إلى متى تستمر هيمنة «حزب الله» على الأوضاع في لبنان؟

  • 9/14/2023
  • 02:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

يمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الغباء‭ ‬حلا‭ ‬هو‭ ‬الآخر‭. ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬لحزب‭ ‬الله‭ ‬وهو‭ ‬ممثل‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬أن‭ ‬يقنعنا‭ ‬بأن‭ ‬مزيدا‭ ‬من‭ ‬السلاح‭ ‬يعني‭ ‬مزيدا‭ ‬من‭ ‬القوة‭ ‬لا‭ ‬في‭ ‬الساحة‭ ‬المحلية‭ ‬وحدها‭ ‬بل‭ ‬وأيضا‭ ‬في‭ ‬الساحات‭ ‬الإقليمية‭.‬ لا‭ ‬تُقاس‭ ‬الأمور‭ ‬على‭ ‬تجربة‭ ‬سوريا‭. ‬كان‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬نظام‭ ‬بشار‭ ‬الأسد‭ ‬في‭ ‬جزء‭ ‬كبير‭ ‬منه‭ ‬يقع‭ ‬في‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬الإبقاء‭ ‬على‭ ‬طريق‭ ‬طهران‭ ‬بيروت‭ ‬سالكة‭ ‬لضمان‭ ‬وصول‭ ‬الأسلحة‭ ‬الإيرانية‭ ‬إلى‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬لبنان‭. ‬وليس‭ ‬السؤال‭ ‬عن‭ ‬العراق‭ ‬هنا‭ ‬ضروريا‭. ‬ذلك‭ ‬لأن‭ ‬العراق‭ ‬صار‭ ‬بعد‭ ‬احتلاله‭ ‬إمارة‭ ‬إيرانية‭.‬ كل‭ ‬ما‭ ‬يفعله‭ ‬الإيرانيون‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬هيمنتهم‭ ‬غير‭ ‬المسبوقة‭ ‬على‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬المنطقة‭ ‬يمكن‭ ‬اختصاره‭ ‬بطريق‭ ‬السلاح‭ ‬الذي‭ ‬يشكل‭ ‬شبكة‭ ‬تمتد‭ ‬من‭ ‬طهران‭ ‬إلى‭ ‬بيروت‭ ‬مرورا‭ ‬بسوريا‭ ‬والعراق‭.‬ ولقد‭ ‬استعار‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬‮«‬حزب‭ ‬الله‮»‬‭ ‬فكرته‭ ‬عن‭ ‬القوة‭ ‬من‭ ‬الإيرانيين‭ ‬فهو‭ ‬صنيعتهم‭ ‬التي‭ ‬تواليهم‭ ‬عقائديا‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تتصرف‭ ‬بما‭ ‬يمليه‭ ‬عليها‭ ‬واجبها‭ ‬في‭ ‬الخدمة‭ ‬الجهادية‭ ‬المأجورة‭. ‬فإيران‭ ‬حين‭ ‬رغبت‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬دولة‭ ‬قوية‭ ‬لم‭ ‬تنظر‭ ‬سوى‭ ‬إلى‭ ‬الماكينة‭ ‬العسكرية‭ ‬ولم‭ ‬تكترث‭ ‬بالإنسان‭ ‬باعتباره‭ ‬البعد‭ ‬الأهم‭ ‬في‭ ‬الحياة‭.‬ لذلك‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نقول‭ ‬إن‭ ‬المليشيات‭ ‬التابعة‭ ‬لإيران‭ ‬حين‭ ‬قررت‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬قوية‭ ‬فإنها‭ ‬لجأت‭ ‬إلى‭ ‬الأسلوب‭ ‬الإيراني‭. ‬فلا‭ ‬قوة‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬سلاح‭ ‬والسلاح‭ ‬هو‭ ‬المصدر‭ ‬الوحيد‭ ‬للقوة‭. ‬لا‭ ‬سؤال‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭.