أكد المشاركون في المؤتمر الدولي الرابع والثلاثين للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية المنعقد حاليًا بالقاهرة، أن الفضاء الإلكتروني يحمل من الإمكانات مما يساعد المؤسسات والحكومات والمجتمعات على تحقيق أهدافها، منبّهين في الوقت ذاته مما يحمله هذا الفضاء من تحديات وتهديدات مرتبطة بالتوظيف الخاطئ والاستخدام السيئ وتستوجب حماية الفكر والثقافة والقيم في الدول العربية من محاولات الاختطاف أو التشويه. وقال وزير الأوقاف المصري الدكتور محمد مختار جمعة في كلمته بالجلسة الافتتاحية اليوم، إن المؤتمر يتناول جوانب مهمة في الفضاء الإلكتروني والتطور التكنولوجي، وما يرتبط بهما من وسائل ذات أثر بالغ في بناء الوعي بصفة عامة وقضايا الخطاب الديني بصفة خاصة؛ مما يتطلب الوقوف عندها بدقة لتعظيم الإفادة من إيجابياتها، وتفادي مخاطرها والتغلب على تحدياتها. وأشار إلى أهمية توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في خدمة المجال الدعوي، باعتباره إضافة إلى كل الوسائل القائمة من الدعوة المباشرة أو الافتراضية وليس بديلًا عن أي منهما، وأهمية استخدام وسائل التواصل الإلكتروني والتقنيات استخدامًا رشيدًا لملء الفراغ في هذا المجال وعدم تركه للمتطرفين أو العابثين. من جانبه، أكد معالي رئيس البرلمان العربي عادل بن عبدالرحمن العسومي، في كلمة مماثلة، أهمية وضع منظومة تشريعية متطورة وحديثة بهدف التوظيف الآمن للتكنولوجيا الحديثة في خدمة الخطاب الديني، وبما يحافظ على ثوابت وأصول الدين الإسلامي الحنيف، ويتناسب أيضاً مع خصوصية المجتمعات العربية والإسلامية ومنظومة القيم السائدة بها. ولفت الانتباه إلى أن هناك مسؤولية كبيرة تقع على عاتق المؤسسات الدينية لإعداد أجيال من العلماء والمتخصصين ممن تكون لديهم القدرة على التعامل الآمن مع التكنولوجيا الحديثة بوعي ومهنية، وقدرة كذلك على مواجهة التوظيف السيء لتلك التكنولوجيا من قِبَل الجماعات المتطرفة، وحماية النشء الصغير والشباب من أفكارهم الهدَّامة. من جهته، قال مفتي مصر الدكتور شوقي علام، في كلمته، إن قضية الفضاء الإلكتروني من أهم وأخطر القضايا، وأصبحت وسائل التواصل الاجتماعي هي لغة العصر، مشيرًا إلى أن تطور المجتمعات الإسلامية غير أنماط الخطاب الديني لأنه جزء من الخطاب المجتمعي. وأوضح علام أن وسائل التواصل مهما تطورت لا تعدو أن تكون طريقًا للحوار وتبادل المعلومات، ويمكن استخدامها في الحفاظ على العقول من الأفكار المنحرفة ونشر الوعي، معربًا عن تمنياته بخروج هذا المؤتمر بتوصيات تخدم الأمة الإسلامية والإنسانية جميعًا. بدوره، قال وكيل الأزهر الدكتور محمد الضويني في كلمة مماثلة، إن الفضاء الإلكتروني أصبح أداة فاعلة في أيدي الأمم لتعظيم الثروة وتمكين السلطة وصيانة الهوية، مشيرًا إلى أن الشعوب الواعية هي التي تقتحم المستقبل بمنهجية مدروسة، وأن ما تتيحه الرقمنة من إمكانيات فرصة حقيقية لإعادة النظر في كثير من الأنشطة وحسن استثمار الموارد واتخاذ القرارات الصائبة. وحذّر وكيل الأزهر من أن الفضاء الإلكتروني قد يتحول إلى نقمة إذا أسيء استخدامه، بدليل وجود الإرهاب الإلكتروني، معربًا عن أمله بأن يخلص المؤتمر إلى حالة من التوافق الفكري حول هذا الفضاء الإلكتروني، وكيفية استثمار إمكاناته، بما يصون الناس في أوطانهم، ويحفظ عليهم عقائدهم وعباداتهم.
مشاركة :