القرار الخليجي بمنع التعامل مع أي قنوات محسوبة على «حزب الله» «يحرج» محطات لبنانية

  • 3/10/2016
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

أحدث القرار الخليجي بشأن منع التعامل مع أي قنوات تلفزيونية محسوبة على «حزب الله» وقادته، وفصائله والتنظيمات التابعة له والمنبثقة عنه، هزة في الوسط الإعلامي اللبناني، خصوصا أن ثمة تداخلا لافتا لبعض القنوات مع الحزب، ومن خلفه طهران. وهو تداخل مباشر في بعض الحالات، وغير مباشر في حالات أخرى كثيرة. وتندرج أهمية هذا القرار في أنه لا يسري فقط على وسائل الإعلام التابعة مباشرة للحزب، كقناة «المنار»، بل سيتعداه إلى قنوات وصحف ومواقع إلكترونية ممولة كليا أو جزئيا من الحزب وإيران كما أكدت مصادر عربية واسعة الاطلاع لـ«الشرق الأوسط». وتسري الإجراءات الخليجية – وفق بيان وزراء الإعلام - على كل شركات الإنتاج والمنتجين وقطاع المحتوى الإعلامي وكل ما يندرج تحت مظلة الإعلام. وبينما امتنع كثير من وسائل الإعلام المعروفة بقربها من الحزب عن الرد على اتصالات «الشرق الأوسط»، قالت مصادر لبنانية إن إعلاميين رفضوا دعوات وجهت إليهم ليحلوا ضيوفا على شاشات محطات تلفزيونية تابعة لمحور الممانعة خوفا من أن تشملهم العقوبات الخليجية وحرمانهم من تأشيرات دخول إلى دول مجلس التعاون. ويمتلك «حزب الله» في لبنان محطة تلفزيونية مرخصة هي «المنار» وصحيفة إلكترونية تحت اسم «العهد» ومحطة إذاعة اسمها «النور»، غير أن الحزب يحتفظ بعلاقات جيدة مع كثير من وسائل الإعلام الأخرى، التلفزيونية والإذاعية والمكتوبة، كمحطة «الميادين» وصحيفة «الأخبار»، وهما من وسائل الإعلام المقربة جدا، بالإضافة إلى علاقات مع محطات أخرى يقال إن الحزب يساهم في تمويلها أو تأمين بعض احتياجاتها. وقالت مصادر لبنانية إن محطة «إن بي إن» التلفزيونية تضع نفسها خارج السرب الإعلامي الذي يعبّر عن رأي «حزب الله»، وهي ليست ملتزمة بسياسته على الإطلاق. ويعتبر مطلعون على سياسة هذه المحطة أن هذه القناة «غير معنية بالقرار الخليجي الذي يفرض عقوبات على وسائل الإعلام القريبة من (حزب الله)، لأن المحطة مستقلة سياسيًا وماليًا ومهنيًا عن الإعلام الذي يدور في فلك الحزب، كما أنها ليست عضوًا في (الاتحاد الإسلامي للإذاعات والتلفزيونات) الممول من إيران والداعم لمحورها وسياسيتها في المنطقة». ويقول المطلعون على نهج «إن بي إن»: «إنّ المحطة ليست جزءًا من المعمعة القائمة حاليًا على الإطلاق، وهي ترفض استضافة سياسيين أو إعلاميين أو أصحاب رأي ممن يهاجمون المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي، وترفض فتح الهواء لهم»، مشيرين إلى أن «المحطة ملتزمة بسياسة رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي يشكل جسر تواصل بين القوى المحلية وحتى الإقليمية». وحثّ رئيس «المجلس الوطني للإعلام المرئي والمسموع» عبد الهادي محفوظ دول الخليج أو أي دولة تعتبر أن مؤسسة إعلامية لبنانية مرئية أو مسموعة ارتكبت مخالفة بحقها للتقدم بشكوى لدى المجلس الذي يرأسه ليتخذ الإجراءات المناسبة في حال تبين حقيقة أن هناك مخالفة تم ارتكابها. وقال محفوظ لـ«الشرق الأوسط» إن الحوار هو السبيل الأفضل لحل الأزمة الحالية. وتستغل إيران ضعف الإعلام اللبناني المناهض لها وتردي أوضاعه المادية، من أجل المضي في اجتذاب الصحافيين الكبار إلى صفها، كما في