كنا ننظر للغرب على أنه نموذج مثالي لحقوق الإنسان، وكانت عقد كثيرة تجعلنا متأكدين من أن الغرب يطبّق تلك الحقوق التي تأخرنا نحن في العالم الثالث عن تطبيقها على ذات نهجهم الذي كنا نظنه نموذجياً، وإن كانت شريعتنا الإسلامية التي احتكمت لها دولنا هي الأوفى والأفضل. وفي عصر التكنولوجيا الذي نشرت فيه الكثير من الممارسات اللا إنسانية وما وصل إلينا عبره من صور (وفيديوهات) من تجاوزات عديدة للغرب تنتهك حقوق الإنسان، وكذلك من ملاحظاتنا القريبة واحتكاكنا بهم بسبب السفر للإجازات أو العيش على أرضهم للدراسة أو لأسباب أخرى جعلنا مندهشين مما يقولون ولا يفعلون ومما يدّعون ولا ينفّذون؛ وسجن أبو غريب ثم ما قام به أفراد من الشرطة الأمريكية هزَّ العالم وليس له من بعيد أو قريب علاقة بحقوق الإنسان والتقدّم والتحضّر الذي تدعيه تلك الدول، وقد برز الجانب الحقيقي والمظلم الذي كشَّر عن أنيابه وفضح الممارسات الحيوانية تلك وكل ذلك بسبب الفكر العنصري والنظرة الاستعلائية لهم. يتشدقون بحقوق المرأة و»lady›s first» والمرأة تعاني الأمرين فهي تعمل مثلها مثل الرجل وتضع راتبها مشاركة معه في المصاريف وهي بعيدة عن حياة المرأة في الدول العربية المرفهة المحترمة التي حفظ الإسلام لها حقوقها وكفلها حتى بعد طلاقها، وقد قرأت قبل فترة أن إحدى الدول الأوروبية هي الأولى في نسبة النساء اللاتي يتوفين جراء العنف. حتى الطفل الذي تتشدق تلك الدول بحقوقه فهل نستطيع استيعاب حقوقه من خلال منحه الحرية للاتصال بالشرطة وتقديم شكوى ضدّ والديه قد تكون نتيجتها حرمانهما من العيش مع ولدهم؛ إن كان السبب مثلاً عدم شراء (ساندويش همبورغر) أو لمجرد تأديبه لفعل ارتكبه وعمل غير لائق قام به الطفل، لذلك يسعى بعض العرب في أوروبا وأمريكا الذين يحملون جنسيات تلك الدول على الذهاب بطفلهم في سنوات طفولته ومراهقته إلى بلدهم ليتمكنوا من تربيته التربية العربية الصحيحة والأخلاق الحميدة بعيداً عن الحرية المطلقة التي تسيء لنشأته وسلوكه، حيث تسيغ بعض الدول اليوم على سبيل المثال التحول الجنسي وانتشار المثلية التي تضر بكوكبنا وطبيعة الإنسان والحياة. السائح قد يلاحظ في بعض الدول الغربية نظرة الاستعلاء والعنصرية الواضحة حتى في المطاعم والمرافق السياحية ورغم أن أولئك يدّعون أنهم بلاد (الإتكيت) والتحضّر والإنسانية إلا أن ممارساتهم بعيدة كل البعد عن ذلك. قابلت امرأة فرنسية تضطهد ابن ابنها لأنه من البشرة السمراء نظراً لأمه الإفريقية وهذه النظرة ما زالت موجودة لدى كثر لم يتخلصوا من عصور العبودية تلك والطبقية. القوانين المطبقة في الغرب قوانين عرجاء لا تعطي الإنسان حقوقه ولا تمنح الشعور بالأمن والأمان، فأي حق يعطي المجرم حقوقه التي من شأنها أن تضر بضحيته والمجتمع من حوله إن ظل طليقاً بحجة حقوق الإنسان! وكذلك قوانين العمل وغيرها كثيرة. لا نجحد أبداً بحضارة الغرب وبعض نهجهم لكن ليسوا هم النموذج المثالي ولديهم ما لديهم من التجاوزات والإخفاقات التي أخلت بنظام حياتهم واستقرارهم وأمنهم.
مشاركة :