تخمة المعروض تهبط بأسعار النفط وتطغى على الطلب القوي

  • 3/11/2016
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

مالت أسعار النفط الخام أمس نحو الانخفاض بعد مكاسب قوية ومؤثرة سابقة، نجح فيها خام برنت ليتجاوز 40 دولارا للبرميل، إلا أن حالة عدم الاستقرار في السوق تقود إلى ارتدادات سعرية نحو الانخفاض بتأثير من استمرار تخمة المعروض التي تحد من ارتفاع الأسعار ومن تأثير تحسن مستويات الطلب. وتأثرت السوق باتجاه الدولار إلى الارتفاع على حساب اليورو وهو ما يضعف نسبيا أسعار النفط بسبب العلاقة العكسية بين سعري النفط والدولار، كما أسهم ارتفاع مستوى المخزونات النفطية الأمريكية في إضعاف الأسعار بسبب تجديد المخاوف من ضعف مستوى الطلب في المرحلة الراهنة. وسادت قناعة في الأسواق بأن الانخفاضات ستظل محدودة في مقابل ارتفاع الأسعار الذي سيطغى على الأسواق في المرحلة الراهنة نتيجة استمرار الآمال بشأن توافق المنتجين على تجميد الإنتاج خلال الاجتماع المرتقب في روسيا الذي يجيء بالتزامن مع انهيارات حادة في مستويات الإنتاج الأمريكى ما يقلص المعروض ويدعم الأسعار. ويقول لـ "الاقتصادية"، بيرنارد ماير أستاذ الكيمياء الجيولوجية في جامعة كاليجاري في كندا، "إنه رغم تأجيل اجتماع كيوتو الذي كان مقررا له اليوم إلا أننا يجب أن ندرك أن دول أمريكا اللاتينية لديها حافز أكبر لخفض الأسعار ولذا تبذل جهدا كبيرا لتحفيز بقية المنتجين على قضية تجميد الإنتاج ولذا كان التفكير في مبادرة تجمع منتجي دول أمريكا اللاتينية لتنسيق المواقف بين فنزويلا والإكوادور من أعضاء "أوبك" والمكسيك وكولومبيا من خارج "أوبك" وكان يمكن أن يمثل تحضيرا جيدا قبل اجتماع المنتجين المرتقب في روسيا". وشدد ماير على أهمية التحضير الجيد لاجتماع روسيا المتوقع بما يجعل مهمة إقناع جميع الأطراف بتجميد الإنتاج أقل صعوبة، مشيرا إلى ضرورة ألا تخرج إيران عن إجماع المنتجين وإلا فستكون سببا في إفشال التعاون الدولي المرتقب والواسع في هذا المجال. وأشار ماير إلى أن التحرك اللاتيني هو تحرك مطلوب للتكامل مع بقية المنتجين خاصة أن اقتصاديات فنزويلا وبقية دول القارة تعتمد بشكل رئيسي على صادرات الخام وواجهت خسائر حادة في الفترة الماضية عقب انهيار أسعار النفط، منوها برغبة دول أمريكا اللاتينية الجادة في التعاون مع "أوبك" وبقية المنتجين لدعم الاستقرار في السوق. وقال كارلوس باريخا وزير النفط الإكوادوري "إن تأجيل اجتماع لمنتجي النفط في أمريكا اللاتينية يهدف إلى توحيد المنطقة في دعم تجميد مستويات الإنتاج أو أي إجراءات أخرى لتعزيز الأسعار بعدما كان مقررا عقده الجمعة بسبب صعوبات تتعلق بجداول الأعمال". وكان هذا الاجتماع سيسبق اجتماعا محتملا لمنتجي النفط في منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" وخارجها في روسيا هذا الشهر، لكن الوزير الإكوادوري أكد أنه من غير المرجح عقده قبل نهاية الشهر، مشيرا إلى أن إحدى المشكلات هي أن جداول أعمال الوزراء معقدة للغاية، "وأعتقد أنه قد يعقد في نهاية الشهر الحالي أو مطلع الشهر المقبل". وكان من المفترض أن يشارك في اجتماع كيتو مصدرو النفط الرئيسيون في المنطقة وهم فنزويلا وكولومبيا والإكوادور والمكسيك، وتعد