تشديد أمني في إيران قبيل الذكرى الأولى لاحتجاجات مهسا أميني

  • 9/12/2023
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

بين نقاط تفتيش مفاجئة، وأعطال إنترنت، وطرد بعض الطلبة من الجامعات، تحاول السلطات الإيرانية إحكام قبضتها الأمنية على الأوضاع مع قرب الذكرى السنوية الأولى للاحتجاجات التي شهدتها البلاد على فرض الحجاب إلزاميا في البلاد، وإخماد أي احتمال لمزيد من الاضطرابات. ومع ذلك لا تزال أصداء وفاة مهسا أميني (22 عاما) في 16 سبتمبر/أيلول تتردد في أنحاء البلاد، إذ تختار بعض النساء عدم ارتداء الحجاب رغم حملة القمع المتزايدة التي تشنها السلطات. كذلك يقوم عمال بلدية طهران بطلاء الجدران باللون الأسود للتغطية على الكتابات المنتقدة المعارضة للحكومة. كما يتم فصل أساتذة جامعيين بسبب دعمهم للمتظاهرين. بحسب تقرير نشرته وكالة أسوشيتد برس. ولا تزال الضغوط الدولية قوية على إيران، في الوقت الذي تحاول فيه الحكومة تهدئة التوترات مع الدول الأخرى في المنطقة والغرب القائمة منذ سنوات. وحذر خبراء مستقلون في الأمم المتحدة في وقت سابق من الشهر من أن استخدام «الآداب العامة» كسلاح لحرمان النساء والفتيات من حرية التعبير يهدف إلى إضعافهن بشكل كبير ويؤدي إلى ترسيخ وتوسيع التمييز بين الجنسين والتهميش. وكانت المظاهرات التي اندلعت بعد وفاة مهسا أميني وهي رهن الاحتجاز لدى شرطة الآداب واحدة من أكبر التحديات التي واجهت السلطات في إيران منذ تأسيس الجمهورية الإسلامية عام 1979. وأدت حملة القمع التي شنتها قوات الأمن بعد ذلك إلى مقتل أكثر من 500 شخص واعتقال أكثر من 22 ألفا آخرين. وألقت الحكومة الإيرانية والمرشد الأعلى آية الله علي خامنئي باللوم على الغرب في إثارة الاضطرابات، دون تقديم أدلة تدعم هذا الادعاء. ووجدت الاحتجاجات وقودا لها في الأزمة الاقتصادية الخانقة الذي واجهها سكان إيران البالغ عددهم 80 مليون نسمة منذ انهيار الاتفاق النووي مع القوى العالمية بعدما سحب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب عام 2018 بلاده من الاتفاق. ومع عودة العقوبات الغربية انهار الريال الإيراني، ما قضى على مدخرات المواطنين. وارتفعت أسعار المواد الغذائية وغيرها من الضروريات بشكل كبير بسبب التضخم في البلاد، ويعود ذلك جزئيا إلى الضغوط العالمية في أعقاب جائحة فيروس كورونا، وشن روسيا حربها على أوكرانيا. وأظهرت مقاطع مسجلة مصورة لمظاهرات العام الماضي مشاركة العديد من الشباب في الاحتجاجات، ما دفع السلطات إلى التركيز بشكل أكبر على الجامعات في الأسابيع الأخيرة. وهناك سابقة تاريخية لهذه المخاوف: ففي عام 1999 اجتاحت احتجاجات قادها الطلبة العاصمة طهران، وقتل ثلاثة أشخاص على الأقل واعتقل 1200 آخرين مع انتشار المظاهرات إلى مدن أخرى. ورغم أن الحرم الجامعي ظل إلى حد كبير أحد الأماكن القليلة الآمنة التي يمكن للطلاب التظاهر فيها، إلا أن حملة القمع الأخيرة طالتها هي أيضا. فخلال العام الماضي ذكر اتحاد الطلبة