أيها الآباء والأُمهات .. خافوا الله في فلذات أكبادكم .. وأفيقوا من سُباتكم .. فعندما تتبدد المبادئ والقيم وتنعدم الأخلاق عند كثيرٍ من الناس وخصوصًا في هذا الزمان ، ولا يستمعون إلى النصح والإرشاد ...! وأكثرهم يُنكر المعروف والجميل والطيب الذي قُدِّم لهم ويقطعون الأرحام بالكذب والفتن والقيل والقال وأكل الأموال بالباطل عن طريق الحرام .. وتنحدر أخلاقهم إلى الحضيض فلا صغيرهم يُقدِّر أو يحترم كبيرهم .. ولا الأب أو الأم ينصحان بِصدقٍ أو يُحسِنان في تربية ابنائهما وبناتهما بأمانة وإخلاص ، ولاينهونهما عن السير في طريق الخطأ والخراب والدمار .. ويتركان الحبل على الغارب وهما في كل وادٍ يهيمون ، ولا يكترثان بما يدور حولهما أو مايُحاك لهما ولابنائهما وبناتهما في الخفاء .. الأبناء والبنات في وادٍ آخر يسرحون ويمرحون ، والذئاب البشرية من حولهم تحوم ، وتنتظر اللحظة المناسبة للانقضاض عليهم والنهش في لحومهم ..! فَـ إلى متى ومتى يظل الآباء والأمهات وبالأخص عن بناتهم فلذات أكبادهم صادون ؟ تاركينهن دون حسيب أو رقيب أو متابعة لهن في خروجهن وسهراتهن إلى ما بعد منتصف الليل يتنقلن من كافيه لكافيه ومن مولٍ لمول ومن شارعٍ لشارع بسياراتهن أو تمشين على أقدامهن والذئاب من حولهن ، ومن جميع الجهات تتحرش بهن ..! حقيقةً مناظر يندى لها الجبين في كل ليلةٍ نشاهدها.. فيها انعدم الحياء.. ويكشفن عن شعورهن الناعمة والتي أصبحت تتدلى على الكتوف .. والعبايات أصبحت ليست للستر والحجاب والحشمة وإنما تحولت إلى فساتين سهرة مُطرزة مُتعددة الموديلات ومتنوعة الألوان!! الموضوع أصبح لارادع ولاحسيب أو رقيب فيه ، بل وتطور كل يوم عن يوم .. والآباء والأمهات للأسف الشديد مازالوا عن فلذات أكبادهم لاهين ومنشغلين... فمتى ومتى يستيقظون من سباتهم العميق ..؟! ويخافون الله في الأمانة التي أوكلها الله إياهم ويعرفون أين هُن يذهبن ؟! ومع مَنْ يجتمعن ؟! ومتى إلى بيوتهن يرجعن ؟! ولايخرجن من البيت إلا لحاجةٍ مهمة ، ولهنّ ساعة محددة فيها يَعُدن .. فلا الزمان زماننا الذي كُنا فيه عليهن مطمئنون .. ولا كل الشباب الذين حولهن يخافون الله فيهن بل يتحرشون ، وفي طريق الخراب والدمار والغواية بهن سائرون ..! فمتى بالله عليكم تستيقظون وتعلمون بأن كل واحدٍ منكم راعٍ ومسؤول عن رعيته ؟ يقول نبينا عليه أفضل الصلاة والسلام فيما رواه ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته فالإمام راعٍ ومسؤول عن رعيته، والرجل راعٍ في أهل بيته ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية على بيت زوجها وولده ومسؤولة عن رعيتها، والولد راعٍ في مال أبيه ومسؤول عن رعيته، والخادم راعٍ في مال سيده ومسؤول عن رعيته) ... فيا أيها الآباء والأمهات .. اتقوا الله في ابنائكم وبناتكم ، وكونوا عليهم حريصين وموجّهين لهم إلى طريق الحق و الهداية والصواب .. واسعوا أيها الآباء والأمهات لتضييق الفجوة بينكم وبين ابنائكم وبناتكم وتعزيز الحوار الأسري الداخلي خصوصًا في ظل المغريات التي تحيط بالأسرة هذه الأيام .. فكثير من أسرنا وإن بدت في الظاهر بيوتًا مُستقرة .. لكنها تخفي في باطنها مئات المشاكل والعلل .. فنجد الأبناء كما أسلفت في وادٍ والآباء والأمهات في وادٍ آخر ، فيقع الأبناء نتاج هذا الإهمال الواضح والصريح ضحايا علاقات خاطئة يلجؤون إليها .. وتحرشات دائمة يتعرضون لها .. وللأسف فإن كثير من بيوت المجتمع هذه الأيام بمختلف طبقاتها دون تحديد تعج بالانحرافات الخطيرة التي يقع فيها آباؤهم نتيجة إهمالهم لهم ؛ فالأبناء ليسوا بحاجة فقط إلى الدخل المادي وإنما هم بحاجة أيضًا إلى العطف والحنان والاهتمام بهم والمراقبة والمتابعة لهم في كل صغيرة وكبيرة ، والاهتمام بأفكارهم ومشاركتهم ومصاحبتهم والاجتماع معهم بصورة دائمة لحمايتهم -لاقدر الله - من أي سوء ومكروه أو الانحراف والسقوط في الهاوية فتتدمر حياة أسر بأكملها جرّاء هذا الانحراف والله المستعان ..! ولاشك أحبتي أن مشاكل الحياة ومصاعبها والأزمات الاقتصادية قد ألقت بظلالها على الأسر فأصبح الجانب المادي يغلب في الحياة على الجانب الإنساني والعاطفي -للأسف الشديد- وتهميش دور الأسرة في الجانب التربوي وكذلك ضعف التوعية الدينية المستمرة وهي المنقذة لهم بعد الله سبحانه وتعالى ، والتي يحتاجها الأبناء وخصوصًا البنات في مرحلة المراهقة التي يمرُّن بها ، والتي نراها في تجمعات مابعد منتصف الليل فأكثرهن صغارًا في السن بل في عمر الزهور لا تتجاوز أعمارهن الخامسة عشر أو السادسة عشر من العمر مما يحزّ في النفس ويؤلمها هذا المنظر غير اللائق في هذه الساعة المتأخرة من الليل .. مما يطرح سؤالاً هامًا وهامًا جدًا أين أباءهن وأمهاتهن عنهن كيف لهم أن يتركوهن إلى هذه الساعة المتأخرة من الليل دون حسيبٍ أو رقيب ..؟! سؤال يحتاج إلى إجابةٍ صادقة ومخلصة من قبل كثير من هؤلاء الآباء والأمهات المهملين لابنائهم وبناتهم ولا يُتابعونهم ولا يسألون عنهم وكأنهم لايعنون لهم شيئًا ولايهتمون لأمرهم ..؟! نسأل الله الهداية لنا جميعًا إلى سواء السبيل ، وأن يسبل على ابنائنا وبناتنا الستر في الدنيا والأخرة ، ولا نرى فيهم أبدًا ما يُكدر خواطرنا ويعكر صفو حياتنا .. إنه سميعٌ عليمٌ قريبٌ مُجيب .. يُجيب دعوة الداعي إذا دعاه .. والله ولي التوفيق .
مشاركة :