علي جعفر العلاق يُشهر سيرته الذاتية في منتدى شومان

  • 9/5/2023
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

الشاعر العراقي الدكتور علي جعفر العلاق، يُشهر سيرته الذاتية المروية، "إلى أين أيتها القصيدة؟" في "منتدى عبدالحميد شومان الثقافي" في العاصمة الأردنية عمان، بحضور لافت من المثقفين والمهتمين والأكاديميين والإعلاميين. وتحدث بداية في حفل الإشهار، الذي أداره الكاتب جعفر العقيلي، الشاعر يوسف عبدالعزيز، والشاعرة الدكتورة مها العتوم، فضلاً عن شهادة إبداعية قدمها العلاق، مازجا إياها بمجموعة من قصائده. وقال عبدالعزيز إن عنوان هذه السيرة الذاتية، عنوان غير عادي، وذلك بما يمكن أن يثيره من الكثير من الأسئلة، ومن ناحية أخرى فهو عنوان فيه الكثير من القلق والريبة والتقصي. وأضاف "إلى أين أيتها القصيدة؟ هو سؤال يتخذ صفة القناع الشعري، إنّه سؤال شبيه بأسئلة العشاق لحبيباتهم، حين ينتهي الموعد العاطفي المتفق عليه، بين اثنين منهما، فالعاشق لا يفكر في ذاته، لأنه مشغول بحبيبته، إنّه يرغب أن تظل معه إلى الأبد، فلا يُفارقها ولا تفارقه، وكذلك الشاعر فهو يرغب أن يظل مع قصيدته". وأشار إلى أن السؤال هنا أيضا ينطوي على خوف وقلق شديدين عند الشاعر، فهو لا يعرف بالضبط متى ستسافر القصيدة، ولا المكان الذي ستختاره؟ هل سترجع إليه مرة أخرى؟ هل يُمكن له أن يلتقيها في بيت آخر؟ في حديقة أخرى؟ في مدينة ما في دولةٍ ما؟ ذلك أنّها محض حلم لا يمكن القبض عليه باليدين. بدورها، بينت العتوم أن عنوان كتاب العلاق كأنه سطر شعري من قصيدة عن الشعر وعذاباته، مضيفة "كأن العلاق حلّ شراب الشعر المركز والمسكر في كتاب نثري، لا يقل أهمية عن كل ما قدمه من الشعر والنثر على مر تاريخه، بل إنه أضاف حواشي قد لا يعرفها المتلقي عن حياة الشاعر وآرائه ورؤاه، وآماله وآلامه، وقال من خلال هذا الكتاب ما لا تقوله القصيدة، وما لا يتسع له النقد". وأضافت "يكتظ العنوان بالدلالات، على الرغم من قصره وبساطته، وإذا كانت السيرة عادة ما تطل على الماضي، والكتاب بين دفتيه تجد ذلك التاريخ الحافل بمسرات الشعر وعذاباته، إلا أن العنوان يشير إلى المستقبل، وإلى البعيد القادم الذي تشير إليه القصيدة وتطمح إلى بلوغه". وذهب العلاق في مداخلته إلى قوله بأن عنوان سيرته، حقيقي ويعيشه بعمق، مضيفا "العنوان سؤال ينبئ عن مشادة لغوية بيني وبين القصيدة، وتجربتي التي امتدت من أب شديد الحنان والقسوة معا، إلى تجاربي الأدبية العديدة التي مررت بها، في كل الأمكنة التي حطت خطاي بها". وقرأ العلاق مقتطفات من شعره، مازجا إياها بحكايا عن ظروفها وإلهام كتابتها، قبل أن يوقع للحضور على كتاب سيرته الصادر عن دار الآن ناشرون وموزعون. وكان العقيلي قد بين في تقديمه للأمسية أن الكتاب الفائز بجائزة الشيخ زايد للآداب عام 2023، بين دفتيه سيرة تكاد تكون رواية عن حياة زاخرة بالعطاء، تولى البطولة فيها شخصية تعلقت مع محيطها الأسري، ومع محيطها الاجتماعي، ومع الطبيعية بكل مكوناتها، وتنقلت في أزمنة وأمكنة ثرية، واختارت الشعر ليس كحاضنة كلمات منظومة فحسب، بل بوصفه معنى للوجود وأسلوب حياة. يقيم منتدى عبدالحميد شومان الثقافي حفل إشهار لكتاب "إلى أين أيتها القصيدة؟" للشاعر والكاتب العراقي د. علي جعفر العلّاق، بمشاركة الشاعر يوسف عبدالعزيز، والشاعرة مها العتوم، والكاتب جعفر العقيلي، وذلك عند السادسة والنصف من مساء يوم 3 سبتمبر/أيلول 2023. يقدم في كتابه الذي فاز بجائزة الشيخ زايد للكتاب 2023، سيرة ذاتية تمتزج فيها خلجاته الشخصية بالواقع الجمعي الذي شهد أحداثا عظاما، وجرت فيه متغيرات كبيرة، أثرت جميعها في تجربة الشاعر، وفي علاقته بالعالم. وجاء