تقوية الإعلام الموالي لها، الذي يعتبر الإعلام الوحيد الذي يعاني من الضائقة المالية الكبيرة التي تضرب الإعلام اللبناني عامة، والمعارض لطهران خصوصا. وفي المقابل، لا يكاد يمر يوم من دون ظهور وسيلة إعلام جديدة موالية لطهران، خصوصا في الجانب الإلكتروني. ويقول مصدر لبناني واسع الاطلاع لـ«الشرق الأوسط» إن إيران أنشأت في بيروت «غرفة عمليات» إعلامية كبيرة تدير المضمون والمحتوى الإعلامي لوسائلها الإعلامية التي تبلغ العشرات، بهدف تنظيم عملها وحملاتها وضبط توجهاتها. وتضم غرفة العمليات هذه مجموعة من «المحللين» الذين يتنقلون على الشاشات اللبنانية والعربية لشرح مواقف الحزب والدفاع عنها، من دون أن يظهروا انتماء للحزب أو لإيران، ما يشجع وسائل الإعلام الأخرى الباحثة عن «الرأي الآخر» على استضافة هؤلاء والاستماع إلى ما لديهم من آراء وتحليلات. فقد تمددت إيران إلى الإعلام اللبناني، لخلق منصات إعلامية تنطق باسمها، وتروج لسياستها، وتحاول تشكيل رأي عام مناهض للسياسات العربية، يستهدف الطوائف عبر التخويف حينًا، وشراء الولاءات لزرع القلق في أحيان أخرى. وتعد بيروت المقر الثاني لمحطات الإعلام الإيراني، فهي تضم المركز الأكبر لقناة العالم، وأكثر من 15 محطة فضائية تعمل في الفلك الإيراني، بالإضافة إلى عشرات المحطات الدينية الصغيرة. وتمتد الآلة الدعائية الإيرانية على مساحة إعلامية تشمل عشرات المواقع الإلكترونية وبعض الصحف والشاشات، وعبر وجوه إعلامية تحمل ألقابًا مثل «باحث استراتيجي» و«خبير سياسي» وغيرها، تشارك في عدد كبير من البرامج التلفزيونية على الشاشات المحلية، وتنطق باسم السياسة الإيرانية، مدفوعة بمال سياسي يُضخ منذ عام 2005، إثر الانقسام السياسي اللبناني على ضوء اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري، وتضاعف بعد الأزمة السورية. ويقدر متابعون من المعارضين لحزب الله اللبناني حجم الاستثمار، بملايين الدولارات سنويًا. يقول الباحث السياسي المعارض لـ«حزب الله» لقمان سليم، إن «الاستثمار الإيراني في الإعلام اللبناني هو أكبر من قدرة السوق اللبنانية على استيعابه، بالنظر إلى الضخّ المالي الكبير». ويؤكد سليم لـ«الشرق الأوسط» أن «الأخطر من التمويل النقدي لإنشاء مؤسسة إعلامية هنا وأخرى هناك هو التدخل الفاضح في سوق الإعلانات، خصوصًا عندما يطلبون (الإيرانيون) من جماعتهم الإعلان في هذه المحطة أو تلك، وهذا يعني التحكم الأخطر بالمؤسسة وسياستها، إلى درجة أن يفرضوا عليها من تستقبل من الضيوف وكيف تسوق للسياسة الإيرانية»، معتبرًا أن «هذا التأثير أدهى من مفعول المنصات الخاصة التي هي جزء من جبهة الممانعة الإعلامية». تتمثل هذه الخطة في إعلانات موحدة، معظمها صادر عن مؤسسات تتخذ من الضاحية الجنوبية لبيروت (معقل حزب الله اللبناني) مقرات لها، وتنتشر على عدد من وسائل الإعلام التلفزيونية، إضافة إلى مواقع إلكترونية نمت بشكل كثيف خلال السنوات الخمس الماضية. وفيما يظهر أن بعض الوسائل الإعلامية المرئية تلعب دور التابع لإيران، مثل قناة «المنار» التابعة لحزب الله الذي لا ينفي أن مصادر تمويله الوحيدة هي من طهران، ثمة وسائل إعلامية أخرى محلية، تقول إنها محايدة، لكنها تبث إعلانات من ضمن مجموعة الإعلانات الموحدة لتلك المؤسسات، وأكثر ما تظهر في فترة شهر رمضان الذي يعد أكبر موسم إعلاني في الشاشات اللبنانية.

مشاركة :