قال الراوي : أي على عهدته ومن خلال روايته وحبك قصصه يروي الأماكن بكينونتها ويبيِّن المعالم بمتعلقاتها، ويتوسع بمعلومات جريئة لبعض المواضع والأماكن والأودية وكذلك تأملات موثقة بالشعر الفصيح والشعبي . وهي فكرة رائدة سار عليها الراوي مرزوق عبيد الدهاسي القثامي بعد أن سار في الوهاد والأودية والجبال ومسميات الديار . وقد حضرت تدشين الكتاب في ملتقى ثقافي بسوق البلد بالطائف وكنت أعتقد أن قال الراوي هي روايات اجتماعية بدوية عن القصص والشعر والأمجاد .. لكنني فوجئت بدراسات تاريخية موثقة بالشعر والوصف المكاني حيث تمكن الأستاذان منصور إبراهيم الحارثي والأستاذ أحمد محمد الدهاسي من سرد وعرض وتحقيق .. وكتبا حواشي الكتاب بكل مرجعية وتوثيق. ونعرض هنا ماقاله الراوي عن الأماكن ومواقعها ووصفها ومنها حنين حيث قال : بأنه ماء بين جبلي لبن وجبل مسعود ثم يفيض إلى المغمس ، وشرح المحققان تعريفاً شاملاً لهذه الجبال وتراجم للشعراء والقبائل. أما الوادي فهو ينزل من جبل طاد والتنضب ويعارضه مسائل بين كنثيل والثنية .. وقال الراوي : إن اجتماع ثقيف وهوازن في جدعان بين الأشعر وأنف مسعود وأن الموضع الذي صلى به الرسول صلى الله عليه وسلم يقع في ملتقى وادي الكفو والخِر ومملكة وهذا مخزن عين الزيمة .. وحدد جبل يسوم وشعب هلال والهضبة الجلحاء قرب طريق المليح .. كما حدد جبل قردد وشعب سمرة ( سميرة بالعقيق) . و البوباه ( البهيتاء) ووادي صايف وحراض وموقع صنم العزى المشهور في شعب سقام. وقال : إن قرن الثعالب هو أكمة بمنى وحدد ديار بني نصر وسليم وأكد أن اوطاس جزء من صحراء وجرة ثم علق المحقق على صحراء وجرة واستشهد بأقوال الكثير من المؤرخين حول بسيان وركبة وحرة كشب .. وعرض موقع صحراء السي ( الحزم الحمر) في جهات وادي الخرمة .. وجبلا شعفين . وذكر الراوي وادي إبراهيم قرب حراء والأفعية قرب المعيصم وجبل أذخر ووادي طوى الذي يرفد وادي إبراهيم ، ووصف بئر طوى التي اغتسل بها النبي بأعلى مكة .. ثم توسع في وصف جبل حضن ووادي سبيع ورضوان وظلم وقال في الحاشية : وادي سبيع يلتقي بوادي بيشة وتثليث لتكون هذه الوديان وادي الفرشة وهي ديرة بني ثور أهل الخرمة وتكوّن وادي الدواسر . والصحيح أن وادي الخرمة ( وادي سبيع) الذي هو امتداد لوادي تربة لا يلتقي بوادي بيشة أو غيره بل ينتشر في منطقة الفرشة ويتكبد عرق سبيع الرملي ولا يتجاوزه . لا قديماً ولا حديثاً ، علماً أن الوادي الذي يلتقي بوادي بيشة هو وادي رنية . أما عن قبيلة جشم ومنازلهم فكانت في السراة . وقال الراوي هي المسماة ببلاد القثامية التي تصب مياهها في تهامة ويحدها رحاب وديار طويرق وحرة بس وغربها ديار الثبتة وشرقها عدوان وشمالاً عنهم سليم ووادي العقيق ومسائله ويمر عشيرة ثم المحدثة وفيضة المسلح ( النجيل) وتحدَّث عن وادي فاطمة ومر الظهران وسوق مجنة ، وعيون نخلة اليمانية . اما عن ديار بني نصر فهي تقع شمال جبال بس إلى وادي بسل ولية .. وحدد المحققان سوق عكاظ حسب المراجع التاريخية عند ملتقى وادي شرب ووادي الأخيضر شرق الطائف تحده العبلاء والعبيلاء والأثيداء والحريرة . وقال الراوي إنه يقع بين المناقب وبين كلاخ ويوجد في طرف عكاظ صنم بني نصر المعروف بـ ( جهار) وقد تراجعت ديارهم الآن الى جليل والجفر ووادي العصمة ولية .. ومثل هذه المؤلفات يجب أن نشيد بها وبالدور الفعال لمؤلفيها كما نشيد بدور المؤرخين الذين كتبوا عن الطائف وجغرافيتها مثل حماد السالمي وعيسى القصير وعبدالرحمن الثقفي وخالد الحميدي وعبدالرحمن المنصوري وعبدالله علاف وعيرهم . والحقيقة أن المحققين بذلا جهداً بارزاً في تحقيق بعض الأماكن والأودية والأعلام وتمكنا من عرض وطباعة الكتاب الذي يعتبر مرجعاً شاملاً لهذه الديار ، والأودية فالتحقيق هو عملية إحياء نص أدبي قديم، أي إخراجه على أُسس صحيحة محكمة من التحقيق العلمي واثبات المراجع . ولهذه الاعتبارات تأتي هذه الدراسة في محاولة لتقديم ملامسة أوسع لمختلف مظاهر الأدب والشعر المكاني ومعرفة خصائصها ومميزاتها الفنية والجمالية من جهة وأبعادها الدلالية، ووصف الرواية وشرح المحتوى . ____________ *كاتب وإعلامي سعودي
مشاركة :