في 15 أبريل/نيسان الماضي. والبرهان هو الحاكم الفعلي للسودان منذ تنفيذه انقلابا في العام 2021. وزار البرهان مصر في 29 أغسطس/اب حيث التقى الرئيس عبدالفتاح السيسي في مدينة العلمين وبعد فترة قصيرة من الزيارة حطت أول طائرة مدنية مصرية في بورتسودان. وتأتي المحطّتان الخارجيتان للبرهان في ظلّ تقارير عن وساطات للتفاوض بينه وبين دقلو خارج البلاد، سعيا لإيجاد حلّ للنزاع. وأدّت الحرب إلى مقتل خمسة آلاف شخص على الأقلّ ونزوح 3.6 ملايين شخص داخل البلاد، بالإضافة إلى فرار مليون شخص آخرين إلى الدول المجاورة. وتعتبر تشاد من أبرز الجيران الذين استقبلوا أعدادا كبيرة من النازحين السودانيين إذ بلغ عدد الفارّين إليها أكثر من 400 ألف شخص، تليها مصر (287 ألفا) وجنوب السودان (248 ألفا). وطلبت الأمم المتحدة في مايو/ايار، أموالا لمساعدة النازحين ولم تتلق سوى ربع احتياجاتها. كذلك طلبت الاثنين مليار دولار إضافية، مؤكّدة أنّ "الذين يصلون إلى المناطق الحدودية النائية يجدون أنفسهم في ظروف يائسة". ويعيش كثر منهم في مخيّمات مؤقتة بدون بنى تحتية أو إمكان الحصول على مأوى أو ماء أو غذاء. وأكّدت سوزانا بورغيس من منظمة أطباء بلا حدود أنّ في تشاد مثلاً "لم يتلقّ البعض طعاماً منذ خمسة أسابيع". وقالت بحزن "يُطعم الناس أطفالهم الحشرات والأعشاب وأوراق الشجر"، مشددة على أن ذلك يفاقم الأزمة الصحية في حين يواجه العاملون في المجال الإنساني حالات عديدة من "الملاريا والإسهال وسوء التغذية". وذكّرت الأمم المتحدة بأنّ الأوبئة ولا سيّما الكوليرا والحصبة، تنتشر بين اللاجئين وتقتل بعضهم. وقال مامادو ديان بالدي، المدير الإقليمي للمفوضية الأممية العليا للاجئين في شرق افريقيا ومنطقة القرن الافريقي والبحيرات الكبرى في بيان "من المحزن جدا أن نتلقى تقارير عن وفاة أطفال بسبب أمراض يمكن الوقاية منها بالكامل، لو كان لدى الشركاء الموارد الكافية".
مشاركة :