‬ ولكن‭ ‬ماذا‭ ‬لو‭ ‬حدث‭ ‬وأن‭ ‬خذل‭ ‬السلاح‭ ‬صاحبه‭ ‬في‭ ‬حروب‭ ‬صارت‭ ‬الجيوش‭ ‬فيها‭ ‬تتسابق‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬الأخف‭ ‬والأسرع‭ ‬والأكثر‭ ‬دقة‭ ‬والأقل‭ ‬كلفة‭ ‬من‭ ‬السلاح؟ كان‭ ‬مأزق‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفييتي‭ ‬السابق‭ ‬واضحا‭ ‬وهو‭ ‬قد‭ ‬أثقل‭ ‬نفسه‭ ‬بأسلحة‭ ‬لن‭ ‬يستخدمها‭ ‬وأهمل‭ ‬الإنسان‭ ‬بحاجاته‭ ‬التي‭ ‬تبدو‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأحيان‭ ‬تافهة‭ ‬ورخيصة‭ ‬وكمالية‭ ‬وغير‭ ‬ضرورية،‭ ‬غير‭ ‬أنها‭ ‬في‭ ‬حقيقتها‭ ‬تشكل‭ ‬عنصرا‭ ‬جوهريا‭ ‬من‭ ‬كيانه‭ ‬الذي‭ ‬يربط‭ ‬بين‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬يومي‭ ‬مستهلك‭ ‬وما‭ ‬هو‭ ‬سرمدي‭ ‬خالد‭. ‬ليست‭ ‬أسطورة‭ ‬الإنسان‭ ‬سوى‭ ‬مجموعة‭ ‬يومياته‭ ‬التي‭ ‬تبدو‭ ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬نظر‭ ‬العقائديين‭ ‬لا‭ ‬قيمة‭ ‬لها‭.‬ ثقل‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفييتي‭ ‬بسلاحه‭ ‬فسقط‭. ‬وكان‭ ‬هو‭ ‬الآخر‭ ‬يهدي‭ ‬السلاح‭ ‬إلى‭ ‬دول‭ ‬عديدة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬كانت‭ ‬تدور‭ ‬في‭ ‬فلكه‭. ‬سقط‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفييتي‭ ‬لأنه‭ ‬كان‭ ‬قويا،‭ ‬بمعنى‭ ‬اعتماده‭ ‬مفهوم‭ ‬السلاح‭ ‬باعتباره‭ ‬المصدر‭ ‬الوحيد‭ ‬للقوة،‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬قويا‭ ‬بعلمائه‭ ‬وأدبائه‭ ‬وخبرائه‭ ‬وموسيقييه‭ ‬ومفكريه،‭ ‬أي‭ ‬ببشره‭ ‬الذين‭ ‬تركوا‭ ‬بصمتهم‭ ‬المهمة‭ ‬في‭ ‬التاريخ‭.‬ الإيرانيون‭ ‬وأتباعهم‭ ‬المصابون‭ ‬بعقدة‭ ‬النجاح‭ ‬السوفييتي‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬المرور‭ ‬بأسباب‭ ‬السقوط‭ ‬المريع‭ ‬لدولة‭ ‬القياصرة‭ ‬الجدد‭ ‬المقنّعين‭ ‬يمضون‭ ‬في‭ ‬الطريق‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تتطلب‭ ‬كثيرا‭ ‬من‭ ‬الجهد‭ ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬فإنها‭ ‬تفرض‭ ‬هيمنة‭ ‬مطلقة‭ ‬على‭ ‬المجتمع‭.‬ كل‭ ‬الحريات‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تُصادر‭ ‬مقابل‭ ‬حرية‭ ‬السلاح‭. ‬وهل‭ ‬يبقى‭ ‬شيء‭ ‬بعد‭ ‬السلاح؟