لم تثن التحديات والقيود المجتمعية، محمد العتيبي من العمل بائعًا في أحد محال بيع وصيانة اجهزة الاتصالات في مجمع الاتصالات بحي المرسلات في الرياض، حيث كانت الإرادة ولا سواها هي سيدة الموقف في بزوغ نجم هذا الشاب الذي واجه الحياة بصبر وجلادة، محاولًا التوفيق بين عمله ومواصلة دراسته الجامعية في جامعة الملك سعود في كلية الحاسب الآلي تخصص تقنية نظم معلومات. تلبية رغبات أسرته الصغيرة المكونة من شقيقاته الثلاث ووالدته التي وقفت على تربيتهم والاهتمام بهم بعد وفاة والده الذي صارع المرض قرابة الخمسة أعوام إلى أن رحل إلى جوار ربه، جعلت من محمد رجلا في قبول التحدي ودخول معترك الحياة بعزيمة الكبار وبفكر وفطنة تسبق عمره بمراحل. بدأ محمد قصة التحاقه بالعمل، بعد أن تعذرت سبل الوفاء ببعض متطلبات الحياة اليومية لأسرته، قرر على إثرها العمل من السنة الأولى من التحاقه بالجامعة في أحد محال بيع وصيانة «الجوالات»، حيث كان يراقب نظراءه البائعين في المحل، ويتعلم منهم أنواع وأصناف الأجهزة وأسعارها وطريقة إصلاح ما يمكن إصلاحه من الأجهزة. لم يدم ترقب محمد لنظرائه البائعين طويلًا، إذ لم يمض ستة أشهر من التحاقه بالعمل إلا وقد قطع شوطًا من المعرفة لابأس بها، كان خلالها يقابل الزبائن ويبيع ويتفاوض معهم حول التسعيرات ويجيب أيضًا على تساؤلاتهم ويشرح لهم أحيانا طرق الاستخدام وما يشمله الضمان على الأجهزة المباعة. سرعة التعلم، كانت محل تقدير واعتزاز مالك المحل، الذي لم يلبث -بعد مرور عام من التحاقه محمد في العمل معه- إلا أن يكلفه بإدارة المتجر والإشراف على البائعين فيه، إذ كان لهذا النوع من التقدير المعنوي والمادي دور كبير في أن يبذل -العتيبي- المزيد من الجهد والوقت لإثبات احترافيته وحسن إدارته للفريق الذي يعمل معه. في هذا الشأن روى محمد قصة تجارته في هذا النشاط بشيء من الأمل، بعد أن رزقه الله امتلاك أكثر من متجر والعمل لحسابه الخاص، بعد أن كان يومًا من الايام بائعًا بأحدها، حيث قال:» بعد مرور أربع سنوات من عملي في هذا النوع من الأنشطة، كلفني صاحب المحل بإدارة مجموعة من محاله في أسواق متفرقة في الرياض، إذ كان للتنقل ومتابعة العمل من محل لآخر دور في بروز شخصيتي وتأصل الحس القيادي لديّ، واكتسابي للخبرة والمهارة في البيع والشراء في هذا القطاع الحيوي». وتابع: « قررت بعد تخرجي من الجامعة تأسيس أول محل اتصالات، إذ تمكنت -بعد توفيق الله- من التوسع في النشاط وتأسيس أكثر من ثلاثة محال أخرى في مواقع متفرقة، بعد أن أصبحت متمرسًا في السوق ومتابعًا لكل مستجداته وتطوراته». وزاد: «توسعت في هذا النشاط، وعزمت على التفرغ الكامل له وتجنب البحث عن عمل، سواء في القطاع الحكومي أو الخاص، نظرًا للربح والعوائد المادية المجزية التي حققتها -بفضل الله- ثم بدعم وتوجيه ودعاء والدتي التي قدمت لي الغالي والنفيس من أجل أن أقف على الأرض الصلبة لمواجهة تحديات الحياة كأقراني الآخرين». وأبان العتيبي، أن معظم من يدير العمل بمتاجره هم من الشباب السعوديين، وبأجور مجزية وحوافز مادية في حال تحقيق طفرة في المبيعات، داعيًا في الوقت ذاته الشباب إلى الالتحاق والانخراط في مثل هذه الأعمال المربحة، التي لم يلتفت لها أبناء الوطن بالاهتمام الكافي الذي تستحقه.
مشاركة :