جشع المدارس الخاصة يزيد من أعباء العودة المدرسية في المغرب | محمد ماموني العلوي | صحيفة العرب

  • 9/7/2023
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

تشتكي معظم الأسر المغربية من غلاء المستلزمات الدراسية التي تفرضها المدارس الخاصة على طلابها إضافة إلى ارتفاع رسوم التسجيل واحتكارها لبيع الكتب واللوازم المدرسية في نزعة تكرس جشعها، ما أثار غضب الأسر والمكتبات. وقد طالب أولياء أمور الطلاب وزارة التربية بالالتفات إلى معاناتهم مع هذه المدارس، والتي اضطرت عددا منهم إلى نقل أبنائهم من مدارسهم الخاصة إلى مدارس عمومية. الرباط - انطلق العام الدراسي الجديد في المغرب وسط تذمر أغلب الأسر من غلاء نفقات المدارس الخاصة وارتفاع رسوم التسجيل وغلاء أسعار الكتب والمستلزمات الدراسية التي تعرضها تلك المدارس للبيع ما دفع عددا من الآباء إلى نقل أبنائهم إلى التعليم العمومي. وتزايد إقبال الأسر المغربية على تعليم أبنائها في المدارس الخاصة خلال العقدين الماضيين بسبب تراجع الثقة في المدرسة العمومية، ولم يعد التعليم الخاص حكرا على الأسر الثرية. وقال محمد أعراب العامل بإحدى الشركات الخاصة بفاس "لدي ثلاثة أبناء يدرسون في مستويات الابتدائي والإعدادي، وقبل عودتهم إلى الدراسة نجد أنفسنا (أنا ووالدتهم) مضطرين إلى التقشف قصد توفير قدر من المال يسمح لنا بمواجهة أعباء الدراسة من واجبات رسوم التسجيل التي تزداد قيمتها كل سنة تقريبا، وثمن المستلزمات المدرسية والكتب والمقررات وغيرها". شكيب بنموسى: لا يمكن لأي مؤسسة خاصة إلزام التلاميذ بشراء الكتب منها شكيب بنموسى: لا يمكن لأي مؤسسة خاصة إلزام التلاميذ بشراء الكتب منها وأضاف في تصريح لـ"العرب" أن المدارس الخاصة ما فتئت تزيد في رسوم التسجيل، بل تبيع بعض الكتب بأثمان باهظة، مطالبا الوزارة بالالتفات إلى معاناتهم مع هذه المدارس، مشيرا إلى أنه قد اضطر إلى نقل ابنه من مدرسته الخاصة إلى مدرسة عمومية نظرا إلى التكاليف التي أجهدت قدرته المادية. كما اشتكى عدد من الآباء والأمهات ممن التقتهم “العرب” من أسعار الكتب الأجنبية التي تثقل كاهلهم، والتي تفرض بعض المدارس الخاصة على أولياء الأمور شراءها منها، حيث تتراوح قيمة كتاب المادة الواحدة بين 200 و500 درهم (20 - 50 دولارا) والتي تستوردها المدرسة حصريا من إحدى دور النشر الأجنبية، وتصل كلفة الحقيبة إلى 3500 درهم بين المرحلتين الابتدائية والإعدادية. وأكد رشيد حموني رئيس فريق (كتلة) التقدم والاشتراكية بمجلس النواب أن الدخول المدرسي الحالي يأتي في سياقٍ مطبوعٍ بعددٍ من السمات، لعل أهمها “الغلاء الكبير في أثمنة الكتب والأدوات المدرسية في ظل تدهور القدرة الشرائية لمعظم الأسر، ونزوع بعض المؤسسات الخصوصية نحو المتاجرة في المقررات والوسائل التعليمية وفرض أنواع معينة على الطلاب وأسرهم". وقالت البرلمانية عن فيدرالية اليسار الديمقراطي فاطمة التامني إن "الأسر المغربية تواجه أزمة حقيقية في كل دخول مدرسي جديد، في كل ما يتعلق بالمستلزمات والأدوات المدرسية وما تتطلبه من مصاريف تثقل كاهلها في ظل زيادة الأسعار وغلاء المعيشة، وذلك سواء بالنسبة إلى التعليم العمومي، أو في ما يخص التعليم الخصوصي الذي تزداد حدة تكاليفه المرهقة للأسر مع رسوم التسجيل وزيادة أسعار الواجب الشهري، بالإضافة إلى غلاء الكتب المدرسية المطلوبة". ونقلت التامني من قبة البرلمان تذمر الأسر المغربية من جشع مؤسسات التعليم الخاص، وطالبت وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة شكيب بنموسى بحماية الأسر وأصحاب المكتبات من "الممارسات الربحية" لتلك المدارس. وفي هذا الصدد أشارت التامني إلى أنه في كل سنة تُخالف مؤسسات التعليم الخاص وظيفتها باعتبار ما ينص عليه القانون أولا، أو ما تدعيه من كونها مؤسسة تربوية، رغم الاستفادة الضريبية والامتيازات التي تتمتع بها، وتتّجه إلى الجانب الربحي الصرف. ◙ ابتزاز الأسر المغربية لا يمكن التساهل معه ◙ تدخل وزارة التربية بات ضروريا لوضع حد لما يحدث في المدارس الخاصة وتحديد سقف أعلى للرسوم وعبرت رابطة الكتبيين بالمغرب عن استنكارها الشديد للجوء بعض مؤسسات التعليم الخاص إلى بيع الكتب المدرسية ومستلزماتها للتلاميذ في بداية كل موسم، واتهمت الرابطة هذه المدارس بـ"استغلال أولياء التلاميذ وابتزاز الأسر المغربية بإجبارهم بطرق غير مباشرة على اقتناء المقررات الدراسية من المؤسسة التي يدرس بها أبناؤهم". وقالت لطيفة الموظفة بإحدى الإدارات المركزية بفاس لـ”العرب”، إن المدرسة التي يدرس فيها ابنها منذ عامين تفرض دفع مبلغ معين للاستفادة من غرفة الإعلاميات أو المكتبة، رغم أنها تدخل ضمن الرسوم الدراسية السنوية، وأضافت أن المدرسة نظمت رحلة إلى أحد الأماكن الجبلية وسط العام الدراسي الماضي واستخلصت أيضا مبالغ إضافية رغم أنها جزء من الأنشطة المدرسية المؤدى عليها مسبقا. ◙ عدد مؤسسات التعليم الخاص بالمغرب يفوق 6 آلاف و900 مؤسسة، ويمثل مجموع التلاميذ الذين يدرسون بها 104 آلاف و500 تلميذ وأكدت لطيفة على ضرورة تدخل وزارة التربية لوضع حد لما يحدث في المدارس الخاصة وتحديد سقف أعلى للرسوم، والالتفات إلى الضغط المادي الذي تعاني منه جميع الأسر مع ارتفاع تكاليف التمدرس وغلاء المعيشة. ويصر اتحاد التعليم والتكوين الحر بالمغرب على أنه لا يمكن مراقبة الأسعار في ظل غياب التعريفة المرجعية، لأنه في ظل تنوع الخدمات المقدمة للطلاب لا يمكن تحديد سعر مرجعي لكل مؤسسات التعليم الخاص بالمغرب. وقال بنموسى خلال ندوة صحفية إنه "لا يمكن لأي مؤسسة تعليمية خاصة إلزام التلاميذ بشراء الكتب المدرسية منها، مؤكدا أن مؤسسات التعليم الخاص ستوقع عقدا يضع حدا لمثل هذه الظواهر مع جعل مصلحة التلميذ فوق كل الاعتبارات". وكان وزير التربية الوطنية قد أقر بأن التعليم المدرسي الخاص يهتم بالربح، مضيفا أن الإطار القانوني الحالي المنظم لهذا القطاع لا يعطي إمكانية لوزارته للتدخل من أجل تحديد وتقنين الرسوم والواجبات المطبقة في المدارس الخاصة. وحسب إحصائيات رسمية، يفوق عدد مؤسسات التعليم الخاص بالمغرب 6 آلاف و900 مؤسسة، ويمثل مجموع التلاميذ الذين يدرسون بها 104 آلاف و500 تلميذ، بنسبة تمثل 13.30 في المئة من مجموع التلاميذ على الصعيد الوطني. وفي سياق الإصلاحات الواردة في الرؤية الإستراتيجية للإصلاح 2015 - 2030 الصادرة عن المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، أكدت رابطة التعليم الخاص بالمغرب في بلاغ توصلت به "العرب"، أن هذا الإصلاح يقتضي أن يشمل الإنفاق العمومي على التمدرس باعتباره حقا يكفله الدستور لجميع مكونات منظومة التربية والتكوين، ويمنح الأسر حق اختيار المدرسة التي تناسب أبناءها، سواء كانت مدرسة عمومية بالمجان أو مدرسة خاصة مؤدى عنها، من خلال مِنَح أو صيغ أخرى، مثل استرجاع نسبة من الضريبة على الدخل، وهو ما من شأنه أن يحقق "دمقرطة الولوج إلى مدارس الجودة أمام جميع التلاميذ المغاربة".

مشاركة :