‭ ‬الأدهى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬حزب‭ ‬الله‮»‬‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬يسخر‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬الأطراف‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تحمل‭ ‬السلاح‭. ‬ويبدو‭ ‬الأمر‭ ‬كما‭ ‬لو‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬رغبة‭ ‬قوية‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬يتسلح‭ ‬الجميع‭ ‬لكي‭ ‬يكون‭ ‬سلاحه‭ ‬شرعيا‭. ‬يخشى‭ ‬‮«‬حزب‭ ‬الله‮»‬‭ ‬أن‭ ‬ينتصر‭ ‬عليه‭ ‬أصحاب‭ ‬الكلمة‭. ‬لذلك‭ ‬كانت‭ ‬سلسلة‭ ‬المقتولين‭ ‬على‭ ‬يده‭ ‬تضم‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المفكرين،‭ ‬كان‭ ‬الناشط‭ ‬اللبناني‭ ‬لقمان‭ ‬سليم‭ ‬آخرهم‭ ‬كما‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬مؤشرات‭ ‬عدة‭.‬ ولكن‭ ‬إلى‭ ‬متى‭ ‬يظل‭ ‬الاستقواء‭ ‬بالسلاح‭ ‬هو‭ ‬الحل‭ ‬الذي‭ ‬يملكه‭ ‬‮«‬حزب‭ ‬الله‮»‬‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬الهيمنة‭ ‬على‭ ‬حاضر‭ ‬لبنان‭ ‬ومستقبله؟‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬السلاح‭ ‬قادرا‭ ‬على‭ ‬استقدام‭ ‬آلة‭ ‬الزمن‭ ‬لفكر‭ ‬‮«‬حزب‭ ‬الله‮»‬‭ ‬في‭ ‬الهيمنة‭ ‬على‭ ‬ماضي‭ ‬لبنان‭.‬ ذلك‭ ‬كله‭ ‬لن‭ ‬يمر‭ ‬بطريقة‭ ‬يسيرة‭. ‬لبنان‭ ‬في‭ ‬مشكلة‭ ‬كبيرة‭ ‬غير‭ ‬تلك‭ ‬المشكلات‭ ‬التي‭ ‬تتعلق‭ ‬بالوضع‭ ‬المعيشي‭ ‬ومظلومية‭ ‬المودعين‭ ‬ونظامه‭ ‬المصرفي‭ ‬ورثاثة‭ ‬نظامه‭ ‬السياسي‭ ‬وموقفه‭ ‬العبثي‭ ‬من‭ ‬محيطه‭.‬ تلك‭ ‬هي‭ ‬مشكلة‭ ‬السلاح‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬التي‭ ‬جعلت‭ ‬منه‭ ‬بلدا‭ ‬ضعيفا‭ ‬يُدار‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬دولة‭ ‬فاشلة‭ ‬لن‭ ‬تعلن‭ ‬إفلاسها‭ ‬لكي‭ ‬لا‭ ‬تُمحى‭ ‬من‭ ‬الخارطة‭. ‬غير‭ ‬أن‭ ‬اللبنانيين‭ ‬لن‭ ‬يتمكّنوا‭ ‬من‭ ‬إنهاء‭ ‬احتلال‭ ‬‮«‬حزب‭ ‬الله‮»‬‭ ‬لبلدهم‭ ‬في‭ ‬القريب‭ ‬العاجل‭. ‬ستنهي‭ ‬القوة‭ ‬نفسها‭ ‬بنفسها،‭ ‬ولكن‭ ‬ذلك‭ ‬الحل‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬زمن‭ ‬طويل‭. ‬وما‭ ‬لم‭ ‬تغير‭ ‬إيران‭ ‬من‭ ‬سياساتها‭ ‬الخارجية‭ ‬فإن‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬سيظل‭ ‬في‭ ‬مكانه‭ ‬وكل‭ ‬عدو‭ ‬يختار‭ ‬عدوه‭ ‬ويتمنى‭ ‬أن‭ ‬يسلحه‭.‬ ‮«‬السلاح‭ ‬هو‭ ‬الحل‮»‬‭ ‬شعار‭ ‬إيراني‭ ‬تسلل‭ ‬مثل‭ ‬العقائدية‭ ‬الإيرانية‭ ‬إلى‭ ‬العراق‭ ‬وسوريا‭ ‬ولبنان‭ ‬واليمن‭. ‬عادت‭ ‬تلك‭ ‬الدول‭ ‬إلى‭ ‬منطق‭ ‬القوة‭ ‬المحلية‭ ‬المتخلفة‭. ‬كمٌّ‭ ‬هائل‭ ‬من‭ ‬السلاح‭ ‬وضعف‭ ‬خطير‭ ‬في‭ ‬المعرفة‭ ‬والعلم‭. ‬ذلك‭ ‬ما‭ ‬سيقود‭ ‬إلى‭ ‬انهيار‭ ‬تلك‭ ‬القوة‭ ‬بطريقة‭ ‬غير‭ ‬متوقعة‭. ‬فهي‭ ‬قوة‭ ‬تخلو‭ ‬من‭ ‬الطابع‭ ‬الإنساني‭. ‬قوة‭ ‬لا‭ ‬تحترم‭ ‬الإنسان‭ ‬الذي‭ ‬يسعى‭ ‬إلى‭ ‬الإعلاء‭ ‬من‭ ‬شأنها‭.‬ {‭ ‬كاتب‭ ‬عراقي

مشاركة :