الكتاب الصادر عن "الآن ناشرون وموزعون" في الأردن في 325 صفحة من القطع المتوسط. وحرص العلّاق فيه على تصوير مراحل حياته كافة، تصويرا فنيا ينقل التفاصيل الدقيقة بلغة سلسة تجذب القارئ إلى سردياتها المحبوكة بعناية.. يقول الشاعر في مستهل كتابه عن مرحلة طفولته: "حين فتحتُ عينيّ في قريتي الصغيرة تلك، كانت حواس الطفل الذي كنته، مفتوحة على عاقول البراري أو نكهة الحقول الفوّاحة. وكان فيه ميلٌ، لم يفارقه حتى الآن ربما، إلى مقدم الخريف، والبدايات الأولى للرعد والمطر وقطاف الثمار. ولا أزال أتذكرها بحنينٍ شجيّ. بساطة أقربُ إلى الفقر، وتفاصيلُ عصية على النسيان. ابتعدَ بها الزمن، أو ابتعدتْ به، حد الانخراط في نقطةٍ سديميةٍ لا عودة منها. لكنّ خيطا خرافيا، دافئا ونحيلاً، مازال يمتد بيني وبين تلك القرية وأكواخها الطينية الصابرة. تماما كما كانت، تمتد سدتها الترابية حتى تربطها بمدينة الكوت، مركز محافظة واسط". وحرص كذلك على استدعاء ذكرياته مع الشخوص الذين أثروا في حياته، جاعلا منهم أبطالا من لحم ودم، ممتلئين بالحياة، كما لو أنه ينقل ذكريات طازجة، لم تمر عليها سنوات طويلة.. يقول في أحد المقاطع: "ما زلت أتخيل ذلك المعلم، وكان اسمه مالك على ما أذكر، الذي ترك على دفتر الإنشاء مساحة من الفرح لا تنسى، وكنت حينها في الصف الخامس الابتدائي. وبعد سنوات التقيته مصادفة. كان قد كبر كثيرا بينما كنت في ذروة الشباب. أعمل، في ذلك الوقت، رئيسا لتحرير مجلة الأقلام. حاولت، مازحا، تذكيره بنبوءته القديمة. لم يتذكّرْها بالطبع كما كنت أتذكّرها أنا، لكنه ابتسم بلطفٍ، فرحا بما وصل إليه طالبٌ كان واحدا من طلابه البارزين ذات يوم". وحضر المكان دائما بوصفه حاملا للذكريات وللشخوص، وجعله العلّاق ضاجا بالحياة، ممتزجا بإسقاطات اجتماعية وتاريخية، ما أسهم في تلاشي المسافات بين الكاتب وقارئه. يقول واصفا الحي الذي عاش فيه مراحل من طفولته: كنا نسكن في شارع متواضعٍ يقع قريبا من منطقة "5"، كنا جزءا منها وطارئين عليها في الوقت ذاته. يجمعنا بها جوارٌ جغرافيٌّ قلق. مجموعة من البيوت البسيطة في أرضٍ خاليةٍ من المُشيّدات. أما طبقيا، فلم نكنْ قادرين على الانتماء إليها. كان يجمعنا بسكانها غبار النهار، وتفرقنا عنهم أشياء كثيرة: الليل الخاصُّ، والملابس الأنيقة، والسيارات اللامعة، والورد الذي يسترخي على الأسيجة. كانت من مناطق بغداد الراقية، في الخمسينات والستينات. ويصف الشاعر والناقد المغربي عبداللطيف الوراري هذه السيرة بأن الذات فيها تستدعي "ماضيها بصورةٍ حميمية، وتستدعي معه حالات انبثاقها المتعددة: ذكريات الطفولة، النزوح من القرية، تجربة اليتم بعد موت الأب، اكتشاف الشعر مبكّرًا، الارتباط الوجدانيّ بالأم، الاتصال بالمجلات الثقافية، وكتب الأدب والنقد، وجيل الستينيات، الذي عايشه دون أن يتورّط في دعاواه ومواقفه الأيديولوجية، والسفر للدراسة وتوسيع الخيار الجماليّ للشعر بين دمشق، وبيروت، والقاهرة، وصنعاء، والعين، واكستر، ولندن". وأجمل تجربة العلّاق بأن صاحبها "عاش ناقدًا مسكونًا بجدوى الشعر وضرورته، ومُثقفًا أصيلًا لم يتنازل أنملةً عن حرية الإنسان اليوم، وواجب التطلُّع إلى عصرٍ أقلّ وحشيّةً وأكثر أمانًا". يُذكر أن علي جعـفر العلّاق شاعر، ناقـد، وأستاذ جامعي عراقي حصل على شهادة الدكتوراه في النقد والأدب الحديث من جامعة اكستر عام 1984، وعمل مديرا للمسارح والفنون الشعبية في العراق، ومحــاضرا في جامعتي بغــــداد والمستنصريــة، وأستاذا للأدب والنقد الحديث في جامعة الإمارات العربية، ورئيسا لتحرير مجلة العلوم الإنسانية، بجامعة الإمارات، وله ما يزيد على 33 مؤلفا من بينها واحد وعشرون إصدارا شعريا.

مشاركة :