في زيارته لـ Nippon.com يقوم الكاتب ومحلل المجتمع الياباني بيل إيموت بالحديث عن مستقبل اليابان كما يراه من حيث مكانتها الدولية، ومكانة المرأة والعاملين فيها، وآماله في اتخاذ موقف أكثر فاعلية بين رواد الأعمال والشباب. المُحاور: شكرًا جزيلاً لك على تواجدك معنا اليوم. في المحاضرة التي قدمتها في 25 يوليو/ تموز في جامعة طوكيو، ذكرت الحاجة إلى تحقيق توازن بين الردع والدبلوماسية في الشرق الأقصى. حيث صرّح رئيس وزراء اليابان كيشيدا فوميؤ بأن ما يحدث في أوكرانيا اليوم قد يكون في الشرق الأقصى غدًا. هل ترى إمكانية غزو صيني لتايوان ونشوب حرب في هذه المنطقة؟ بيل إيموت: للأسف، أعتقد أن هناك إمكانية حقيقية لحدوث ذلك. لا أعرف ما إذا كان ذلك سيحدث في المستقبل القريب أو البعيد، ولكن الأمور تؤول نحو الصراع، ونحن بحاجة لبذل جهود كبيرة لمنع ذلك. فالأمر ليس حتمي ويمكن منع الصراع، ولكن علينا أولًا بذل جهود جادة لتحقيق مبتغانا. وجزء من هذه الجهود هو ما بدأته اليابان بالفعل من خلال تعزيز قواتها العسكرية لتكون كوسيلة ردع. والجزء الآخر يجب أن يكون من خلال الدبلوماسية، التي يجب أن تعمل كشكل من أشكال الردع والإقناع. إلا أن الأمر المعقد، كما ذكرت في محاضرتي، هو وجود ثلاثة أطراف في هذا الصراع المحتمل: الصين وقواتها العسكرية بطبيعة الحال، وتايوان، التي يجب أن تكون سياستها مؤثرة، وسياسات الولايات المتحدة. إنها مهمة ثلاثية للردع والدبلوماسية، وأنا مسرور لأن اليابان تلعب دورًا متزايد الأهمية في تلك المهمة. المُحاور: نرى الآن مزيدًا من العلاقات بين اليابان والولايات المتحدة في المجال الأمني، واليابان واثقة من أن أمريكا ستدعمنا في حالة نشوب أية أزمات. ولكن السياسة الخارجية الأمريكية تبدو غير متوقعة، خاصة في ضوء عودة دونالد ترامب المحتملة. كيف ترى هذه الإمكانية؟ إيموت: في مواجهة المرشحين المتواجدين على الساحة، ترامب وجو بايدن، أعتقد أنه يجب أن نعترف بأن فرص ترامب للأسف لا يمكن الاستهانة بها. وإذا كنت مضطرًا للتنبؤ اليوم بما إذا كان سينجح أم لا، سأقول لا، سيتم إعادة انتخاب بايدن. ولكن التوقعات التي يتم التصريح بها قبل خمسة عشر أو ستة عشر شهرًا من الانتخابات الأمريكية قد تجعلك تبدو أحمقًا لاحقًا. وأعتقد أنك على حق في أن اتجاه السياسة الخارجية الأمريكية قد تغير في السنوات الأخيرة. حيث أصبحت غير متوقعة إلى حد ما. ولهذا السبب، يُرحب بدور اليابان المتزايد للغاية، سواء لتعويض الأمور التي قد لا تقوم بها واشنطن على نحو مأمول، ولزيادة تأثير اليابان على الولايات المتحدة. المُحاور: من هذا المنطلق، هل من الجيد تعزيز علاقات اليابان مع بلدان مثل الهند وأستراليا وكوريا الجنوبية؟ حيث تُعتبر دولة مثل الهند زعيمة لما يُسمى ببلدان العالم الجنوبي. إيموت: تزداد أهمية الهند بالفعل، ولكن الأهمية الاقتصادية والسياسية لدول مثل إندونيسيا وفيتنام تزداد هي الأخرى. حيث يتعين على اليابان تحسين علاقاتها الدبلوماسية وزيادة تأثيرها على هذه الدول، ولكن ليس بسذاجة لدرجة تجعلها تعتقد أنهم سيصبحوا حلفاء مخلصين، ولكن بمعنى أن اليابان لديها فهم أفضل لهذه الدول من الولايات المتحدة أو الدول الأوروبية. حيث أن زيادة تواجدها وتأثيرها هناك سيُقابل بالترحاب. المُحاور: في كتابك باللغة اليابانية ”اختيارات اليابان“ الصادر في عام 2007، أكدت أن اليابان يجب أن تصبح ”بلدًا مثيرًا للاهتمام“ بدلاً من ”البلد الجميل“ الذي أراد شينزو آبي تقديمه في ذلك الوقت. خلال السنوات التي مرت منذ ذلك الحين، هل تعتقد أن اليابان قامت بمواجهة المخاطر واستغلال الفرص لتصبح مثيرة للاهتمام بشكل أكبر؟ إيموت: لقد كانت اليابان مثيرة للاهتمام من نواح عدة خلال هذه الفترة، ولكن ليس بما فيه الكفاية. بالطبع، كانت هناك انتكاسات، مثل زلزال وتسونامي عام 2011. لكن النزعة المُحافظة التي يتبناها صُناع السياسات وبعض المنظمات التجارية أدت أيضاً إلى إبطاء هذه العملية. ومع ذلك، فإن نطاق ريادة الأعمال الناشئة، والتحول الرقمي، والتحرك نحو التركيز على الاستدامة البيئية آخذ في التسارع. وهذا يُظهر وعيًا بالفرص التي يمكن أن تكون مثيرة للاهتمام، ولكن لا يوجد حتى الآن ضغط قوي للقيام بذلك. (© Nippon.com) المُحاور: من الممكن أن يكون معرض أوساكا الدولي القادم في عام 2025 فرصة جيدة لعرض ما يمكننا تقديمه للعالم. إيموت: أحد الاقتراحات التي أود أن أقدمها هو ”تكرار أداء“ دورة الألعاب الأولمبية في طوكيو. حيث كانت إحدى الأمور الملفتة للأنظار هي حمل شعلة الأولمبياد من قبل ناؤمي أوساكا. وكذلك رئيسة اللجنة المنظمة هاشيموتو سيكو، وهي رياضية سابقة وعضو في مجلس الشيوخ. الأمر الذي عرض جانب متنوع ومتغير من اليابان في هذا المجال الرياضي. وإذا كان بإمكان معرض أوساكا أن يُظهر للعالم وجهًا أكثر تنوعًا ومزيدًا من تواجد المرأة في اليابان، الذي بدوره سيعبر عن طاقة الشباب، والإبداع المتجدد الذي تقوده المرأة في مجال الأعمال والتكنولوجيا، كما حدث في مجال الرياضة، فسيكون ذلك الأمر ملهمًا للمراقبين الأجانب. المُحاور: في كتابك ”آفاق مستقبل المرأة في اليابان“ الصادر أيضًا باللغة اليابانية في عام 2019، شجعت العديد من رائدات الأعمال والمسؤولات الحكوميات والقادة الإناث المحتملات. هل سيكون بإمكان اليابان استخدام قوة هؤلاء النساء بشكل أكثر ديناميكية؟ إيموت: نعم، أعتقد ذلك. في هذا الكتاب، كتبت عن ازدياد مشاركة النساء في التعليم الجامعي خلال التسعينيات، مما أدى إلى وصولهن إلى نصف تعداد الطلاب في الجامعات. ولكن الأمر يستغرق وقتًا حتى تصلن هؤلاء الخريجات إلى مناصب ذات تأثير وهم في الأربعينيات والخمسينيات والستينيات من عمرهن. وبالنظر إلى العقد الحالي وما بعده، سيزداد عدد النساء الموهوبات اللاتي سيتنافسن على المناصب القيادية. وسنرى مزيدًا من النساء في مواقع قيادية في البنك المركزي الياباني، وفي الشركات الكبرى، وفي الجامعات، وسيشكلن بدورهن وجهًا وأسلوبًا بديلاً في تلك المؤسسات. المُحاور: نرى زيادة في أعداد النساء في مجال الأعمال. ولكن في المجال السياسي، التقدم محدود، والأعداد لا تزال منخفضة بشكل استثنائي. وتُظهر السياسة أيضًا تقدمًا بطيئًا في قضايا مثل الاعتراف بالأسماء العائلية المزدوجة، وقضايا مجتمع الميم. كيف يمكن تغيير هذا؟ هل يمكن أن يساعد نظام الحصص المخصصة؟ إيموت: عند دراستي لهذا الجانب من اليابان، قطاعان كانا بمثابة مفاجئة لي من حيث تواجد المرأة: السياسة ووسائل الإعلام – ووسائل الإعلام بالأخص. ففي بريطانيا، كانت وسائل الإعلام قطاعًا صعدت فيه النساء إلى القمة بشكل أسرع بكثير، ربما لأنه مجال يتسم بروح المبادرة وأقل بيروقراطية، في حين أن وسائل الإعلام اليابانية تميل إلى التحفظ. ونفس الأمر ينطبق على السياسة، والتي تعتبر في اليابان أعمال عائلية. حيث من الصعب على الوافدين الجدد أن يتمكنوا من الاندماج. لذلك قد تساعد الحصص المخصصة للمرشحين في كسر هذا السيطرة العائلية، إلى جانب إجبار الأحزاب على التفكير جيدًا في كيفية دعم وتعزيز المرشحات الإناث. وهناك بعض الأهداف الطموحة التي تم وضعها، ولكن قد يكون من الجيد جعلها إلزامية لتسريع هذه العملية. المُحاور: أيضًا، عدد الأطفال يتضاءل في اليابان، بالإضافة إلى كوريا والصين والعديد من البلدان الأخرى. ولكن التعامل مع هذا الوضع كان بطيئًا للغاية. إيموت: يجب أن ندرك أنه من الصعب جدًا تغيير هذا الوضع. حيث أن قرارات الأسر بشأن إنجاب الأطفال أمر معقد للغاية، وسياسات الدعم المالي أو توفير مرافق الرعاية للأطفال لن تكون كافية. لذلك يجب علينا أن نكون واقعيين. وما يجب أن نوليه الاهتمام هو عدم الاستقرار في سوق العمل. حيث تعتمد القرارات المتعلقة بالزواج أو تكوين الأسرة على عوامل مثل العمل غير النظامي، بمعنى هل الوظائف آمنة ومستقرة أم سلسلة غير مؤمنة من العقود القصيرة الأجل. وإذا كنت سأقدم توصية واحدة، ستكون هي إصلاح هذا النظام من العقود غير المؤمنة، والترتيبات المالية المرتبطة بها مثل بدلات التقاعد، بهدف تحقيق توازن جديد بين الرجال والنساء في حياتهم وقراراتهم المتعلقة بالزواج من عدمه. وهناك تجارب لدول أخرى تبين نفس الأمر: بأن أسواق العمل غير المستقرة تثبط من الرغبة في الزواج. وفي مجتمع مثل اليابان، حيث يولد عدد قليل جدًا من الأطفال خارج إطار الزواج، أمر كان له تأثير آخر على معدل المواليد. المُحاور: في سوق العمل، رأينا هذا العام زيادة في الأجور، وخاصة في الشركات الكبيرة. هل في ذلك دلالة على بعض التغييرات؟ إيموت: نعم. من الواضح أولًا أن هناك توقعات جديدة للتضخم، الأمر الذي يدفع العمال للمطالبة بزيادة في الأجور، والشركات مضطرة للموافقة على ذلك. ثانيًا، بدأت نسبة العاملين بعقود دائمة ونظامية في السوق بالتزايد بشكل كبير، لذلك نجد أن التوازن يبتعد عن العمل الجزئي وغير النظامي. وأعتقد أن هذا أمر صحي للغاية. وإذا كان بإمكان الحكومة أن تفعل شيئًا لتسريع هذه العملية، سيكون ذلك مفيدًا، ولكن السوق بالتأكيد يتجه نحو ذلك. وبطبيعة الحال، هناك نقص في العمالة، إلا أن العصر الذي كان يُعتمد فيه بكثرة على النساء وكبار السن في الوظائف المؤقتة قد شارف على الانتهاء، نظرًا لأن أعدادهم قد بلغت الحد الذي لا يمكن أن تزيد بعده. الأمر الذي قد يدفع إلى خلق مزيدًا من الوظائف بدوام كامل للأشخاص من جميع الأعمار، وهي ظاهرة صحية. المُحاور: يتزايد عدد العمال الأجانب، وخاصة من فيتنام ونيبال ودول آسيوية أخرى، ولدينا الآن حوالي 3 ملايين مقيم أجنبي في اليابان. هل سيستمر هذا الاتجاه؟ إيموت: تجدر الإشارة إلى أن مسألة نقص العمالة وجاذبية اليابان كبلد آمن وذو تكنولوجيا عالية مع بيئة جيدة هو مزيج من ضغوط العرض والطلب التي من المرجح أن تجعل عدد العمال الأجانب يستمر في الزيادة. وفي الحقيقة أود أن أرى المزيد من رواد الأعمال الأجانب الذين يأتون إلى اليابان لبدء شركاتهم الناشئة ربما لأنهم وجدوا مثلًا مجموعة من الأشخاص الذين يشتركون معهم في آرائهم في جامعة طوكيو أو في تسوكوبا. أعتقد أن هذا الأمر سيكون مثاليًا للغاية، حيث أن هجرة رجال الأعمال المرتبطة بالتقنية العالية يمكن أن تكون مصدرًا للإبداع الجديد دون أن تتسبب في مشكلات اجتماعية. المُحاور: في كتابك ”مصير الغرب“ الصادر عام 2017، لديك فصلاً عن اليابان يقول أن النزعة المتحفظة والتشدد في المجتمع الياباني يخلقان عقبات أمام تحقيق الانفتاح في اليابان. إلا أنني أعرف أنك متفاؤل بمستقبل اليابان على الرغم من ذلك. هل يمكننا التغلب على هذه القيود؟ إيموت: ستظل اليابان دائمًا دولة أكثر صرامة مما يأمله الأجانب أمثالي. إلا أنه، إذا كنا صريحين، فإننا نحب بعض من هذه الصرامة. فنحن نُعجب بالاستمرارية والتقاليد في طرق القيام بالأشياء، جنبًا إلى جنب مع التسلسل الهرمي الثابت وأساليب التفكير. لذلك في الحقيقة لدينا مشاعر مختلطة. ولكن أعتقد أن ضغوط التحول الأخضر والأهداف البيئية ستفرض على الجميع بعض التكيف، وظهور بعض أشكال المبادرات الريادية الجديدة. ونفس الأمر ينطبق على التحولات الرقمية. وهناك دائمًا قوى مضادة تشجع على التغيير حتى وإن حدث بشكل محدود وعلى الطريقة اليابانية. وأنا واثق من أن التغيير سيزداد. حتى وإن عبر النقاد الأجانب أمثالي دائمًا عن خيبة أملهم في أن الأمور لم تكن سريعة بالشكل الكافي. [يضحك] بيل إيموت، على اليمين، مع أكاساكا كيوتاكا رئيس مؤسسة نيبون للاتصالات. (© Nippon.com) المُحاور: في النهاية، ما الرسالة التي تود مشاركتها مع الشباب الياباني، الذين يبدون أكثر انطوائية مما كانوا عليه في السابق؟ إيموت: ما أود قوله للشباب هو أن عليهم أن يخرجوا ويروا العالم من حولهم، سواء لفترة وجيزة لبضعة أسابيع أو شهر أو لفترات أطول من أجل الدراسة الثانوية أو الجامعية. لأن هذه هي الطريقة التي من خلالها سيتعلمون أفضل الأشياء وسيحضرونها معهم إلى اليابان. إن الانطلاق في آفاق العالم الخارجي، واكتشاف وإحضار الأفكار هو أمر يجب أن يتجدد في عقول كل الأجيال. وأن مثل هذه الأفكار الشغوفة سوف تعود عليهم بالنفع في مختلف مسارات حياتهم. كما كان في بعثة إيواكورا قبل 150 عامًا، فمسألة الخروج والعودة بشيء جديد هو شيء يمكن للشبان فعله بشكل أفضل من الكبار، وهو أمر مغذي لحياتهم. (النص الأصلي نُشر باللغة الإنكليزية والترجمة منه. المقالة بناء على مقابلة أُجريت في 27 يوليو/ تموز 2023 في مكتب Nippon.com بطوكيو. المُحاور: أكاساكا كيوتاكا، المدير الممثل لمؤسسة نيبون للاتصالات. جميع حقوق الصورلـ Nippon.com) كانت هذه تفاصيل خبر اليابان | رؤية حول مستقبل اليابان والخيارات العالمية المتاحة في حوار مع الكاتب البريطاني بيل إيموت لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكامله ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد. كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على نيبون وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.
مشاركة :