الإيرانيين أن مئات الطلبة واجهوا لجانا تأديبية في جامعاتهم بسبب الاحتجاجات. وخلال الفترة نفسها، تم فصل ما لا يقل عن 110 أساتذة ومحاضرين جامعيين أو إيقافهم عن العمل مؤقتا، وفق تقرير نشرته صحيفة «اعتماد» الإصلاحية. وتركزت عمليات الفصل في جامعات طهران آزاد، وطهران، وطهران الطبية. وأوردت الصحيفة أن من تم فصلهم ينقسمون إلى مجموعتين: الأساتذة القلقون من انتخاب الرئيس المتشدد إبراهيم رئيسي، وداعمو الاحتجاجات التي أعقبت وفاة مهسا أميني. كما جرت إقالات في جامعات أخرى أيضا، مثل جامعة شريف للتكنولوجيا في طهران، حيث كان علي شريفي زرشي، أستاذ الذكاء الاصطناعي، الذي دعم طلابه المشاركين في الاحتجاجات وواجه لاحقا استجوابا من قوات الأمن الإيرانية، من بين من تم تسريحهم. ووقع 15000 شخص على مناشدة تدعو الجامعة إلى إلغاء إقالته. كان زرشي قد كتب على موقع بالإنترنت قبل إقالته «الضغط على الأساتذة والطلبة هو وصمة عار سوداء في تاريخ جامعة طهران المشرف ويجب إيقافه». ومن بين أساتذة الجامعات الذين تم فصلهم أيضا حسين علائي، القائد السابق في الحرس الثوري ونائب وزير الدفاع؛ ورضا صالحي أميري، وزير الثقافة السابق. وكان علائي قد شبه قبل عشر سنوات خامنئي بشاه إيران السابق، في حين كان أميري مسؤولا سابقا في إدارة الرئيس المعتدل نسبيا حسن روحاني. وانتقد روحاني، الذي كانت حكومته هي من أبرمت الاتفاق النووي مع القوى العالمية عام 2015، عمليات فصل الأساتذة من الجامعات. وقال، بحسب تقرير لموقع جمران الإخباري الإلكتروني «تدمير هيبة الجامعات وأساتذتها… خسارة للطلبة والعلم والبلد بأكمله». وكان رئيس جامعة طهران، محمد موغيمي، قد حاول الدفاع عن عمليات الفصل، واصفا الأساتذة بأنهم يواجهون «مشكلات أخلاقية». كما حاول بعض المتشددين التأكيد على أن عمليات الفصل ليست سياسية، رغم أن صحيفة كيهان المتشددة ربطت بشكل مباشر بين عمليات الفصل والمظاهرات. وتلتزم الحكومة الصمت تجاه الذكرى السنوية. فلم يأت رئيسي أبدا على اسم مهسا أميني خلال مؤتمر عقد مؤخرا مع صحفيين أشاروا بشكل عرضي إلى المظاهرات. كما تجنبت وسائل الإعلام الرسمية وشبه الرسمية في إيران الإشارة الى الذكرى السنوية، ما يكون عادة بضغط من الحكومة. لكن نشطاء أفادوا سرا بارتفاع في عدد من تقوم قوات الأمن باستجوابهم واعتقالهم، بمن فيهم عم مهسا أميني. كما يواجه صالح نيكبخت، محامي عائلة أميني، دعوى قضائية تتهمه بنشر «دعاية مغرضة» خلال مقابلاته مع وسائل الإعلام الأجنبية. كذلك لوحظ وجود المزيد من عناصر الشرطة في شوارع طهران مؤخرا، الى جانب التفتيش المفاجئ لراكبي الدراجات النارية في طهران. كما تعذر الوصول إلى الإنترنت بشكل ملحوظ مؤخرا أيضا، وفق مجموعة نت بلوكس. وفي الخارج، أفادت وسائل الإعلام الرسمية الإيرانية أن شخصا أشعل النار في إطارات سيارات أمام السفارة الإيرانية في باريس خلال نهاية الأسبوع. كما تقرر تنظيم مظاهرات في هذه الذكرى السنوية يوم السبت في عدة مدن بالخارج.

مشاركة :