هذه أول بادرة مهمة على أن كولومبيا والمكسيك وهما من منتجي النفط غير الأعضاء في "أوبك" ستشاركان في الجهود الرامية إلى دعم الأسعار التي تأثرت كثيرا جراء مخاوف متعلقة بتخمة المعروض العالمي. إلى ذلك، أوضح دييجو بافيا رئيس شركة "إينو إنرجي" للطاقة في هولندا، أن ارتفاع مخزونات النفط يمثل عقبة في إطار تعافي أسعار الطاقة التقليدية خاصة مع توقعات تحسن في مستويات صرف الدولار، أمام بقية العملات الرئيسية وهو ما يؤكد أن الضغوط ما زالت مرتفعة على الرغم من التقلص الحاد في المعروض النفطي الأمريكي نتيجة توقف الحفارات وانهيار الإنتاج الصخري. وأشار بافيا إلى أن الدعوة إلى تجميد الإنتاج ناجحة وتتسع يوما بعد يوم لتضم منتجين آخرين "ووجدنا قبولا روسيا وخليجيا ولاتينيا للمبادرة وأيضا انضمت إليها أخيرا الجزائر"، مشددا على أن الجميع يدركون جيدا أن العقبة الوحيدة تتمثل في إيران وأن فرص النجاح أكبر من فرص الفشل رغم اشتراط كل المنتجين أن يكون الالتزام بتجميد الإنتاج جماعيا دون أي استثناءات حتى يتحقق مردود جيد وسريع في السوق. وطالب بافيا بضرورة الإسراع في الخطوات الرامية نحو زيادة الاعتماد على التكنولوجيا وتطوير موارد الطاقة الجديدة والمتجددة وألا تبقى الدول القائمة على صادرات النفط الخام فقط تحت تأثير ومخاطر سوق الطاقة التقليدية شديدة التغير التي تتسم بالتقلبات السعرية الحادة. من جهته، أشار لـ "الاقتصادية"، آندرياس جيني مدير شركة "ماكسويل كوانت" للخدمات النفطية، إلى أنه من الضروري الإسراع في المشاورات بين منتجي النفط بشأن اجتماع روسيا بعدما صدرت تصريحات من موسكو أنه ربما يتم تعديل موعد ومكان عقد اجتماع المنتجين. وقال جيني "إن عدم حسم مكان وموعد عقد الاجتماع قد يفسره البعض بصعوبة المشاورات بين المنتجين أو بجدية عقد الاجتماع ما سيؤثر سلبا في الأسعار تدريجيا خاصة إذا انقضى شهر آذار (مارس) دون عقد الاجتماع". وأضاف جيني أن "توجهات المنتجين مختلفة وأولويات العمل متباينة لكن من الأهمية إدراك أن صعوبات وتحديات السوق تتطلب عملا جماعيا وأن الإسراع في معدلات النمو الاقتصادي يتطلب ضرورة تكامل الجهود وتنسيق المواقف". إلى ذلك، تراجعت أسعار النفط أمس بعد أن سجل الخام الأمريكي أعلى مستوياته لعام 2016 في الجلسة السابقة واجتياز برنت 40 دولارا للبرميل مع تحذير المحللين من صعوبة تحقيق مكاسب أكبر في ظل استمرار تخمة المعروض العالمي التي تطغى على الطلب القوي. وقال المحللون "إن الأسواق تأثرت أيضا بالتوقعات لمزيد من التحفيز من البنك المركزي الأوروبي هذا الأسبوع وهو ما سيقوي الدولار مقابل اليورو وقد يكبح تجارة النفط المقومة بالعملة الأمريكية". وبحسب "رويترز"، فقد سجلت العقود الآجلة لخام برنت 40.65 دولار للبرميل بانخفاض 42 سنتا عن الإغلاق السابق، بينما نزل الخام الأمريكي 30 سنتا ليسجل 37.99 دولار للبرميل. وحقق النفط الخام الأمريكي ارتفاعًا بأكثر من 45 في المائة منذ أن بلغ أدنى مستوياته في 12 عاما منتصف شباط (فبراير) الماضي، بفعل تسوية مراكز مدينة، إضافة إلى آمال اتفاق كبار المنتجين على خفض الإنتاج العالمي ودعم الأسعار، بالتزامن مع تباطؤ وتيرة إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة.

مشاركة :